الدولة تبدأ الحصر الشامل لوحدات الإيجار القديم.. خبراء: خطوة مفصلية لإعادة التوازن

تقرير – آيــة زكـي
يشهد ملف الإيجار القديم في مصر تطورًا لافتًا مع انطلاق الحصر الشامل للوحدات السكنية والتجارية والإدارية الخاضعة لهذا النظام، في خطوة تستهدف جمع بيانات دقيقة تمهيدًا لتطبيق القوانين الجديدة التي تعيد تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
وكلف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بسرعة تشكيل لجان لحصر وتصنيف المناطق السكنية لتحديد الحد الأدنى للإيجار خلال 7 سنوات، على أن تنهي أعمالها خلال 3 أشهر.
حصر شامل لأول مرة منذ 2017
يستعد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لإجراء مسح ميداني يغطي جميع المحافظات، بهدف تحديد أعداد الوحدات الخاضعة للإيجار القديم وحالتها من حيث الإشغال أو الشغور، وجمع بيانات الملاك والمستأجرين.
القاهرة والجيزة في الصدارة
وفق آخر حصر أجري عام 2017، بلغ عدد الأسر المقيمة في شقق إيجار قديم نحو 1.64 مليون أسرة تضم أكثر من 6 ملايين مواطن، مع تركز 82% منها في أربع محافظات، تتصدرها القاهرة بنسبة 41%، تليها الجيزة، ثم الإسكندرية والقليوبية.
خبير قانوني : القوانين الجديدة تحتاج بيانات دقيقة لتطبيق عادل
وقال أيمن محفوظ، خبير قانوني ومحامي بالنقض: أن عملية الحصر التي ينفذها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تستهدف رصد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم بدقة، سواء كانت مشغولة أو شاغرة، مع جمع بيانات عن الملاك والمستأجرين، وتحديد طبيعة الاستخدام (سكني أو تجاري أو إداري).
وأوضح محفوظ في تصريحات خاصة لـ “اليوم“، أن المرحلة الأولى ستولي اهتمامًا خاصًا بالمحافظات الأربع الكبرى في هذا الملف: القاهرة التي تستحوذ على 41% من إجمالي الوحدات، تليها الجيزة، الإسكندرية، والقليوبية، استنادًا إلى حصر 2017 الذي رصد نحو 1.64 مليون أسرة تضم أكثر من 6 ملايين مواطن. وأضاف أن القوانين الجديدة، ومنها القانون رقم 164 لسنة 2025 وتعديل القانون رقم 165 لسنة 2025، وضعت آليات واضحة لإنهاء بعض العقود تدريجيًا وإعادة تنظيم العلاقة الإيجارية، وهو ما يتطلب بيانات دقيقة لتسهيل التطبيق عبر اللجان المحلية بالمحافظات.
خبير اقتصادي: الحصر نقطة تحول لإعادة ضبط السوق العقاري
ومن جانبه، أوضح الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن بدء الحصر الشامل للوحدات الخاضعة للإيجار القديم يمثل نقطة تحول حقيقية في هذا الملف الشائك الذي ظل معلقًا لعقود طويلة، مشيرًا إلى أن غياب قاعدة بيانات دقيقة كان دائمًا أحد أبرز العوائق أمام اتخاذ قرارات عادلة وفعّالة تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر.
وأكد خضر في تصريحات خاصة لـ”اليوم“، أن وجود بيانات واضحة حول أعداد الوحدات، وحالتها، ونوعية استخدامها، سيمكن الدولة من صياغة سياسات أكثر واقعية، تضع في الاعتبار مصلحة الطرفين، وتحافظ في الوقت نفسه على التوازن في سوق العقارات،مضيفًا أن تحرير الوحدات المغلقة أو غير المستغلة وإعادة إدماجها في السوق العقاري سيؤدي إلى زيادة حجم المعروض من الوحدات، وهو ما من شأنه أن يخفف من الضغوط السعرية على الإيجارات، خاصة في المناطق التي تعاني ندرة نسبية في المعروض.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الخطوة قد تسهم على المدى المتوسط في إعادة ضبط أسعار الإيجارات، سواء عبر كبح جماح الارتفاعات غير المبررة أو تحقيق نوع من الاستقرار السعري، لافتًا إلى أن الأثر الفعلي سيختلف من منطقة لأخرى وفقًا لطبيعة العقار وموقعه ومدى الإقبال عليه.
واعتبر خضر أن الحصر ليس مجرد إجراء فني أو إحصائي، بل هو تمهيد لمرحلة جديدة من السياسات العقارية التي تستهدف العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في آن واحد، بما يضمن تحقيق التوازن بين حقوق الملاك ومصالح المستأجرين، ويعيد توظيف الأصول العقارية المغلقة أو المهملة في خدمة الاقتصاد الوطني.