“حسبنا الله ونعم الوكيل” ليست مجرد كلمات تُردد عند الظلم أو القهر، بل هي دعاء يحمل في طياته أعظم معاني التوكل واليقين بقدرة الله عز وجل على الكفاية والحماية. دار الإفتاء المصرية نصحت بترديد الآية الكريمة: “حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ” سبع مرات كل مساء، لما لها من أثر عظيم في دفع هموم الدنيا والآخرة.
معنى “حسبنا الله ونعم الوكيل” في حياة المسلم
تشير عبارة “حسبنا الله” إلى أن الله هو الكافي لعبده في كل أموره، بينما “نعم الوكيل” تعني أن الله هو القائم على شؤون عباده، المتولي لحفظهم ورعايتهم. هذه العبارة تجمع بين الكفاية التامة واليقين المطلق بقدرة الله على رد الأذى وجلب الخير.
في تفسيرات العلماء، حين يتعرض المسلم للظلم أو القهر ويردد هذه العبارة، فإنه يضع أمره بين يدي الله القادر على تحقيق العدل وإنصاف المظلومين، كما يشير الدعاء إلى إيمان عميق بأن الله وحده هو القادر على تيسير الأمور وحماية الإنسان من الشرور.
هل الدعاء بـ”حسبنا الله ونعم الوكيل” حرام؟
أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية السابق، أن قول المسلم “حسبنا الله ونعم الوكيل” ليس حرامًا حتى لو كان في مواجهة من ظلمه. ومع ذلك، نصح عاشور بتجنب ذكر أسماء الأشخاص في الدعاء لتجنب النية السيئة، والاكتفاء بالقول المجرد.
وأضاف أن الله ينصف المظلوم بما يناسب عدله ورحمته، إذ قد يُعاقب الظالم على أفعاله أو يعفو عنه لحكمة يعلمها الله، مما يعزز الإيمان بعدل الله وقدرته على إدارة الأمور بحكمة إلهية.
عدد مرات ترديد الدعاء وأثره الروحي
أوصى كبار العلماء والمشايخ، ومن بينهم الدكتور علي جمعة، بتكرار قول “حسبنا الله ونعم الوكيل” 450 مرة يوميًا كوسيلة لزيادة الإيمان والوقاية من الشرور. وأشار جمعة إلى أن هذا الدعاء ورد في القرآن والسنة النبوية، ويُعد من أعظم الأدعية التي تعزز من الطمأنينة وتجلب الخير.
فوائد ترديد “حسبنا الله ونعم الوكيل”
1. دفع الأذى والسوء
ورد في القرآن الكريم قصة الصحابة في “حمراء الأسد” بعد معركة أحد، حين حاول المنافقون تخويفهم بأن قريش جمعت لهم الجموع. لكن الصحابة ردوا بقوة إيمان: “حسبنا الله ونعم الوكيل”، فزادهم ذلك إيمانًا وانقلبوا إلى ديارهم سالمين.
2. كسب رضا الله
يحب الله عبده الذي يضع ثقته الكاملة فيه، ويرفعه درجات بسبب توكله عليه وحده دون غيره.
3. بث الرعب في قلوب الظالمين
عندما يسمع الظالم ترديد هذه العبارة، يشعر بقوة العقيدة التي يحملها المظلوم، مما يثير في نفسه القلق والخوف من عدالة الله.
4. كفاية الهموم والأحزان
الدعاء يطمئن قلب المؤمن، ويصرف عنه مخاوف الحياة وأعباءها، ويجلب له السكينة والرضا.
5. تحقيق الفرج وتيسير الأمور
من أعظم أسرار هذا الدعاء أنه يفتح أبواب الرزق، وييسر الصعوبات التي تواجه المؤمن.
ورود “حسبنا الله ونعم الوكيل” في القرآن والسنة
في القرآن الكريم
جاء ذكر الدعاء في سورة آل عمران، حينما وصف الله حال الصحابة بعد أن أصابهم الجراح في غزوة أحد. حاول المنافقون تثبيط عزيمتهم بتهديدهم بجيوش قريش، لكن الصحابة ردوا بقولهم: “حسبنا الله ونعم الوكيل”. وجاءت النتيجة أن الله رد عنهم الأذى وأبدلهم النصر والفضل العظيم.
قال الله تعالى:
“الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ” (آل عمران: 173-174).
في السنة النبوية
ذكر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن هذا الدعاء كان على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وعلى لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء مواجهة المشركين في “حمراء الأسد”.
قال ابن عباس:
“حسبنا الله ونعم الوكيل: قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم”.
دعاء للمظلومين والمهمومين
“حسبنا الله ونعم الوكيل” ليس دعاءً للمظلومين فقط، بل يصلح كذلك لمن يحمل هموم الدنيا أو يواجه المخاوف. فالدعاء يعمل كحصن للمؤمن من الشرور ويمنحه الأمل في رحمة الله.
درع الحماية الروحي
تكرار دعاء “حسبنا الله ونعم الوكيل” يُمثل وسيلة فعّالة للتغلب على المصاعب، ودفع الأذى، وزيادة الإيمان. إنه دعاء يجسد التوكل المطلق على الله في مواجهة تحديات الحياة، مما يفتح أبواب السكينة والطمأنينة للمؤمن. تذكر دائمًا أن الله حسبك، وهو نعم الوكيل في كل أمورك.
