سعيد صادق في حوار مع “اليوم”: ترامب قد يستغل قرار الجنائية الدولية للضغط سرًا على نتنياهو
صادق: قرار الجنائية الدولية يشكل ضغطًا إضافيًا على إسرائيل، ترامب قد يسعى لتوظيف القرار الدولي لتحقيق تهدئة قبل تنصيبه، محكمة الجنائية قد تفتح بابًا لملاحقة القادة الإسرائيليين، التوازنات الدولية الحالية تحول دون تطبيق القرار بالكامل

لاقى قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه السابق يواف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة ترحيباً عربياً ودولياً، حيث أبدت العديد من الدول العربية والدول الأوروبية استعدادها لتنفيذ القرار واعتقالهما في حال زيارتهما.
وللتعقيب على تداعيات مذكرة الجنائية الدولية، أجرى موقع “اليوم” حوار حصري مع د. سعيد صادق، أستاذ دراسات السلام بجامعة مصر اليابان، سلطنا الضوء على مدى استعداد العالم لتنفيذ هذه المذكرات، وتوقعات تأثيرها على الوضع الدولي والإسرائيلي. كما استعرضنا مواقف الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكيف يمكن أن يؤثر هذا القرار على الحرب في غزة ومستقبل القضية الفلسطينية.
– هل العالم مستعد لتطبيق مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت؟
تنفيذ أمر الاعتقال يعتمد على الدول الـ123 الموقعة على اتفاقية روما والعضوة في المحكمة الجنائية الدولية. أما باقي الدول غير الأعضاء، فلن تطبق القرار. ومع ذلك، لتجنب الإحراج من استضافة مجرم حرب، ستحجم هذه الدول عن دعوة نتنياهو أو غالانت، مما يجعل إعادة انتخاب نتنياهو أمرًا صعبًا.
الوضع الدولي الحالي لا يشير إلى استعداد شامل لتطبيق القرار، لكن المذكرة ستُضعف سمعة إسرائيل على الساحة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارًا مشابهًا لإدانة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.
الانتصار في القضية الفلسطينية يتحقق عبر خطوات تراكمية، أشبه بـ”الانتصار بالنقاط”، وليس بضربة قاضية. تجدر الإشارة إلى أن هناك فقط أربع دول عربية موقعة على اتفاقية روما، وهي لبنان، الأردن، فلسطين، والجزائر.
– كيف يمكن مقارنة هذا القرار بتجارب أخرى؟
القضاء الأوروبي يتميز باستقلاليته، وقد سبق أن أُلقي القبض على مجرمي حرب مثل ديكتاتور تشيلي بينوشيه. بناءً على ذلك، من المحتمل أن يمتنع نتنياهو عن السفر إلى العديد من الدول قبل أن يحصل على ضمانات مسبقة بعدم اعتقاله، وهو أمر يصعب تحقيقه. لذلك، سيتجنب السفر إلى دول معينة خوفًا من الملاحقة.
– هل الحكومات الغربية تعادي شعوبها المؤيدة للقضية الفلسطينية، أم تسهم في تضييق الخناق على نتنياهو وغلانت؟
جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أكد أن الدول الأوروبية ملتزمة بتطبيق القرار. الامتناع عن تنفيذ المذكرة سيؤدي إلى تقويض النظام الدولي، وهو أمر لا يخدم مصالح العالم. لذا، تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية سيظل مهمًا، خاصة إذا حاول نتنياهو السفر إلى إحدى تلك الدول.
– ما انعكاسات المذكرة على الحرب في غزة؟ وهل تساهم في إنهائها؟
المذكرة ستثير القلق بين القيادات الإسرائيلية، خاصة قيادات الجيش. إذ أن المحكمة لن تتوقف عند رئيس الوزراء أو وزير الدفاع، بل ستنتقل إلى ملاحقة جنرالات آخرين. ومع ذلك، الحرب في غزة ستستمر لأن إسرائيل تعتبرها قرارًا استراتيجيًا يهدف إلى الاستيلاء على موارد الغاز في غزة، وإجبار السكان على مغادرة المنطقة.
إسرائيل تعيق أيضًا إعادة إعمار غزة، حيث تتطلب العملية حوالي 200 مليار دولار، وهو مبلغ لن يُصرف دون موافقة إسرائيل وأمريكا، ودون ضمان عدم وجود حماس في المشهد مجددًا. استراتيجية إفراغ غزة من سكانها مستمرة، وهذا يتضح من القتل اليومي للمئات من الفلسطينيين.
– كيف ستتعامل واشنطن، وكذلك إدارة الرئيس الجديد ترامب، مع الجنائية الدولية بعد صدور القرار؟
الحكم الصادر يمثل إدانة قانونية وأخلاقية وسياسية لإسرائيل، ويقوض مزاعمها بأنها مجرد “ضحية”. ترامب قد يستغل القرار للضغط سرًا على نتنياهو لتقديم تنازلات وتهدئة الصراع قبل توليه منصبه رسميًا في 20 يناير.
رغم ذلك، من الممكن أن يلتقي نتنياهو بترامب دون أن يُنفذ أي قرار دولي ضده. لكن مثل هذه الخطوة قد تشعل مظاهرات واسعة في الجامعات الأمريكية وتؤثر سلبًا على صورة أمريكا. لذا، من المتوقع أن يفضل ترامب عدم دعوة نتنياهو أو مقابلته لتجنب تعميق أزمة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وسط اتهامات بالإبادة خلال فترة بايدن.