محمود أبو الحسن يكتب: الإعلام وبناء الأوطان بين أمانة الكلمة وطموح الشباب

بين الضمير والتأثير، هناك مقولة جميلة تلقفتها من أستاذي الفاضل عبد العزيز السيد، رئيس قسم الصحافة سابقاً، وعميد كلية الإعلام بجامعة بني سويف حالياً، خلال إحدى المحاضرات بكلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي بقنا: “أعطني إعلاماً بلا ضمير، أعطيك شعباً مغيب الوعي”، وبمرور الوقت أدركت معنى هذه العبارة، التي تختصر المعركة بين الإعلام المسؤول والإعلام المضلل، فالإعلام الذي يفتقر إلى الضمير يمكن أن يكون أداة للهدم ونشر الجهل، بينما الإعلام المسؤول يعزز الوعي الوطني ويُسهم في بناء مجتمع متماسك.
وفي عالمنا المتغير بسرعة، يُعتبر الإعلام هو القوة التي تشكل وعي الشعوب، وتحدد مسارات المستقبل، فالصحافة بوصفها بذرة الإعلام وأساسه، تعد الحارس الأمين للحقيقة والعدالة، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين الإعلام المسؤول ودوره في بناء الأوطان، وبين ظهور جيل جديد قادر على مواكبة تطورات هذا المجال.
دراسة الإعلام ودور الجامعات
تلعب الجامعات دوراً محورياً في إعداد الكوادر الإعلامية، التي يحتاجها سوق العمل، فتخصص مثل الإعلام يُقدم اليوم في العديد من الجامعات بشكل متطور، حيث يركز على مهارات الصحافة التقليدية، والإعلام الرقمي، والإنتاج المرئي، وهذه البرامج الأكاديمية تهدف إلى تزويد الطلاب بالمعرفة التقنية والوعي الأخلاقي اللازمين لممارسة الإعلام بفعالية ومسؤولية.
ورغم أهمية هذه البرامج، يواجه سوق العمل تحدياً متزايداً يتمثل في الحاجة إلى وجوه جديدة تقدم رؤى مبتكرة، ولا شك بأن الشباب الخريجون هم عماد الإعلام الجديد، حيث يتمتعون بفهم عميق للتكنولوجيا الحديثة والاتجاهات الإعلامية العالمية، ولكنهم يحتاجون إلى فرص أكبر لإثبات قدراتهم في ظل هيمنة الأسماء التقليدية في المجال.
تكامل ولا تنافس بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي
مع ظهور الإعلام الجديد، باتت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمية تنافس الصحافة التقليدية في التأثير على الرأي العام، ورغم التحديات، يظل الإعلام التقليدي، مثل الصحف والقنوات التلفزيونية، مرجعاً أساسياً للمصداقية والعمق في التحليل.
تكمن الحاجة اليوم في إيجاد تكامل بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي، هذا التكامل يتطلب الاستفادة من الخبرات الراسخة في الإعلام التقليدي، مع توظيف قدرات الشباب وخريجي الجامعات في تطوير المحتوى الرقمي وتقديمه بأساليب مبتكرة.
الإعلام وبناء الأوطان
الإعلام ليس مجرد مهنة؛ إنه رسالة تحمل مسؤولية كبيرة في بناء الأوطان من خلال نشر الوعي، وتعزيز قيم المواطنة، ودعم الحوار المجتمعي، يسهم الإعلام في توجيه الشعوب نحو مستقبل أفضل.
لذا، فإن برامج دراسة الإعلام بالجامعات المصرية، ينبغي أن ترتبط بسوق العمل وتطوره، وبتوفير الفرص وتبني الأفكار الشابة، لضمان تخريج كوادر إعلامية تساهم في بناء مستقبل مشرق للأوطان.