يطرح جناح الأزهر الشريف في دورته السادسة والخمسين كتابًا جديدًا بعنوان “حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك”، في إطار مشاركته السنوية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تأليف الدكتور محمود حمدي زقزوق (1933-2020)، أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء.
يُعدّ هذا الكتاب إضافة جديدة إلى سلسلة إصدارات الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، بهدف الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام وتوضيح حقائقه.
الصراع الأزلي بين الحق والباطل
في مقدمة الكتاب، يستعرض زقزوق قصة الصراع بين الحق والباطل، مؤكدًا أن هذه المواجهة قديمة قِدم الإنسان نفسه، وستظل مستمرة ما دام الإنسان موجودًا على الأرض.
ويوضح أن الإسلام، منذ ظهوره، يخوض معركة مستمرة مع قوى الباطل التي تسعى لتشويه معالم الحق الذي جاء به.
أشار المؤلف إلى مفارقة غريبة تتعلق بموقف الإسلام من الأديان الأخرى، فرغم أنه الدين الخاتم الذي أعلن الكلمة الأخيرة لدين الله على الأرض، فإنه لم ينكر أيًّا من الأنبياء السابقين أو الكتب السماوية، بل جعل الإيمان بهم جزءًا أساسيًا من عقيدة كل مسلم. ورغم هذا التسامح، تعرض الإسلام لحملات ضارية من التشكيك والهجوم منذ ظهوره وحتى اليوم.
الإسلام ومعضلة التشويه الإعلامي
يشير زقزوق إلى أن الإسلام هو الدين الأكثر تعرضًا للظلم والافتراءات في وسائل الإعلام العالمية ويرجع ذلك، بحسب المؤلف، إلى سوء فهم متعمد أو غير متعمد للإسلام وتعاليمه، إضافة إلى الخلط بين الإسلام كدين وبين التصرفات الخاطئة لبعض أتباعه.
أوضح أن هذه التصرفات غير المسؤولة تُستخدم كذريعة لتبرير الهجوم على الإسلام، مشددًا على أن مواجهة هذا الظلم تتطلب بذل جهود علمية مكثفة لتصحيح الصورة المغلوطة ونشر الحقائق على نطاق واسع.
منهجية زقزوق في تفنيد الشبهات
في كتابه، يعتمد زقزوق أسلوبًا منهجيًا واضحًا في الرد على الشبهات. يبدأ بعرض كل شبهة في صورة سؤال، ثم يقدم ردًا متكاملًا يعتمد على الأدلة العقلية والنقلية، مبينًا زيف الادعاءات وضعف حججها ويعتمد المؤلف على معرفته الواسعة باللغات الأجنبية والكتابات الاستشراقية، التي يستخدمها إما لدعم حججه أو لدحض ادعاءاتها.
أكد زقزوق في مقدمة كتابه أن الشبهات التي تُثار حول الإسلام ليست جديدة، بل هي محاولات متكررة يتم إعادة صياغتها بطرق مختلفة، خاصة في ظل ثورة المعلومات وشبكات الإنترنت. وبيَّن أن هدف الكتاب هو تقديم ردود مركزة وشاملة على هذه الشبهات.
سبعة فصول لكشف زيف الادعاءات
يتألف الكتاب من سبعة فصول، صنف فيها المؤلف الشبهات إلى موضوعات متعددة، منها:
1. الشبهات حول القرآن الكريم
2. الشبهات حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم
3. الشبهات حول الفتوحات الإسلامية
4. الشبهات المتعلقة بقضايا الإنسان
5. الشبهات المتعلقة بالمرأة
6. الشبهات حول حرية الاعتقاد
7. الشبهات حول تعاليم الإسلام
كل فصل يركز على تفكيك الادعاءات الموجهة لهذا الجانب من الإسلام، مدعومًا بحجج منطقية وأدلة من النصوص الإسلامية والمصادر التاريخية.
جناح الأزهر في معرض الكتاب: منصة تنويرية
تأتي مشاركة الأزهر الشريف في المعرض للعام التاسع على التوالي في إطار مسؤوليته التعليمية والدعوية التي استمرت لأكثر من ألف عام ويقع جناحه في قاعة التراث رقم “4”، بمساحة تقدر بنحو ألف متر مربع، ويضم عدة أركان تثقيفية مثل:
قاعة الندوات: لمناقشة القضايا الفكرية والدينية.
ركن الفتوى: للإجابة عن استفسارات الزوار.
ركن الخط العربي: للتعريف بجماليات الخط الإسلامي.
ركن الأطفال: لتقديم أنشطة تربوية وتعليمية.
ركن المخطوطات: لعرض أمهات الكتب والوثائق النادرة.
رسالة الأزهر: تعزيز الفكر الوسطي
تهدف مشاركة الأزهر في المعرض إلى تعزيز الفكر الإسلامي الوسطي الذي تبناه طوال تاريخه، في مواجهة الأفكار المتطرفة وحملات التشويه
ويعد كتاب “حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك” نموذجًا عمليًا لهذه الرسالة التنويرية، إذ يسعى إلى تقديم صورة حقيقية عن الإسلام ودحض الأكاذيب التي تُثار حوله باستخدام أسلوب علمي رصين.
يظل الأزهر الشريف حاضرًا كحارس أمين على التراث الإسلامي، وفاعلًا رئيسيًا في نشر الوعي بقيم التسامح والتعايش، ليس فقط في مصر، بل في العالم أجمع.
