الصبر على الابتلاءات.. قوة الإيمان وثبات المؤمن

أكد الدكتور محمود الأبيدي، من علماء وزارة الأوقاف، في تصريحاته الأخيرة أن الصبر هو السمة التي تميز المؤمن الحقيقي. خلال مشاركته في برنامج “مع الناس” المذاع على قناة الناس، قال الأبيدي إن الصبر يعد عنوان الإيمان، مشيرًا إلى نبي الله أيوب عليه السلام الذي يُعتبر رمزًا للصابرين، حيث تعرض لابتلاءات شديدة بالمرض لفترة طويلة، ورغم ذلك صبر وثبت.
الصبر في القرآن والسنة
في حديثه، استحضر الأبيدي قصة نبي الله أيوب، الذي عندما اجتمع عليه البلاء، تردد البعض حول سبب معاناته، وذهبوا للقول إنه يعاني بسبب ذنب عظيم ارتكبه.
لكن أيوب عليه السلام لم يتردد في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء قائلاً: “إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”، فما كان من الله إلا أن استجاب لدعائه ورفع عنه البلاء.
وأشار الأبيدي أيضًا إلى قول الخليل إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم: “فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين”، موضحًا أن الابتلاءات هي امتحانات إلهية تهدف لاختبار قوة الإيمان وتوجيه الإنسان نحو الله سبحانه وتعالى في كل حالاته.
الجزء المشرق للصبر: جزاء الصابرين
وفي تفسيره لآية “لَا بُلْوِنَّكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَتَسْمَعُونَ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” من سورة التغابن، شدد الأبيدي على أن الصبر، سواء على المرض أو أي نوع آخر من البلاء، له جزاء عظيم عند الله تعالى، ويُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. كما أشار إلى أن الصبر يُعتبر علامة من علامات الإيمان، لاسيما في فترات الضيق والمرض، وهو ما يقرب العبد من ربه.
الحكمة من البلاء: تكامل الإيمان
وقال الأبيدي إن الابتلاءات هي بمثابة نوع من الاصطفاء من الله، مضيفًا أن المؤمن يكون دائمًا في اختبار لا يُحسن التعامل معه سوى المؤمنين الذين يؤمنون أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يدبر الأمور جميعها، سواء في السرَّاء أو الضَّراء.
في هذا السياق، ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له”.
أكد الأبيدي أن الاختبار الحقيقي يكمن في كيفية تعامل المؤمن مع البلاء، حيث يكون الصبر والشكر من أسمى صور الإيمان، ويعتبران من أرقى درجات التقوى في قلب المؤمن.
الصبر على الابتلاءات لا يعني فقط تحمل الأذى أو الألم، بل هو اختبار لإيمان المؤمن ووسيلة لتقوية العلاقة بالله سبحانه وتعالى. المؤمن الذي يصبر ويشكر في السراء والضراء هو المؤمن الذي يتقوى إيمانه ويقربه إلى ربه، محققًا بذلك أعلى درجات الرضا والطمأنينة.