في حوار لـ اليوم.. الشيخ محمد ثابت الوزير يكشف عن فضل زيارة المريض
كيف نحقق الغاية النبيلة من زيارة المرضى؟ نصائح من عضو لجنة الفتوى بالأزهر

أجري الحوار: أحمد فؤاد
في إطار اهتمام جريدة وموقع اليوم بتقديم القيم الإنسانية والاجتماعية من منظور إسلامي، حاورنا فضيلة الشيخ محمد ثابت الوزير، عضو لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، حول فضل زيارة المريض في الإسلام، وما تتضمنه من ثواب عظيم ومعانٍ إنسانية راقية.
كما سلط فضيلته الضوء على الآداب الشرعية التي ينبغي الالتزام بها أثناء زيارة المرضى، لضمان تحقيق الأثر الإيجابي المنشود لهذه السنة النبوية الكريمة. فإلى نص الحوار.

فضيلة الشيخ محمد ثابت الوزير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نشكركم على وقتكم ونود منكم إلقاء الضوء على فضل زيارة المريض وآدابها الشرعية التي يجب أن يلتزم بها الزائر.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكركم على استضافتي. زيارة المريض من أعظم الأعمال التي حث عليها الإسلام، فهي ليست مجرد واجب اجتماعي، بل عبادة ذات فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا».
– ما الهدف من زيارة المريض في الإسلام؟
زيارة المريض في الإسلام لها أهداف سامية، أهمها التخفيف عنه ومواساته في مرضه. المريض يكون في أشد الحاجة إلى من يُدخل السرور على قلبه، ويساعده على نسيان ألمه، ويبعث في نفسه الأمل، وهو ما يؤدي إلى تحقيق مبدأ التآخي والتآلف بين أفراد المجتمع. كما أن الزيارة تساعد المريض على تقوية يقينه بالله، وتشجعه على الصبر وحمد الله على قضائه.
– ما فضل زيارة المريض في الإسلام؟
فضل زيارة المريض عظيم جدًا، فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن زيارة المريض هي سبب من أسباب دخول الجنة. جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ» (رواه مسلم). وكلمة “الخُرْفة” تعني ما يجنيه الشخص من ثمار النخيل، في إشارة إلى عظيم الأجر الذي يناله الزائر.
– ما هي الآداب الشرعية التي يجب أن يلتزم بها الزائر عند زيارة المريض؟
الإسلام وضع مجموعة من الآداب التي يجب أن يلتزم بها الزائر ليحقق الهدف المرجو من الزيارة، وهي كالآتي:
1. إدخال التفاؤل والأمل في نفس المريض: يجب أن يبدأ الزائر حديثه بكلمات تطيب خاطر المريض وتخفف عنه، مثل قول: “لا بأس طهور إن شاء الله”، أو “يشفيك الله ويطيل عمرك”.
2. اختيار أطيب الكلام: ينبغي أن يكون كلام الزائر لينًا وحسنًا بعيدًا عن أي عبارات قد تسبب ضيقًا للمريض، كما قال الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾.
3. عدم إطالة الجلوس: من المهم ألا يُطيل الزائر وقته عند المريض، حتى لا يثقل عليه أو على أهل بيته.
4. الدعاء للمريض بالشفاء: الدعاء من أفضل ما يمكن أن يقدمه الزائر، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا فَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ (سَبْعَ مَرَّاتٍ)، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ» (رواه الترمذي).
5. اختيار الوقت المناسب للزيارة: ينبغي للزائر أن يزور المريض في وقت لا يسبب له مشقة أو يثقل على أهله.
6. حفظ أسرار المريض: من الواجب على الزائر ألا ينقل ما يراه أو يسمعه مما يخص المريض، لأن ذلك قد يسبب له إحراجًا أو أذى.
7. الختم بالدعاء والتفاؤل: من الأدب أن يختم الزائر مجلسه بالدعاء والتأكيد للمريض أن الله سيخفف عنه ويمد في عمره.
8. التذكير بلطف الله: تذكر أن كل ما يصيبك من ألم أو تعب هو لطف من الله، فهو يكفر به السيئات، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.”
– ماذا تقول لمن يطيل الجلوس أو يتحدث بكلمات تسبب الحرج للمريض؟
للأسف، هناك من يجهل هذه الآداب ويُطيل الجلوس عند المريض، مما قد يسبب له التعب أو يحرج أهل البيت. الإسلام ينهى عن ذلك بشدة، فقد قال الإمام الشعبي: “عيادة حمقى القراء أشد على أهل المريض من مريضهم؛ يأتون في غير وقت العيادة، ويطلبون الجلوس”. لذلك، على الزائر أن يكون حريصًا على مراعاة ظروف المريض، وأن يجعل زيارته مصدر سرور لا مشقة.
– ما الرسالة التي تود توجيهها إلى القراء بخصوص زيارة المرضى؟
أقول إن زيارة المريض ليست مجرد عمل اجتماعي، بل هي عبادة يحبها الله ورسوله. حافظوا على هذه السنة النبوية، والتزموا بآدابها، واحرصوا على أن تكون زيارتكم مصدرًا للراحة والسكينة للمريض وأهله. وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق».
“وفي النهاية، علينا أن نتذكر أن رحمة الله أوسع من كل شيء، وأن ما يصيبنا من أقدار هو لطف منه وتطهير لذنوبنا. فلنقابل ذلك بالصبر والشكر، مستبشرين بوعد الله وفضله.”
شكرًا جزيلًا لكم، فضيلة الشيخ محمد ثابت الوزير، على هذا الحوار الثري والمفيد.
بارك الله فيكم، ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
ختاماً
وفي نهاية الحوار، أعرب فضيلة الشيخ محمد ثابت الوزير عن شكره وتقديره لـجريدة وموقع اليوم على جهودها في نشر الوعي الديني والقيم الإنسانية، مؤكدًا أن مثل هذه الحوارات تساهم في تعزيز الأخلاق الإسلامية ونشر روح التراحم بين الناس. ودعا الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا دائمًا سببًا في تخفيف آلام الآخرين وإدخال السرور إلى قلوبهم.
