اهتزاز القمة.. قادة إسرائيل يغادرون مواقعهم تباعًا

قدمت يفعات يروشلمي، المسؤولة عن النيابة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، استقالتها اليوم، لتنضم إلى سلسلة من الاستقالات التي ضربت المؤسسة العسكرية والأمنية في إسرائيل على خلفية الفشل في التصدي لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023.
استقالة يروشلمي تأتي بعد ساعات من استقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، التي شكلت نقطة تحول في سلسلة الاستقالات المتواصلة منذ وقوع العملية، إذ بات الفشل في منع الهجوم الفلسطيني يشكل عبئًا على القيادات الأمنية والعسكرية.
وسائل إعلام عبرية، منها القناة 14، أفادت بأن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، قد يعلن استقالته قريبًا بعد الانتهاء من ترتيبات صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
ومصادر في الشاباك تؤكد أن بار كان أحد المسؤولين الذين تحملوا مسؤولية الإخفاقات، لكنه اختار تأجيل خطوته لضمان استكمال الإجراءات الجارية.
استقالات متتالية تكشف الثغرات
بدأت موجة الاستقالات بتخلي مسؤول قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية عن منصبه في فبراير 2024، تلاه رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا في أبريل من العام نفسه.
والفشل في تقديم إنذار مبكر عن التحركات الفلسطينية قبل عملية “طوفان الأقصى” مثّل تحديًا وجوديًا لوحدة الاستخبارات 8200، ما دفع قائدها اللواء يوسي شارييل إلى التنحي في سبتمبر 2024.
وعلى صعيد القيادات الميدانية، أعلن قائد فرقة غزة، آفي روزنفيلد، استقالته في يونيو 2024 بعد أن تمكنت كتائب القسام من السيطرة على مقرات عسكرية إسرائيلية في هجوم مباغت.
قائد المنطقة الجنوبية في الشاباك كان أيضًا ضمن قائمة المستقيلين، إذ أعلن تنحيه في يوليو 2024، ما أظهر ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية.
تداعيات الفشل الأمني
عملية “طوفان الأقصى”، التي وُصفت بأنها الضربة الأمنية الأشد منذ عقود، أظهرت ثغرات في أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي.
الفشل في رصد التحركات المبكرة للمقاومة الفلسطينية وتنفيذ ردود فعل فعّالة كشف هشاشة في منظومة الردع الإسرائيلية، الأمر الذي أدى إلى ضغوط داخلية واسعة النطاق.
هرتسي هاليفي، الذي أعلن استقالته في 21 يناير 2025، ألقى خطابًا يعكس حجم الإخفاق، حيث أقر بتحمله المسؤولية عن فشل الجيش في حماية المدنيين، مؤكدًا أن هذا الفشل سيظل يلاحقه طوال حياته.
أما في المجال السياسي، فقد تسببت هذه الإخفاقات في انقسامات عميقة، خاصة بعد استقالة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير في 19 يناير 2025، احتجاجًا على قبول الحكومة اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس.
بن غفير وصف الاتفاق بأنه “استسلام”، ما يعكس الانقسام بين التيار اليميني المتطرف ورئاسة الحكومة بشأن كيفية إدارة الصراع.
انعكاسات إقليمية ودولية
هذه التطورات لم تؤثر فقط على الداخل الإسرائيلي، بل أرسلت رسائل قوية إلى المجتمع الدولي بشأن قدرة إسرائيل على إدارة أمنها الداخلي في ظل تنامي قوة المقاومة الفلسطينية.
من جانبها، حققت حركة حماس مكاسب استراتيجية ومعنوية كبيرة، حيث أظهرت قدرتها على إحداث تغيير جوهري في التوازن الأمني.
في ظل هذه الاستقالات التي تضعف القيادة العسكرية الإسرائيلية، يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، أبرزها استمرار الضغوط على الحكومة لإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية والعسكرية.
تعليق واحد