في إطار حرص الأزهر الشريف على تأهيل مبعوثيه للقيام بدورهم في نشر تعاليم الإسلام الوسطية في مختلف أنحاء العالم، افتتحت الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى، الدورة التدريبية للمرشحين للابتعاث الخارجي للعام 2024/2025، وذلك بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.
تأتي هذه الدورة تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذي يؤكد باستمرار على ضرورة إعداد المبعوثين علميًا وفكريًا وثقافيًا، ليكونوا خير سفراء للأزهر الشريف في دول العالم.
شهد افتتاح الدورة حضور عدد من القيادات البارزة بالمجمع والأكاديمية، منهم الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد المحرصاوي، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية، والدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع، والدكتور فتحي فهمي، الأمين المساعد للبعوث الإسلامية.
كلمات افتتاحية: التأكيد على المسؤولية ودور المبعوثين
خلال افتتاح الدورة، وجه الدكتور محمد الجندي كلمة للمرشحين للابتعاث، أكد فيها على أهمية المهمة التي اختيروا لها، معتبرًا أنها اصطفاء من الله عز وجل، حيث يقع على عاتقهم تمثيل الأزهر الشريف وتعاليم الإسلام السمحة في المجتمعات التي سيتواجدون فيها.
وشدد على ضرورة استحضار مكانة وهيبة الأزهر في كل تصرفاتهم، قائلًا:
أنتم لسان حال الأزهر وترجمان لما تعلمتموه فيه، وعليكم أن تكونوا على قدر هذه المسؤولية، لأنكم تمثلون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، وتمثلون الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي وتعزيز قيم التسامح والتعايش.
من جانبه، أكد الدكتور محمد المحرصاوي على أن الأزهري في أي دولة في العالم يُنظر إليه باعتباره نموذجًا يُحتذى به، ويُعدّ طوق نجاة للكثيرين، مما يجعله مطالبًا بالتحلي بالمسؤولية الكاملة تجاه رسالته. وأوضح أن المبعوثين يجب أن يعكسوا الصورة الحقيقية للإسلام من خلال سلوكهم وأفكارهم، مشيرًا إلى أهمية مراعاة مفاهيم المواطنة والتعايش الإيجابي والاندماج السلمي، حيث أكد أن الإسلام أقرّ هذه المبادئ من خلال حرية العقيدة، واحترام الآخر، والتعاون المشترك في المجتمعات المختلفة.
أما الدكتور محمود الهواري، فقد شدد على أن مبعوثي الأزهر الشريف يمثلون قوة ناعمة لمصر في العالم، ويعكسون صورة حضارية للأزهر وللدولة المصرية، مشيرًا إلى أن مسؤوليتهم تتجاوز مجرد نقل العلم، بل تمتد إلى أن يكونوا مصدر إلهام للأجيال القادمة. وأكد على ضرورة الحفاظ على قدسية العلم الذي يحملونه، وعدم التقليل من قيمته بأي شكل من الأشكال، قائلاً:
“أنتم حملة الوحي، وعليكم أن تصونوه وتحافظوا عليه، فأنتم على ثغر من ثغور الإسلام، والله عز وجل قد فتح لكم بابًا عظيمًا لنشر الخير وزيادة حسناتكم، فاستثمروا هذه الفرصة العظيمة بالعمل والاجتهاد.”
البرنامج التدريبي: تأهيل شامل للمبعوثين
تركز الدورة التدريبية على عدة محاور رئيسية تهدف إلى تزويد المبعوثين بالمعرفة والمهارات اللازمة للقيام بواجباتهم على أكمل وجه. ويشمل البرنامج مجموعة من المحاضرات وورش العمل التي تغطي الجوانب العلمية والدعوية والثقافية، من أبرزها:
1. تعزيز الهوية الأزهرية والفكر الوسطي
يتم تسليط الضوء على أهمية العلوم الأزهرية الأصيلة في ترسيخ الفكر الوسطي، وكيفية الاستفادة منها في مواجهة التحديات الفكرية والثقافية في المجتمعات المختلفة.
2. التأهيل الصحي والطبي
نظرًا لأن بعض المبعوثين سيتم إرسالهم إلى مناطق قد تكون فيها تحديات صحية، تقدم الدورة تدريبًا حول التعامل مع الأمراض المتوطنة، والإسعافات الأولية، وأساليب الوقاية والعلاج الأساسية.
3. المهارات الدعوية والتواصل الفعّال
يتضمن البرنامج جلسات تدريبية حول استراتيجيات الدعوة، والتعامل مع الجمهور بمختلف ثقافاته، وآليات الإقناع والحوار البناء، بالإضافة إلى التركيز على مهارات الاتصال المتقدمة وعلم نفس الداعية.
4. فهم الواقع الثقافي والسياسي في الدول المستهدفة
يشمل البرنامج التعريف بالدبلوماسية الثقافية، وهياكل العمل بالسفارات، وأدوار وزارة الخارجية، لضمان إدراك المبعوثين لطبيعة البيئة التي سيعملون فيها، وكيفية التعامل مع المؤسسات الرسمية والمجتمعات المختلفة.
5. الفقه الإسلامي وقضايا الأقليات المسلمة
نظرًا لأن العديد من المبعوثين سيعملون في مجتمعات تضم أقليات مسلمة، يتم تقديم محاضرات حول فقه الأقليات، وأهم القضايا الفقهية التي تهم المسلمين في تلك الدول، وكيفية تقديم الفتاوى والاستشارات الشرعية بما يتناسب مع ظروفهم.
6. دور الروحانية في بناء الحضارة الإنسانية
يركز هذا المحور على أهمية الحياة الروحية وأثرها في بناء المجتمعات، ودور القيم الإسلامية في تحقيق نهضة حضارية قائمة على العدل والتسامح والتعاون.
7. ورش عمل حول رؤية مصر 2030 ودور المبعوثين في دعمها
يتم تقديم ورش عمل متخصصة حول دور الأزهر في تحقيق رؤية مصر 2030، وكيف يمكن للمبعوثين أن يكونوا جزءًا من هذه الرؤية من خلال تعزيز قيم التعايش والتنمية المجتمعية في الدول التي يعملون بها.
نحو إعداد جيل من المبعوثين على أعلى مستوى
تأتي هذه الدورة التدريبية في سياق الجهود المستمرة التي يبذلها الأزهر الشريف لضمان أن يكون مبعوثوه في مختلف دول العالم على مستوى عالٍ من الكفاءة العلمية والدعوية والثقافية، مما يمكنهم من أداء رسالتهم بفعالية، والمساهمة في نشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
