نداء أهل القبلة.. وثيقة لتعزيز وحدة المسلمين ونبذ الفرقة

شهدت العاصمة البحرينية المنامة انعقاد مؤتمر الحوار الإسلامي–الإسلامي يومي 19 و20 فبراير الجاري، برعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، إضافة إلى مشاركة أكثر من 400 عالم ومرجعية دينية من مختلف المذاهب والمدارس الفكرية الإسلامية.
وفي ختام فعاليات المؤتمر، وقَّع المشاركون على وثيقة “نداء أهل القبلة”، التي تُعدُّ وثيقة مبادئ جامعة تهدف إلى تعزيز الحوار والتفاهم بين أبناء الأمة الإسلامية بمختلف انتماءاتهم، وإرساء قيم التآخي والتراحم بين الشعوب الإسلامية.
وحدة الأمة.. منطلق ثابت للنهضة والتآخي
أكد “نداء أهل القبلة” أن وحدة الأمة الإسلامية تستند إلى أساس متين، حيث جعلها الله أمة واحدة وسطًا، وارتضاها خير أمة أُخرجت للناس. وانطلاقًا من هذا المفهوم، دعا النداء إلى ترسيخ روح المحبة والتراحم بين المسلمين، مشددًا على أن الأخوة الإسلامية متجذرة عبر القرون، وليست بحاجة إلى مجرد تقريب بين مذاهبها أو تقارب بين شعوبها، إذ إن المسلمين عاشوا معًا في وئام على مدى التاريخ، وانبثقت مدارسهم الفقهية والفكرية عن ذات المرجعية المشتركة، وهي الوحي الإلهي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
كما شدد النداء على أهمية استيعاب المقومات الضرورية التي تمكِّن الأمة الإسلامية من استعادة نهضتها ودورها الفاعل عالميًا، من خلال تعميق الوعي بوحدتها وإحياء القيم التي عززت قوتها عبر التاريخ.
الاختلاف المذهبي.. ثراء مشروع لا مجال للمساس به
تناول “نداء أهل القبلة” قضية التعدد المذهبي في الإسلام، مؤكدًا أن الاختلافات الفقهية والعقدية أمر مشروع وطبيعي، ولا ينبغي أن تكون محل نزاع أو صراع.
وأوضح أن المذاهب الإسلامية نشأت على أسس علمية واجتهادية متينة، وأن محاولات صهر هذه المذاهب في مذهب واحد أو طمس الفروقات بينها أمر غير ممكن وغير مطلوب، إذ يشكل التنوع الفقهي والفكري مصدر ثراء للأمة وليس عنصر فرقة.
وفي هذا السياق، شدد النداء على ضرورة احترام التعددية الفكرية داخل الإطار الإسلامي، والعمل على إدارة الاختلاف بالحوار والتفاهم، بدلًا من النزاعات التي تؤدي إلى تشرذم الأمة وإضعافها أمام التحديات الداخلية والخارجية.
ميثاق الوحدة الإسلامية.. لا مجال للتفريط أو المساومة
أكد المشاركون في المؤتمر أن وحدة الأمة الإسلامية تمثل عهدًا موثوقًا وميثاقًا مصونًا لا يجوز أن يكون محل مساومة أو تفريط. وأشار “نداء أهل القبلة” إلى أن هذه الوحدة ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي يقين يجب استحضاره في الوعي الجمعي للأمة، وترسيخه في السلوك اليومي، وإدماجه في المناهج والخطاب الديني، ليظل صرح الوحدة الإسلامية قائمًا فوق النزعات الطائفية والاعتبارات القُطرية أو العرقية.