أخبارتقارير-و-تحقيقات

المنشاوى الصوت الباكى.. دخل الإذاعة بدون اختبار ورفض التلاوة أمام الرئيس عبدالناصر

لقب بالقارئ الباكى لأن صوته يملؤه الحزن والشجن تلاوته يهتز لها قلوب السامعين ولابد وأن تدفعهم للبكاء من عذوبة صوته، قارئ يجعلك تعيش قصص وآيات القرآن الكريم كأنك تراها هو فضيلة القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوى رحمه الله وطيب على الأرض ثراه.

وبمناسبة حلول شهر رمضان الكريم يقدم موقع اليوم الإخباري سلسلة تعريفية عن حياة أعلام دولة التلاوة العظماء الذين أثروا في حياتنا بأصواتهم الربانية الروحانية، ومحطتنا اليوم مع الصوت الباكى الخاشع فضيلة القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوى.

صوت يذهب إليك ويأخذك قبل أن تذهب إليه لتنصت، وهو القارئ الوحيد الذى دخل الإذاعة المصرية بدون اختبار، اجتمع على حبه ملايين المسلمين قرأ في الثلاثة مساجد الكبرى المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوى الشريف، أجمع الناس على أنه كان من العباد الزهاد.

لم ينظر في أجرا أبدا على تلاوته، لم يبحث في عمره عن مكانه ولم يتصدر واجهة، كان له أسلوبه الخاص خلال تلاوته فكان غاض للبصر لم ينظر إلى المستمعين قط لدرجة أنك عندما تنظر إليه وهو يقرأ كأنه كفيف لأنه كان يعيش مع التلاوة بقلبه وعقله وكيانه.

مولده
ولد القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي عام 1338هـ – 1920 م بقرية المنشأة بمحافظة سوهاج وهو من أسرة قرآنية حملت رسالة القرآن، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي كان قارئاً مجوداً للقرآن، واشتهر من خلال ذلك و عمه الشيخ أحمد السيد من المقرئين المعروفين في ذلك الوقت، وقد ورث الشيخ محمد صديق المنشاوي عن هذه السلالة المباركة تجويد القرآن وترتيله.

حفظ القرآن الكريم في سن 8 سنوات فقد التحق بكتاب قريته وهو صغير وكان شيخه يشجعه ويتعهده بالعناية والرعاية، لما لمس منه سرعة في الحفظ، علاوة على حلاوة الصوت.

بدأت شهرة الشيخ تمتد وتنتشر لما عرف عن جمال صوته وسلامة أدائه فأصبح حديث الناس في كل مكان في مصر وخارجها وخاصة في البلاد العربية فكان الشيخ كثير السفر والبعثات الخارجية.

رفضه الالتحاق بالإذاعة
وبمجرد أن سمعته لجنة الاستماع في الإذاعة المصرية وتمكنه ودقته في التلاوة والتجويد والأحكام عرضت عليه أكثر من مرة الانضمام إليها وقيده إلا أن الشيخ رفض الذهاب إلى الإذاعة والانضمام اليها في بداية الأمر، ولما رفض أكثر من مرة، فاضطرت الإذاعة بنفسها أن تحضر إليه في إحدى المناسبات التي كان يقرأ فيها، فسجلت له ما تيسر من القرآن الكريم، وتمَّ اعتماده قارئًا في الإذاعة على إثر ذلك بعد طول رفض وممانعة وحيث جرى اعتماد الشيخ المنشاوي قارئًا بالإذاعة المصرية عام 1954 وكانت أول سورة سجلها الشيخ للإذاعة هي سورة لقمان.

وبعده قيده في الإذاعة انتقلت شهرة الشيخ المنشاوي خارج مصر، وتلقى العديد من الدعوات والطلبات من الإذاعات والدول للقراءة فيها، فزار إندونيسيا بدعوة من رئيسها، وزار العديد من الدول العربية والإسلامية.

تميز المنشاوي بعذوبة الصوت وجماله، وقوة الأداء وجلاله، إضافة إلى إتقانه تعدد مقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية فقد سجل الشيخ القرآن الكريم مرتلا، وسجله مجودا في الإذاعة المصرية.

حبه للشيخ رفعت
كان الشيخ المنشاوي يعشق صوت الشيخ محمد رفعت رحمه الله، وكان محبًا له وتأثر بيه كثيرا وتعلمه منه، وكان رحمه الله ومن المعجبين بصوته وتلاوته، وكان كذلك يحب الاستماع إلى أصوات كبار المقرئين الذين عاصروه، كالشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، وأبي العينين شعيشع والشيخ البنا وغيرهم.

شخصيته
كان الشيخ المنشاوي رحمه الله شديد التواضع لين الجانب عطوفاً على الفقراء والمساكين محباً للخير وكان يعرف عنه أنه كثير الإنفاق في وجوه الخير وكان رجل خير بكل ما تعي الكلمة.

رفض دعوة عبدالناصر
وكان الشيخ المنشاوي قد وجهت له دعوة من قبل أحد وزراء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقابل الوزير الشيخ المنشاوي لتسليمه الدعوة وقال له سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبدالناصر فما كان من الشيخ إلا أن أجابه قائلاً : ولماذا لا يكون الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة .

قالوا عن المنشاوى
قال سماحة الشَّيخ ابن باز رحمه الله عن صوت الشيخ المنشاوى “إنْ أردت أن تسمع إلى القرآن كما نزل فاستمع إلى المنشاوي “ إنه صوت لا تملّ منه أبدًا كينبوع ماء طاهر متدفق مروٍ للعطشى.
وقال الشيخ الألباني ” كان سريع الدمعة رقيق القلب وعند سماعه لا ينشغل بشيء آخر بل ينصت ويخشع”
يقول الدكتور أيمن رشدي سويد عن صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي
” كان يقرأ القرآن وكأنما يقرأ في الجنة ”

تكريمه
حظي المنشاوي بتكريمات عديدة حيث منحته إندونيسيا وساما رفيعاً في منتصف الخمسينيات كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م، وزار باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية وغيرها من الأوسمة والهدايا التي منحها له ملوك وزعماء الدول.

مرضه ووفاته
وفي عام 1966، أصيب الشيخ المنشاوي بمرض في المريء نصحه فيه الأطباء بعدم إجهاد حنجرته، إلا أنه أبى إلا أن يكمل رحلته في تلاوة القرآن الكريم، وظل يتلو القرآن الكريم حتى وفاته عام 1969م في الخمسين من عمره، رحم الله الشيخ المنشاوى صاحب الصوت الباكى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights