تقارير-و-تحقيقات

لماذا أوصى النبي بالسحور؟.. أسرار البركة والطاقة في هذه الوجبة

"تسحروا فإن في السحور بركة".. كيف تستفيد من هذه البركة؟

يأتي شهر رمضان المبارك بنفحاته الإيمانية، ويُدخل على القلوب راحةً وسكينةً لا مثيل لها. وفي هذا الشهر الفضيل، تبرز العديد من العبادات والسُنن التي تعزز الروحانية وتقوي صلة العبد بربه، ومن بين هذه السُنن العظيمة وجبة السحور، التي ليست مجرد طعام يتناوله الصائم قبل بدء يومه، بل هي طعام مبارك تنزل بسببه الرحمات، كما ورد في السنة النبوية الشريفة.

السحور.. طعام مبارك تنزل بسببه الرحمات

السحور في الإسلام ليس وجبة عادية، بل هو عبادة وسنة مؤكدة تحمل في طياتها معاني الرحمة والبركة، وتساعد الصائم على تحمل مشاق الصيام. فما هو فضل السحور؟ وما الحكمة من تناوله؟ وكيف يمكن استغلاله لزيادة الأجر والثواب؟ هذا ما سنناقشه في هذا التقرير.

أهمية السحور في الإسلام

وردت أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ تُبرز فضل السحور وتشجع المسلمين على عدم تركه، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

“تسحروا فإن في السحور بركة” (رواه البخاري ومسلم).

ويؤكد هذا الحديث أن السحور ليس مجرد عادة غذائية، بل هو مصدر للخير والبركة، حيث يمنح الجسم الطاقة، ويقوّي الروح، ويعين المسلم على الصيام دون مشقة كبيرة.

كما قال النبي ﷺ: “فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر” (رواه مسلم)، مما يوضح أن السحور يُميّز صيام المسلمين عن غيرهم، ويجسد الرحمة الإلهية في تخفيف مشقة الصيام على العباد.

البركة في السحور

1. بركة روحية

السحور وقتٌ تنزل فيه الرحمات، فهو يكون في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الذي يتجلى فيه الله سبحانه وتعالى، حيث قال النبي ﷺ:

“ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له” (رواه البخاري ومسلم).

لذا، فإن الاستيقاظ للسحور لا يمنح المسلم الطاقة البدنية فقط، بل يتيح له فرصة عظيمة للدعاء والاستغفار وطلب الرحمة.

2. بركة جسدية

  • يمنح الجسم طاقة تساعد على تحمل الصيام.
  • يحافظ على مستوى السكر في الدم، مما يقلل من الشعور بالتعب والإرهاق أثناء النهار.
  • يقلل من الإحساس بالجوع والعطش، خاصة عند تناول أطعمة غنية بالألياف والبروتينات.
  • يساعد في منع الصداع والدوخة الناتجين عن نقص الغذاء والسوائل.

3. بركة اجتماعية

السحور يُقرّب بين أفراد الأسرة، حيث يجتمعون حول مائدة واحدة، يتبادلون الأحاديث، ويستعدون ليوم الصيام بروح معنوية مرتفعة. كما أنه فرصة لإحياء سنة النبي ﷺ، مما يربط العائلة بسنن الإسلام وقيمه.

ماذا نأكل في السحور؟

من المهم اختيار أطعمة صحية تمد الجسم بالطاقة طوال اليوم، ومن أفضل الأطعمة التي يُنصح بها في السحور:

  • التمر: قال النبي ﷺ: “نِعْمَ سحور المؤمن التمر” (رواه أبو داود). فهو مصدر غني بالسكريات الطبيعية التي توفر طاقة تدوم لفترة طويلة.
  • الحبوب الكاملة: مثل الشوفان والخبز الأسمر، لأنها تحتوي على الألياف التي تعطي إحساسًا بالشبع لفترات طويلة.
  • البروتينات: مثل البيض، واللبن، والزبادي، والفول، حيث تساعد في تقليل الشعور بالجوع.
  • المياه: من الضروري شرب كميات كافية من الماء لمنع الجفاف والعطش خلال النهار.
  • الفواكه والخضروات: لأنها غنية بالفيتامينات والمياه، وتحافظ على ترطيب الجسم.

السحور وصلة العبد بربه

السحور ليس مجرد وجبة، بل هو وقت روحاني يمكن استغلاله في:

  • الصلاة والتهجد: حيث يكون وقت السحور من أفضل الأوقات للصلاة والدعاء.
  • الاستغفار وقراءة القرآن: فقد كان السلف الصالح يستغلون هذا الوقت في الاستغفار، لقوله تعالى: “وبالأسحار هم يستغفرون” (الذاريات: 18).
  • الدعاء: فهو وقت تُفتح فيه أبواب السماء، ويُستحب الإكثار من الدعاء، سواء لنفسك أو لأحبائك أو لأمة الإسلام.

متى يكون وقت السحور؟

السحور يمتد من منتصف الليل حتى أذان الفجر، لكن من الأفضل تأخيره قدر المستطاع، كما كان يفعل النبي ﷺ، حيث كان بين سحوره وأذان الفجر وقتٌ لا يتجاوز قراءة خمسين آية (رواه البخاري).

أخطاء شائعة في السحور يجب تجنبها

  • ترك السحور تمامًا: بعض الأشخاص يتجاهلون السحور ظنًا أنهم قادرون على تحمل الصيام دون طعام، لكن ذلك يُفقدهم البركة ويزيد من مشقة الصيام.
  • تناول أطعمة غير صحية: كالمقليات والأطعمة الدسمة التي تزيد العطش وتسبب مشاكل في الهضم.
  • الإكثار من الحلويات والمشروبات الغازية: لأنها تسبب ارتفاعًا سريعًا في السكر، مما يؤدي إلى الشعور بالجوع سريعًا.
  • عدم شرب الماء بكميات كافية: مما يؤدي إلى الجفاف والشعور بالعطش خلال النهار.

خاتمة

السحور ليس مجرد طعام يمدّ الجسم بالطاقة، بل هو عبادة عظيمة تجلب البركة وتنزل بها الرحمات. فمن أراد أن ينال الخير في صيامه، ويستفيد من كل لحظة في شهر رمضان، فعليه أن يُحافظ على هذه السنة النبوية المباركة، ويجعلها وقتًا للعبادة والاستغفار والدعاء.

فهل ستجعل سحورك هذا العام مختلفًا، وتحرص على استغلاله في القرب من الله؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights