علي جمعة يوضح سر لذة الصلاة وكيفية تحقيقها

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، أن الشعور بلذة الصلاة والعبادات يتولد عندما يؤديها الإنسان بإخلاص واستحضار لعظمة الله.
مشيرًا إلى أن الفرق بين من يؤدي العبادات بخشوع وروحانية، وبين من يؤديها كعادة يومية دون تدبر، يكمن في إدراك حقيقة الوقوف بين يدي الله، خالق الكون العظيم.
وأوضح الدكتور علي جمعة، خلال لقائه في بودكاست “مع نور الدين”، المذاع على قناة الناس، أن من يؤدي الصلاة بقلب واعٍ وخاشع يشعر بلذتها ويدرك قيمتها، بينما من يؤديها دون تفكر أو استحضار لمعانيها قد يفقد هذا الشعور الروحي العميق.
لماذا لا نشعر بلذة الصلاة؟
وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن كثيرًا من الناس يشكون من عدم الشعور بلذة الصلاة، مرجعًا السبب إلى الاعتياد على أداء الصلاة دون تأمل وتدبر.
وأوصى من يعاني من هذا الشعور بعدة خطوات تساعده على استعادة الخشوع والارتباط الروحي بالصلاة، ومن بينها:
إطالة السجود: حيث يشعر المصلي بالقرب من الله، وهو أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد.
التأني في قراءة الفاتحة: تدبر معانيها العميقة يساعد على استشعار حقيقة العبودية والتوكل على الله.
التفكر في معاني الأذكار والأدعية: مما يساعد على تحقيق الطمأنينة الداخلية والانغماس في جو روحي.
الصلاة سلوك وليست مجرد أداء طقوسي
وشدد الدكتور علي جمعة على أن الصلاة ليست مجرد أداء شكلي أو طقسي، بل يجب أن تنعكس على سلوك الإنسان وأخلاقه، مستشهدًا بقول الله تعالى: “إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ” (العنكبوت: 45).
وأوضح أن إدراك المصلي لمعنى الوقوف بين يدي مالك يوم الدين يجعله أكثر حرصًا على مراجعة أفعاله وقراراته، مما يؤدي إلى تحسين سلوكه في حياته اليومية.
كما أشار إلى أن من يدرك المعاني الحقيقية للصلاة، لا يقتصر أثرها عليه خلال وقت الصلاة فقط، بل يمتد إلى حياته العملية، وتعامله مع الناس، واتخاذه للقرارات التي ترضي الله.
الصلاة والانسجام مع الكون
وأكد الدكتور علي جمعة أن التدبر في أداء العبادات، سواء كان ذلك في الصلاة أو الطواف حول الكعبة، يجعل الإنسان جزءًا من حركة الكون في انسجام تام مع إرادة الله فالكون كله يتحرك وفق نظام دقيق، وعندما يؤدي الإنسان عباداته بخشوع ووعي، يشعر بأنه منسجم مع هذه المنظومة الإلهية.
وأضاف أن هذا الشعور يملأ القلب بحب الله ورسوله ﷺ، ويهدي الإنسان إلى اتباع نهج النبي محمد ﷺ، مما يجعله نموذجًا لحياة إيمانية متكاملة، حيث يصبح الدين جزءًا من وجدانه وسلوكه اليومي، وليس مجرد طقوس يؤديها دون وعي.
كيف نصل إلى لذة الصلاة؟
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن الوصول إلى لذة الصلاة يحتاج إلى تدريب النفس على التدبر والخشوع، والتعامل مع الصلاة على أنها لحظة لقاء مع الله، وليست مجرد واجب روتيني. ونصح المسلمين بالسعي إلى تحقيق هذا الشعور من خلال تحسين علاقتهم بالصلاة، والبحث عن معانيها الروحية والوجدانية، حتى تصبح مصدرًا للراحة والسكينة، بدلًا من أن تكون مجرد عادة يومية.