📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
تقارير-و-تحقيقات

أبو العباس المرسي.. شيخ الشاذلية ورائد التصوف في مصر

📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن

 

في قلب مدينة الإسكندرية، حيث يلتقي البحر بالتاريخ، يرقد الإمام أبو العباس المرسي، أحد أعلام التصوف الإسلامي، في مسجده الشهير الذي تحول إلى مزار روحي يقصده الزوار من مختلف أنحاء العالم. لكن خلف هذا الضريح هناك قصة طويلة من السعي والمعرفة بدأت من الأندلس مرورًا بتونس، وانتهت في مصر، حيث أصبح الإمام أبو العباس أحد أكبر ناشري الطريقة الشاذلية ومدرسة قائمة بذاتها في الزهد والمعرفة الصوفية.

في هذا التحقيق، نستعرض حياة الإمام أبو العباس المرسي ونتتبع أثره في التصوف الإسلامي مستندين إلى شهادات المتخصصين ومن بينهم الدكتور محمد أبو هاشم عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية الذي تحدث عن دوره البارز في نشر الطريقة الشاذلية ومدى تأثيره في أجيال من العلماء والمتصوفة.

النشأة في الأندلس: جذور روحية تنمو في بيت تجارة

وُلد الإمام أبو العباس المرسي عام 616هـ في مدينة مرسية بالأندلس لأسرة تنحدر من نسب الصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري وعلى الرغم من أن أسرته كانت تعمل في التجارة فإنه لم ينجذب إلى حياة المال والرفاه، بل اتجه إلى طريق الزهد والتصوف ليبدأ بذلك رحلة روحانية استمرت عقودًا وأثرت في مسيرة التصوف الإسلامي.

يقول الدكتور محمد أبو هاشم: “كان الإمام أبو العباس المرسي شغوفًا بطلب العلم والمعرفة الروحية وهذا ما دفعه إلى التخلي عن حياة الثراء والبحث عن مشايخ الصوفية الذين يمكن أن يرشدوه إلى طريق الله”.

وبالفعل لم يمضِ وقت طويل حتى وجد ضالته في الإمام أبي الحسن الشاذلي أحد كبار المتصوفة في المغرب العربي الذي كان له الفضل في تأسيس الطريقة الشاذلية وهي إحدى أبرز الطرق الصوفية في العالم الإسلامي.

لقاء التحول: التلمذة على يد أبي الحسن الشاذلي

لم يكن اللقاء بين أبي العباس المرسي وأبي الحسن الشاذلي لقاءً عاديًا بل كان نقطة تحول في حياته حدث ذلك في تونس حيث تتلمذ على يديه وأصبح من أقرب مريديه.

يقول الدكتور أبو هاشم: “كان أبو العباس المرسي يرى في أبي الحسن الشاذلي ليس فقط شيخًا في التصوف بل معلمًا روحيًا وقائدًا وهذا ما جعله يلازمه في كل خطوة حتى أصبح من أهم خلفائه”.

بعد سنوات من التعلم والتدريب الروحي قرر الشيخ والمريد معًا الانتقال إلى مصر عام 643هـ، لتكون المحطة الأهم في مسيرة أبي العباس المرسي.

في مصر.. منارة صوفية وإمام للعارفين

عندما استقر أبو العباس المرسي في الإسكندرية سرعان ما أصبح أحد أعمدة التصوف في مصر حيث التف حوله العديد من طلاب العلم والمريدين الذين وجدوا في طريقته صفاءً روحيًا وعمقًا علميًا.

كان من أبرز هؤلاء الإمام العز بن عبد السلام الذي عُرف بلقب “سلطان العلماء” والإمام البوصيري صاحب قصيدة البردة الشهيرة بالإضافة إلى خليفته سيدي ياقوت العرش الذي تولى نشر الطريقة الشاذلية بعد وفاته.

لم يكن تأثيره مقتصرًا على الصوفية فقط بل شمل أيضًا الفقهاء والعلماء حيث كان له دور في تعزيز القيم الإسلامية المبنية على المحبة والتسامح والوسطية.

43 عامًا في الإسكندرية.. تراث خالد ومسجد تاريخي

ظل الإمام أبو العباس المرسي مقيمًا في الإسكندرية لأكثر من أربعة عقود حيث قضى أيامه في التدريس والإرشاد الروحي ونشر علوم التصوف.

وفي عام 686هـ وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعلم والخير ليُدفن في الإسكندرية في موقع أصبح لاحقًا مسجدًا تاريخيًا بارزًا يُعد اليوم أحد أهم المعالم الدينية في مصر.

يصف الدكتور أبو هاشم هذا المسجد قائلاً: “مسجد أبي العباس المرسي ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو مركز إشعاع روحي حيث يأتي الناس طلبًا للبركة وتذكرةً بسيرة أحد أعظم رجال التصوف”.

الطريقة الشاذلية: مدرسة صوفية خالدة

تمثل الطريقة الشاذلية، التي أسسها أبو الحسن الشاذلي ونشرها أبو العباس المرسي واحدة من أهم المدارس الصوفية في العالم الإسلامي حيث قامت على نشر قيم المحبة والزهد والمعرفة الروحية.

ويؤكد الدكتور أبو هاشم أن هذه الطريقة لعبت دورًا كبيرًا في التصوف الإسلامي لأنها قدمت نموذجًا مختلفًا يعتمد على التصوف العملي القائم على العمل والاجتهاد وليس العزلة عن المجتمع.

وأضاف: “كان الإمام أبو العباس المرسي يرى أن التصوف ليس هروبًا من الحياة بل هو فهم عميق للوجود واستقامة في السلوك، وارتقاء بالروح نحو معارج النور”.

إرثه الممتد.. تأثيره حتى اليوم

ما زال اسم أبي العباس المرسي حاضرًا في وجدان الصوفية، ليس فقط في مصر بل في جميع أنحاء العالم الإسلامي. فتعاليمه وأقواله لا تزال تُدرّس في الطرق الصوفية، كما أن طريقته استمرت عبر الأجيال وامتد تأثيرها إلى مختلف أنحاء العالم.

ويرى كثيرون أن الإمام أبا العباس المرسي لم يكن مجرد شيخ صوفي بل كان رائدًا روحانيًا ومفكرًا دينيًا استطاع أن يترك بصمة عميقة في التصوف الإسلامي.

يقول الدكتور أبو هاشم في ختام حديثه: “إن حياة الإمام أبي العباس المرسي مليئة بالدروس والعبر، فهو نموذج للمتصوف الحقيقي الذي جمع بين العلم والزهد وبين الحكمة والمحبة، وبين الإرشاد والتواضع”.

هكذا وبعد أكثر من سبعة قرون على رحيله يبقى أبو العباس المرسي قامة صوفية خالدة تستمر تعاليمه في إضاءة الطريق للسالكين ويبقى مسجده في الإسكندرية شاهدًا على رحلة التصوف التي بدأها في الأندلس، ونشرها في مصر، وتركها إرثًا للعالم الإسلامي بأسره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights