
كشفت وكالات أجنبية عن خطة جذرية تعدّها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة تصل إلى 50%، في إطار توجه أوسع لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية وتركيز الجهود على الشأن الداخلي.
ووفقاً لوثائق داخلية، تشمل الخطة المقترحة تقليص الإنفاق بمقدار 30 مليار دولار خلال السنة المالية 2026، ضمن ما يُعرف بوثيقة “باس باك”، التي تُعدّ رداً من البيت الأبيض على طلبات التمويل المقدمة من وزارة الخارجية.
إغلاق سفارات وقنصليات
تتضمن الخطة إغلاق 27 بعثة دبلوماسية أمريكية حول العالم، بينها 10 سفارات في دول مثل إريتريا وغرينادا وليسوتو وجمهورية أفريقيا الوسطى ولوكسمبورغ، إلى جانب 17 قنصلية معظمها في أوروبا، وبعضها في آسيا وأفريقيا، مثل كوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والكاميرون.
كما تقترح الخطة دمج بعض الوظائف القنصلية الكبرى في دول مثل اليابان وكندا، وتقليص حجم التمثيل الدبلوماسي في دول تشهد نزاعات مثل العراق والصومال، حيث اعتُبر العراق “أغلى موقع دبلوماسي” تديره الولايات المتحدة، بحسب الوثائق.
وفي سياق موازٍ، تسعى الإدارة الأمريكية إلى إعادة هيكلة شاملة لوكالة التنمية الدولية (USAID)، تشمل دمج بعض برامجها مع وزارة الخارجية، وإلغاء البرامج التي وصفتها الخطة بأنها “زائدة أو غير متوافقة مع أولويات الإدارة”. وتشير التقارير إلى أن عملية تفكيك جزئية للوكالة قد بدأت بالفعل منذ فبراير الماضي، مع إغلاق أكثر من 5000 برنامج وفصل مئات المتعاقدين.
أرقام لافتة وتغييرات مثيرة للجدل
بحسب الوثائق، فإن أبرز بنود الخطة تتضمن:
-
خفض ميزانية وزارة الخارجية من 54.4 مليار دولار إلى 28.4 مليار دولار.
-
تقليص المساعدات الخارجية من 38.3 مليار دولار إلى 16.9 مليار دولار.
-
إلغاء برامج ثقافية وتعليمية كبرى مثل برنامج “فولبرايت” الذي يعود إلى عام 1946.
-
وقف تمويل برنامج إعادة توطين الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة خلال وجودها العسكري في أفغانستان.
-
إنشاء صندوقين جديدين للمساعدات الإنسانية واللاجئين بقيمة 4 مليارات دولار.
دور إيلون ماسك
الخطة تأتي ضمن نهج إدارة ترامب لتقليص البيروقراطية، وتعزيز ما يسمى بـ”كفاءة الحكومة”، وهي وزارة جديدة يشرف عليها رجل الأعمال إيلون ماسك، وتهدف إلى خفض الإنفاق وتسريع عمليات التسريح من المؤسسات الفيدرالية.
وتواجه الخطة تحديات محتملة في الكونغرس، الذي سبق أن عارض محاولات مماثلة خلال الولاية الأولى لترامب، علماً بأن السلطة التشريعية هي من تمتلك الكلمة الأخيرة في إقرار الميزانيات. ومع ذلك، نقلت “رويترز” عن مسؤول أمريكي تأكيده أن التعديلات المحتملة من قبل الكونغرس “لن تكون جوهرية”.
أولوية للمصالح الداخلية
تعكس الخطة توجه ترامب المستمر نحو إعطاء الأولوية للشأن الداخلي، وهو ما أكدته الوثائق التي أوضحت أن السياسة الجديدة تضع “مصالح المواطنين الأمريكيين في المقام الأول”، حتى وإن كان ذلك على حساب الحضور الدبلوماسي الأمريكي في الخارج.
وتثير هذه الإجراءات مخاوف بين الدبلوماسيين وخبراء السياسة الخارجية بشأن انحسار الدور الأمريكي على الساحة الدولية، في وقت يشهد العالم تحديات متصاعدة تتطلب تنسيقاً دبلوماسياً واسع النطاق.