
أثارت حقيبة يد تباع مقابل 40 ألف دولار الجدل على مواقع التواصل، بعدما تبين أن تكلفة تصنيعها في الصين لا تتجاوز 1400 دولار فقط، هذا الفارق الكبير في السعر فتح الباب أمام تساؤلات قديمة تتجدد: لماذا نقلت الشركات الأمريكية والأوروبية صناعاتها إلى الصين؟ ومتى بدأت رحلة هجرة المصانع من الغرب إلى الشرق؟
تصنع أجهزة الآيفون
سأل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما مؤسس شركة “أبل” ستيف جوبز: لماذا لا تصنع أجهزة الآيفون بالكامل داخل الولايات المتحدة؟ فجاء رد جوبز حاسمًا: “انس يا رئيس، الوظائف دي مش هترجع تاني لأمريكا”.
تعود القصة منذ أربعين عامًا، حين أدركت الشركات الأمريكية أن الابتكار والإبداع يحققان أرباحًا أكبر من التصنيع اليدوي، قررت شركات مثل أبل أن تركز على الأقسام ذات الربحية العالية مثل البحث والتطوير، التصميم، البرمجة، والتسويق، وتوكل المهام الصناعية الشاقة والأقل ربحًا، مثل التجميع والتغليف، إلى دول تتميز بانخفاض تكاليف العمالة، وعلى رأسها الصين.
ومن هنا جاء الشعار الشهير: “Designed in California, Assembled in China”، أي صمم في كاليفورنيا، وجمع في الصين.
وأوضحت دراسة حديثة عن صناعة الآيفون أن الجهاز يحتوي على مكونات من أكثر من 5 دول، بينها أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان والصين، لكن المفاجأة أن من سعر بيع الآيفون البالغ 1000 دولار، لا تحصل الصين إلا على 104 دولارات فقط، مقابل تجميع الجهاز وبعض المكونات، في المقابل، تحصل أمريكا على 670 دولارًا تتوزع على قيمة التصميم والمكونات الأميركية والوظائف عالية المهارة، بجانب أرباح أبل نفسها.
لكن هذا النموذج الناجح على الورق كان له أثر جانبي سلبي على أمريكا، إذ أغلقت آلاف المصانع وانتقلت إلى الصين، ومعها انتقلت المهارات الفنية والتقنية تدريجيًا، وفي المقابل، استغلت الصين الفرصة، طورت خبراتها، وأصبحت خلال سنوات قليلة “مصنع العالم” وثاني أكبر اقتصاد عالميًا، قادرة على منافسة عمالقة الصناعة العالمية بشركات مثل هواوي وأوبو وشيومي.
لا تملك الولايات المتحدة نفس القدرات التصنيعية التي تملكها الصين، وهو ما يثير قلق الساسة الأميركيين، ويفسر تصعيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد بكين، في محاولة لإعادة الصناعات إلى الداخل الأمريكي، ولكن بعد أن أصبحت المعركة أصعب مما تبدو.