الرئيسيةعرب-وعالم

العالم يودع البابا فرنسيس بعد رحلة استثنائية

أعلن الفاتيكان، صباح الإثنين، وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد صراع طويل مع أمراض مزمنة، ليسدل الستار على عهد بابوي دام 12 عاماً، تميّز بالتغيير، والانفتاح، ومواقف قوية من قضايا العدالة والسلام، كان آخرها دعوته لوقف إطلاق النار في غزة.

وفاة في لحظة رمزية

توفي البابا فرنسيس في مقر إقامته ببيت القديسة مارتا في الفاتيكان، بعد يوم واحد فقط من إطلالته الأخيرة من شرفة كاتدرائية القديس بطرس في قداس عيد الفصح، الذي لم يتمكن من إتمامه كاملاً بسبب حالته الصحية المتدهورة، حيث فوّض أحد مساعديه قراءة رسالته للعالم.

ورغم ضعف جسده بسبب التهاب رئوي تطلّب إدخاله المستشفى لأكثر من شهر، حرص البابا على الحضور الرمزي أمام الجماهير، ووجه رسالة اتسمت بالقلق من الحروب وتدهور القيم الإنسانية، خصوصاً في الشرق الأوسط.

الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس | سكاي نيوز عربية

من الأرجنتين إلى عرش الفاتيكان

وُلد خورخي ماريو بيرغوليو في 17 ديسمبر 1936 في بوينس آيرس، لعائلة من أصول إيطالية.

درس الأدب، علم النفس، والفلسفة، وانضم إلى الرهبنة اليسوعية عام 1958، ليصبح كاهناً عام 1969، ثم رئيساً للرهبنة في الأرجنتين بعد أربعة أعوام فقط.

وعرف بتواضعه الشديد، حيث رفض الإقامة الفاخرة المخصصة لكرادلة بوينس آيرس، واختار شقة بسيطة، وكان يستخدم وسائل النقل العامة.

وعُرف بدفاعه المستمر عن الفقراء والمهمشين، وموقفه المحافظ في بعض القضايا الاجتماعية.

وفي 13 مارس 2013، أصبح أول بابا غير أوروبي منذ أكثر من ألف عام، وأول بابا من أميركا اللاتينية، ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية اتسمت بالانفتاح والتجديد والإصلاح الداخلي.

إصلاحات جريئة ومواقف مثيرة

أطلق البابا فرنسيس سلسلة من الإصلاحات داخل الفاتيكان، شملت إعادة هيكلة الكوريا الرومانية (الحكومة المركزية للكنيسة)، وتعزيز الشفافية المالية، ورفع صوت الكنيسة في قضايا المناخ والبيئة.

وفي عام 2018، عدّل التعليم الكاثوليكي الرسمي ليرفض عقوبة الإعدام بشكل كامل.

كما عُرف بتقريب الكنيسة من قضايا اللاجئين، والفقراء، والمهاجرين، وحاول بناء جسور مع المسلمين واليهود، وكان أول بابا يزور شبه الجزيرة العربية.

موقف إنساني من غزة

في آخر رسائله، وخلال قداس عيد الفصح، عبّر البابا عن حزنه العميق للوضع في قطاع غزة، قائلاً: “الوضع الإنساني مشين… الحرب تولد الموت والدمار، وعلينا وقف إطلاق النار فوراً.”

وأضاف: “أتوجه بفكري إلى شعب غزة، خصوصاً المسيحيين منهم، الذين يعيشون وسط الدمار، ويحتاجون إلى السلام والمساعدة العاجلة.”

كما طالب بالإفراج عن الرهائن وتقديم المساعدات الإنسانية، محذراً من تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة السامية في العالم.

أزمات صحية ومثابرة

تعرض البابا فرنسيس لعدة أزمات صحية خلال سنوات بابويته، أبرزها جراحة القولون عام 2021، والتهاب الشعب الهوائية الحاد مطلع 2025، مما أدى إلى استئصال جزء من إحدى رئتيه.

رغم ذلك، واصل جولاته الخارجية حتى العام الماضي، وزار العراق، منغوليا، والبرتغال، ضمن مساعيه لنشر رسالة السلام.

إرث باقٍ

ترك البابا فرنسيس خلفه إرثاً معقداً، مزيجاً من الجرأة والتواضع، بين دعوته لإصلاح الكنيسة وتقريبها من الناس، ومواقفه الحازمة ضد الحروب والتمييز.

وكان بابا الإنسانية، كما لقّبته وسائل الإعلام، وصوت الفقراء في العالم.

واليوم، بينما تنكس أعلام الفاتيكان، ويعمّ الحزن أوساط الكاثوليك في العالم، يُسدل الستار على شخصية دينية غيرت وجه البابوية في العصر الحديث، ورفعت صوت السلام في زمن ضجّ بالحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights