جحيم في بندر عباس.. انفجار غامض يحصد الأرواح ويهز إيران حتى صميمها

شهد ميناء الشهيد رجائي في مدينة بندر عباس جنوبي إيران،اليوم السبت، انفجارًا هائلًا أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة أكثر من 561 آخرين، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية.
وبحسب إدارة الجمارك الإيرانية، وقع الانفجار في مستودع للبضائع الخطرة والمواد الكيماوية بالميناء. فيما أكد التلفزيون الإيراني أن مصدر الانفجار كان حاوية غير معروفة المحتوى حتى الآن، مستبعدًا أن يكون الحادث ناجمًا عن خزان للأمونيا.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي لحظة الانفجار، حيث شكل كرة لهب عملاقة ارتفعت فوق الميناء، بينما أدت قوته إلى تحطم زجاج مبانٍ على بعد عدة كيلومترات، وسمع دويه في المدن المجاورة، بما في ذلك جزيرة قشم الواقعة على بعد 26 كيلومترًا.
تفاصيل الحادث
وفقًا لوكالة “تسنيم” الإيرانية، تم إيقاف جميع الأنشطة في الميناء فور وقوع الانفجار، حتى تمكنت قوات الأمن والإغاثة من السيطرة على الوضع. وأشارت وكالة “فارس” إلى أن ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى 40 درجة مئوية وتراكم المواد القابلة للاشتعال، ساعدا في سرعة انتشار الحريق والانفجار.
وتحدث مدير عام إدارة الأزمات في محافظة هرمزغان عن أن السبب لا يزال قيد التحقيق، مشيرًا إلى أن مصدر الانفجار هو عدة حاويات مخزنة في ساحة الحاويات بالميناء.
ولفتت وكالة “فارس” إلى أن رائحة تشبه الكبريت كانت منتشرة في محيط موقع الحادث، فيما باشرت فرق الإغاثة عملية إخلاء المركبات من المنطقة لتسهيل جهود السيطرة على الحريق.
التحقيقات الجارية
أمر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بفتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، وكلف وزير الداخلية، إسكندر مؤمني، بالتوجه إلى الموقع كمبعوث خاص للوقوف على تفاصيل الواقعة وحالة المصابين. وأعرب الرئيس عن تعاطفه العميق مع الضحايا، مؤكدًا ضرورة إعلان نتائج التحقيق بشفافية.
من جانبها، أوضحت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أن تحديد السبب الدقيق للانفجار يحتاج إلى وقت إضافي، خاصة مع استمرار أعمال إخماد الحريق. وأشارت إلى أن الحاويات التي كانت مكدسة بأحد أطراف الميناء يُحتمل أنها احتوت على مواد كيماوية قابلة للانفجار.
وأكد التلفزيون الإيراني أن التقصير في التعامل مع المواد القابلة للاشتعال كان من العوامل المساهمة في وقوع الكارثة.
الموقف الإسرائيلي
في أول تعليق لها، نفت مصادر عسكرية إسرائيلية، نقلًا عن صحيفة “معاريف”، وجود أي علاقة لإسرائيل بالانفجار الذي وقع في بندر عباس. جاء ذلك بالتزامن مع انعقاد الجولة الثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان.
يُذكر أن الميناء كان قد تعرض سابقًا لهجوم إلكتروني في عام 2020 نسب إلى إسرائيل، ما تسبب حينها في اضطرابات كبيرة في حركة النقل البحري، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”.
كما نشر الناشط الصهيوني إيدي كوهين مقطع فيديو للانفجار على منصات التواصل الاجتماعي،عبر حسابه على “تويتر”، معلقًا عليه بكلمة “باي باي”، ما أثار ردود فعل واسعة.
أهمية ميناء الشهيد رجائي
يعد ميناء الشهيد رجائي من أهم الموانئ الإيرانية، إذ يمثل الجزء الأكبر من عمليات التحميل والتفريغ في البلاد، بمساحة 2400 هكتار، وطاقة استيعابية تصل إلى 70 مليون طن سنويًا. ويضم 23 رصيفًا بعمق 15 مترًا، ويشرف على نحو 85% من حركة البضائع الإيرانية.
وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها بندر عباس حوادث مماثلة؛ فقد تعرضت المدينة في السنوات الماضية لعدة انفجارات في مصافي النفط وتسربات غازية، بالإضافة إلى هجوم إلكتروني استهدف الميناء في عام 2020، والذي نسب حينها إلى إسرائيل كرد فعل على هجوم إلكتروني إيراني سابق.
ميناء الشهيد رجائي يعد شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا لإيران، حيث يشكل مع ميناء بندر عباس المجاور المركز الأهم لحركة البضائع الإيرانية، بطاقة استيعابية تصل إلى 70 مليون طن سنويًا عبر 23 رصيفًا.
بينما لا تزال ألسنة اللهب تتصاعد في موقع الحادث، تتواصل التحقيقات لمعرفة الأسباب الدقيقة وراء الانفجار. وينتظر الرأي العام الإيراني والدولي نتائج التحقيق الرسمي وسط حالة من القلق حول مدى تأثير هذا الانفجار على حركة التجارة في أحد أهم الموانئ الإيرانية، وكذلك على الوضع الأمني العام في منطقة الخليج.