العشوائيات والزلازل.. منازل هشة وسكان بلا أمان

تحقيق – آيــة زكـي
استيقط ملايين المصريين في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 على وقع زلزال مفاجئ، مما أثار حالة من الذعر في القاهرة الكبرى وعدد من المحافظات، أعادت الهزة الأرضية إلى الأذهان تساؤلات حول استعدادات الدولة لمواجهة الكوارث الطبيعية، لا سيما في المناطق العشوائية التي تعاني من غياب التخطيط والبنية التحتية، مما يجعلها الأكثر عرضة للدمار في حال وقوع أي هزة أرضية.
أحياء مهددة بالخطر
تضم محافظة القاهرة 109 منطقة عشوائية، منها 64 منطقة غير آمنة قابلة للتطوير و30 منطقة غير قابلة للتطوير،تعتبر الأكثر تعرضًا للتأثر بالزلازل، نظرًا لضعف البنية التحتية والتكدس السكاني، وتمت إزالة العديد من المناطق الخطرة مثل الدويقة، بطن البقرة، عزبة خير الله، واسطبل عنتر.
أما محافظة الإسكندرية فتضم 33 منطقة عشوائية، منها 10 مناطق خطرة مثل كرموز، غيط العنب، نجع العرب، وادي القمر، الهضبة الصينية، حيث تتسم المباني فيها بالتهالك وقلة الصيانة، و تم تطوير بعضها ضمن مشروع “بشاير الخير”.
مركز سيطرة الطوارئ بـ”التنمية المحلية”: غرفة عمليات مركزية لمواجهة الكوارث الطبيعية
وقال مصدر مسؤول بوزارة التنمية المحلية، إن مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بمقر الوزارة يمثل غرفة العمليات المركزية لإدارة الكوارث الطبيعية، بما في ذلك الزلازل.
وأكد المصدر في تصريحات لـ “اليوم“، أن المركز يعمل على متابعة ورصد الهزات الأرضية فور وقوعها، وتنسيق جهود الاستجابة السريعة مع فرق الإنقاذ بالمحافظات المتضررة، مضيفًا، أن نقوم بتوجيه الفرق الميدانية بناءً على المعلومات الواردة من الجهات المختصة، وتنسيق جهود الإنقاذ مع الإسعاف والحماية المدنية، لضمان سرعة التعامل مع تداعيات الزلزال وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
وأشار المصدر إلى أن المركز يتلقى البلاغات من المواطنين ويعمل على تحليل البيانات، مما يتيح اتخاذ قرارات سريعة وفعالة في حالات الطوارئ.
خبير التنمية المستدامة : “العشوائيات والزلازل” خطر يهدد الأرواح
ومن جانبه،كشف الدكتور الحسين حسان ، خبير التنمية المستدامة و تطوير العشوائيات، أن المشكلة ليست في مواجهة الكارثة فقط، بل في غياب خطط الوقاية الفعالة، نحن نرى إصلاحات وتدعيمات مؤقتة بعد كل حادث، لكن لا توجد سياسات مستدامة للحد من المخاطر.
و أشار الحسين حسان في تصريحات خاصة لـ” اليوم” ، أن السبب الرئيسي في تعرض العشوائيات للخطر هو غياب المعايير الهندسية الصحيحة أثناء البناء، وعدم وجود بنية تحتية متينة، لافتاً، إلى هذه المناطق بُنيت عشوائيًا دون أي إشراف، مما يجعلها قنابل موقوتة عند حدوث أي كارثة طبيعية .
وأوضح خبير التنمية المستدامة و تطوير العشوائيات، أن حتى في حال وقوع الزلزال، فإن فرق الإنقاذ تجد صعوبة في الوصول إلى هذه المناطق بسبب الأزقة الضيقة والمباني الملاصقة، هذا الواقع الأليم الذي يعايشه سكان تلك المناطق، حيث لا يستطيعون مغادرة منازلهم بالرغم من المخاطر المتزايدة نتيجة للظروف السيئة التي يعيشون فيها.
وقال “حسان”، إن الزلزال الذي ضرب البلاد اليوم لم يكن مجرد حدث طبيعي عابر، بل هو تذكير جديد بحجم الإهمال في العديد من المناطق، خاصة العشوائيات، التي تعتبر الأكثر تضررًا في مثل هذه الحالات،مشددًا على ضرورة تبني الحكومة لخطط شاملة لإعادة تخطيط الأحياء الشعبية والعشوائيات، وبناء مباني مقاومة للزلازل، وتوعية السكان بكيفية التصرف في حالة الطوارئ، بالإضافة إلى ذلك، يجب فرض رقابة صارمة على عمليات البناء والتطوير لضمان تحقيق معايير السلامة.
وأضاف خبير التنمية المستدامة و تطوير العشوائيات، أن السبيل الوحيد لحماية سكان العشوائيات من خطر الزلازل هو تنفيذ خطط إعادة تطوير هذه المناطق، وتوفير مساكن آمنة، وتعزيز ثقافة الوقاية لدى السكان، كما يجب تطبيق معايير البناء المقاوم للزلازل، وفرض رقابة صارمة على أي عمليات بناء جديدة، مشيراً، إلى أن حتى يتم تحقيق ذلك، ستظل هذه المناطق رهينة للخطر، تنتظر النجاة في كل مرة تهتز فيها الأرض.
تطوير وإزالة العشوائيات في القاهرة
تواصل محافظة القاهرة بالتعاون مع أجهزة الدولة تنفيذ خطة شاملة للتعامل مع المناطق العشوائية التي بلغ عددها 109 مناطق موزعة بين مناطق غير آمنة ومناطق قابلة للتطوير
بحسب تقرير صادر عن المحافظة تم تصنيف هذه المناطق على النحو التالي :
تصنيف المناطق العشوائية يشمل مناطق غير آمنة قابلة للتطوير وعددها 64 منطقة ومناطق غير آمنة غير قابلة للتطوير وعددها 30 منطقة منها 24 منطقة تمثل خطورة أولى بالإضافة إلى مناطق آمنة عشوائية ذات طابع غير منظم.
نسب الإزالة والتطوير توضح أن هناك 20 منطقة تم إزالتها كليا لكونها مصنفة خطورة أولى بينما تم إزالة 4 مناطق جزئيا من نفس التصنيف كما سجلت المنطقة الجنوبية أعلى نسبة إزالة للمناطق غير الآمنة بنسبة 50% تليها الغربية بنسبة 46% ثم الشرقية بنسبة 4% على مستوى محافظة القاهرة.
بالنسبة لموقف المناطق العشوائية من التطوير تضم المنطقة الشرقية 8 مناطق قابلة للتطوير و7 غير قابلة والمنطقة الغربية 12 منطقة قابلة للتطوير و11 غير قابلة أما المنطقة الشمالية فتشمل 7 مناطق قابلة للتطوير دون وجود مناطق غير قابلة في حين تضم المنطقة الجنوبية 37 منطقة قابلة للتطوير و12 غير قابلة.
نسب الإنجاز تشير إلى أن 66% من المناطق العشوائية القابلة للتطوير تم تطويرها بينما يجري العمل على تطوير 25% من المناطق و9% لم يبدأ العمل بها بعد.
فيما يتعلق بإزالة ونقل سكان المناطق الخطرة عملت المحافظة على نقل السكان إلى مشروعات الإسكان البديل التي أقامتها الدولة ومن أبرز هذه المناطق عزبة العرب بالمقطم التي شهدت نقل 16522 نسمة ومنشأة ناصر التي شملت مناطق الدويقة 1 و2 جبل المقطم الحرفيين وادي فرعون أرض السماد النرش بإجمالي 184 ألف نسمة.
كما تم إزالة منطقة سلم قلعة الكبش في السيدة زينب التي كان يسكنها 1177 نسمة وفي مصر القديمة تم نقل سكان مناطق بطن البقرة اسطبل عنتر وعزبة خير الله.
تستمر المحافظة في خطتها لتطوير هذه المناطق بالتوازي مع توفير وحدات سكنية بديلة لسكان المناطق التي تم إزالتها في إطار جهود الدولة لتحسين جودة الحياة للمواطنين.