
تقرير: هالة عبد الهادي
في منطقة تتقاطع فيها التوترات بالصراعات الحدودية، يشكل ميزان التسلح النووي بين الهند وباكستان واحدة من أخطر نقاط الاشتعال المحتملة في العالم. فعلى الرغم من مرور أكثر من 25 عامًا على التجارب النووية الأولى للبلدين، لا تزال المخاوف قائمة من تحول الردع النووي إلى كارثة إنسانية كبرى.
من حيث الكم، يقترب الطرفان من التكافؤ، حيث تمتلك الهند ما قوامه 160- 170 رأسًا نوويًا، بينما تشير التقديرات إلى أن باكستان تمتلك نحو 165 رأسًا، بيد أن هذا التوازن العددي يخفي وراءه اختلافًا جذريًا في العقيدة النووية، فبينما تتبع الهند سياسة “عدم الاستخدام الأول”، التي تَعِد بعدم البدء بضربة نووية، تعتمد باكستان على “الردع بالاستخدام المبكر”، ما يعني أن أي تهديد عسكري تقليدي واسع قد يُقابل برد نووي مباشر، دون انتظار لتصعيد تدريجي.
كما يعكس ذلك التفاوت في العقيدة النووية اختلافات في التوجهات التقنية، فبينما تسعى الهند لتأمين قدرة تنفيذ “الضربة الثانية”، عبر تطوير منظومات إطلاق برية وجوية وبحرية تشمل الغواصات النووية، تركز باكستان على الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، وتطوير دقة الاستهداف، في محاولة لتعويض الفارق في الإمكانيات التقليدية. وعلى الرغم من هذه الفروق، فإن سباق التسلح النووي بين البلدين يشير إلى استعداد كل طرف للاحتفاظ بقدرات ردع قوية، مما يرفع من درجة التوتر.
لكن الأخطر من سباق التسلح نفسه، هو هشاشة منظومة الدفاع لدى الطرفين، حيث تفتقر كل من نيودلهي وإسلام آباد إلى منظومات فعالة لاعتراض الصواريخ، ما يجعل من أي ضربة نووية تحمل سيناريو مروعًا.
شتاء نووي وجوع عالمي
حذرت دراسة، صادرة عن جامعة روتجرز الأمريكية، من أن اندلاع حرب نووية بين البلدين قد يؤدي إلى مقتل 100 مليون شخص خلال دقائق، في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية، بخلاف سحب الدخان والرماد، التي قد تؤدي إلى “شتاء نووي” يخفض درجات الحرارة عالميًا، ويتسبب في مجاعات تهدد حياة مليارات البشر، ما يجعل العالم كله في دائرة الخطر.
الردع النووي والاستقرار
يرى بعض الخبراء: أن الردع النووي عنصر فاعل في كبح الانزلاق نحو مواجهة موسعة، على الرغم من خطره المحدق، حيث علق الدكتور “علاء عمر”- الكاتب و المحلل السياسي والجراح- على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في بداية الأزمة، قائلًا: “رغم الأزمات الداخلية في باكستان، فإن امتلاكها 165 رأسًا نوويًا محمولًا على صواريخ باليستية عابرة للقارات يجعلها دولة مرهوبة الجانب”.
وأضاف: “العالم الراحل عبد القادر خان، الذي يُلقب بأوبنهايمر الباكستاني، لعب دورًا محوريًا في تثبيت دعائم الردع النووي الباكستاني، وإنقاذ البلاد من احتمالات الاحتلال أو الانهيار”. ومن هنا يكون السلاح النووي الباكستاني أداة ردع قوية في مواجهة أي تهديد خارجي، بما في ذلك محاولات الغزو أو التدخل الدولي.
وفي النهاية، يبقى الخطر الأكبر ليس فقط في وجود السلاح النووي، بل في الخطأ البشري أو سوء التقدير، وبينما تتبادل الدولتان رسائل التحذير والتلويح بالقوة، وهو ما كان يخشاه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، قبيل اتفاق وقف إطلاق النار- حسب تقارير وسائل إعلام أمريكية.
إقرأ أيضا: