حوارات

طبيب الأسنان على باب بيتك… ثورة طبية يقودها “دكتور جو”

شاب مصري يتحدى التقاليد ويطلق أول "عيادة أسنان بيتية"

حوار – عماد نصير:

لم تعد الخدمات الطبية حكرًا على المستشفيات والمصحات والعيادات كما كان في الماضي، بل أصبحت اليوم في متناول المرضى حتى وصلت إلى منازلهم. وربما يبدو هذا أمرًا بديهيًا في معظم التخصصات الطبية… باستثناء طب الأسنان! لكن “دكتور جو” كسر هذه القاعدة.

الدكتور عبدالرحمن حاتم، طبيب أسنان شاب، من أولئك المبدعين الذين فكروا خارج الصندوق. لم تقف طموحاته عند حدود عيادة مجهزة بتكاليف باهظة، بل اختار أن يمارس مهنته التي أحبها ودرسها وتنقّل بها بين المنازل والمكاتب، حاملًا حقيبة لا يتجاوز وزنها 12 كيلوجرامًا، تحتوي على عيادته المتنقلة بكل معداتها وتجهيزاتها وتعقيمها! لم يسبقه لهذه الفكرة على مستوى العالم سوى “روزالين” طبيبة الأسنان في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”.

كيف اتخذت هذا القرار الجريء والمختلف؟

في البداية، انطلقت الفكرة من رغبتي في مساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة وأنني رافقت جدتي – رحمها الله – التي كانت تجلس على كرسي متحرك لمدة عشر سنوات. شهدتُ المعاناة التي كانت تواجهها عند زيارة طبيب الأسنان، حيث كان من الضروري نقلها بسيارة إسعاف نظرًا لحالتها الصحية. ومن هنا تولدت لديّ قناعة بأن مهنة الطب، بكل تخصصاتها، ليست مجرد سلعة تُباع، بل هي خدمة إنسانية يجب أن تُقدم بروح إنسانية تراعي ظروف المرضى وحاجاتهم، بما يتماشى مع سمو هذه المهنة.

هل واجهت انتقادات من زملائك أو من المجتمع؟

كان أول من دعم الفكرة والدَيّ العزيزين: والدي، الدكتور حاتم حسين، أستاذ بجامعة North Carolina وأحد أفضل 100 باحث عالميًا، ووالدتي، الدكتورة رانيا زكي، أستاذة بجامعة المنصورة وجامعة Buffalo. فور طرح الفكرة عليهما، وجدت منهما كل الدعم والتشجيع، ولم يُظهرا أي تردد، بل كان لهما الفضل الكبير في تحويل حلمي إلى واقع.

لكن في المقابل، واجهت رفضًا من عدد من أطباء الأسنان الذين اعتبروا الفكرة تقليلًا من شأن المهنة، بحجة أن الطبيب لا يذهب إلى المريض في منزله. إلا أنني أرى أن الأمر أعمق من ذلك، فهو يحمل بُعدًا إنسانيًا واضحًا، ويعكس المبادئ النبيلة لمهنة الطب التي تهدف إلى صون النفس البشرية وتخفيف الألم، خاصة لفئات كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

كيف كانت ردة فعل المرضى؟

تفوق رد فعل المرضى كل توقعاتي! الناس كانوا في غاية السعادة لسهولة الوصول إلى خدمات الأسنان دون مشقة. لم أكن أتخيل أن أصل إلى 1300 مريض في وقت قياسي. أنا راضٍ تمامًا عن هذه التجربة، وأشعر بأن المرضى أيضًا سعداء بالخدمة، خاصة بعد أن أصبحت هذه الفكرة منتشرة في الشارع المصري.

وكيف تضمنون كفاءة التعقيم؟

منذ بداية الفكرة، كان الرهان الأكبر على جودة الخدمة، وخاصة “التعقيم”، وهو ما أحرص عليه بشدة. نتبع أعلى معايير التعقيم العالمية، حيث يتم تعقيم الأدوات داخل العيادة المتنقلة، وتُحفظ في حاويات مخصصة، ولا تُفتح إلا أمام المريض ليطمئن إلى نظافتها. نؤمن أن تقديم الخدمة في المنزل لا يعني أبدًا التنازل عن شروط السلامة والتعقيم، بل العكس تمامًا. وقد لفت هذا الاهتمام الأنظار، حتى أن إحدى الصحف الأمريكية تناولت قصتنا كفكرة جديدة تُقدم الطب بقالب عصري يحترم القيم الطبية.

هل واجهتم أي تضييق من وزارة الصحة أو اعتراضات من الزملاء؟

لم نواجه أي اعتراض من وزارة الصحة، لأن الزيارات المنزلية معترف بها في مختلف التخصصات، ولدينا تصريح رسمي تحت مسمى “عيادات خارجية”. المجتمع المصري أصبح أكثر تقبلًا للفكرة، ولم تعد الخدمة مقتصرة على كبار السن أو ذوي الاحتياجات، بل بدأنا نخدم حتى من لا يعانون من صعوبات في التنقل، ولكن يفضلون الراحة.

والأهم من ذلك أننا نقدم نفس الخدمة بنفس التكلفة المعتادة داخل العيادات، دون أي زيادة. لا فرق في السعر سواء جاء المريض إلى الطبيب أو العكس، فالقيمة واحدة، لأن هدفنا الأول هو تقديم خدمة طبية بروح عصرية وإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights