«الشابو».. شيطان المخدرات الأسرع قتلا
مدير صندوق الإدمان في حوار لـ «اليوم»: الشبو يفتك العقل.. وهو سبب انتشار الجرائم والعنف خلال السنوات الأخيرة

حوار- محمود عرفات
في زمن استشرت فيه الجريمة، وكثرت فيها السلوكيات العنيفة؛ يبدو مخدر “الشابو” كأحد أبرز العوامل التي شكَّلت عددا من الجرائم لا حصر لها، حتى صارت ناقوس خطر يهدد حياة الشباب والمجتمع ككل، وذلك كونه يعد ضمن المخدرات التخليقية المصنعة في المعامل الكيماوية، وهي أكثر خطورة من المواد المخدرة المعتادة، لسرعة تأثيرها بقوة على عقل الإنسان.
وفي هذا الصدد كان لنا هذا الحوار مع الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة الإدمان، وحديث مستفيض حول مخدر الشبو ومكوناته وطرق العلاج منه وعلاقته بالجرائم الخطيرة والسلوكيات العنيفة المنتشرة مؤخرًا.
إلى نص الحوار:-
في البداية، ما هو مخدر الشابو وما هي أعراضه
قال عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة الإدمان إن مخدر الشابو اصطلح عليه علميا باسم “الميثامفيتامين”، وهي تحتوي على منبهات ذات تأثير يشبه الكوكايين، غير أن مداها وتأثيرها أكثر خطرا على عقل الإنسان، مؤكدًا أنه يُذهب العقل المتعاطي بحيث يرتكب سلوكيات عنيفة وجرائم دون أن يكترث لمدى خطورتها.
وأضاف أن هناك علاقة طردية بين “الشابو” وهرمون السعادة، بحيث أن المتعاطي كلما تناول المخدر؛ أفرز الدوبامين وهو ما يجعله في حالة نفسية تصل إلى حد “جنون العظمة”، مؤكدًا أن الشابو يسبق غيره من المخدرات في سرعة التأثير، حيث يدخل المخدر إلى مجرى الدم بسرعة هائلة، ثم يبدأ دوره السريع نحو التأثير المدمر على الجهاز العصبي المركزي.
أعراض نفسية وجسدية
وعن أعراض “الشابو” قال إن الأعراض متفاوتة وليست محصورة في عدة مواصفات تنطبق على كل متعاطي له، لأن ذلك يعود إلى المرحلة التي وصل لها المدمن وإلى حد وصل تأثيرها على الجسد، وهذا يختلف من شخص لآخر، مؤكدا أن الإسراع بالرجوع إلى علاج المدمن طبيا ونفسيا يساعد على التخلص من الأعراض التي ظهرت على الجسد بشكل سريع ثم يتعافى تماما منه.
وذكر أن هناك عدة أعراض نفسية وجسدية تظهر على المدمن في فترة التعاطي، ويتمثل الأخير في فقدان الوزن بشكل سريع، وزيادة ضربات القلب، وفرط النشاط والحركة، وعدم القدرة على النوم بشكل مريح، متابعا أن الأعراض النفسية أيضا تظهر عليه بشكل ملحوظ مثل الهلوسة، والعدوانية، والشعور بالعظمة، وانعدام التركيز بجانب اكتئاب مصاحب له طوال فترة الإدمان، لافتا إلى أن الأعراض الطبية والنفسية تؤدي بدورها إلى تغيرات في السلوكيات بحيث يجعل تفكير مدمن الشابو دائما نحو الانتحار والانعزال عن الناس، بجانب المظاهر الغريبة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لمدمنين يتمرّغون في الطين ويضربون أنفسهم بشكل مهين.
ما هي أوجه الفروق بين الشبو وغيره من المخدرات المتعارف عليها؟
وأوضح أنه قبل ما يقرب من عشرة أعوام لم يكن هناك أي مخدرات سوى المتعارف عليه مثل الحشيش والهروين والترامادول وغيرها من المخدرات التي وإن كانت مضرة، إلا أن علاقتها بارتكاب الجرائم والعنف أقل من المواد المخدرة التي ظهرت حديثا وعلى رأسها “الشبو” أو ما يعرف أيضا باسم الآيس، مشيرًا إلى أنه يختلف بشكل كليّ عن غيره من المواد المخدرة الأخرى.
قتل بدم بارد
وأشار إلى أن الفرق بينه وبين الهيروين والترامادول على سبيل المثال أن من يتعاطى أي واحد منهما فإن تأثيره ينحصر في عدة أمور بين شرود في الذهن وبلادة في الجسد، بحيث ينعدم معه الإحساس، مؤكدًا أن الشابو تخطى هذه المراحل بكثير بحيث يكون المتعاطي له في حالة معاكسة لكل ما سبق بالإضافة إلى أشياء أخرى؛ إذ إن المتعاطي له يكون في أشد حالات اليقظة والانتباه، ومن الممكن أن يصل إلى ثلاثة أيام دون نوم، وغيرها من الأمور التي تجعل قدرته على القتل من أقل الأشياء ممكنة، لافتا إلى أنه يفعل ذلك وهو سعيد دون أن يكترث بالجريمة وخطورتها.
على غرار الجرائم المنتشرة مؤخرا.. ما هي العلاقة بين مخدر الشبو والسلوكيات العنيفة للأشخاص؟
ولفت أن ما يجعل الشبو أكثر خطورة من غيره العلاقة الوطيدة بينه وبين ارتكاب الجرائم بشكل لا يفرق بين الأهل وغيرهم، وهذا انتشر بكثرة خلال السنوات الأخيرة بشكل محزن جديد على المجتمع، كأن يذبح ابن أبيه كما حدث من فترة قريبة، مؤكد أن هذا الفعل لا يظهر إلا من مدمن الشبو، لأن المخدر شديد السمية سريع التأثير، ويجعل الإنسان في غاية الانتباه ولكن عقله في عالم آخر، موضحا أن سبب إقبال مدمن الشبو على السلوكيات العنيفة هو الخلل الذي أحدثه المخدر في خلايا المخ، وهو بدوره أثّر على الوظائف العليا في الدماغ فتكون النتيجة همجية وعنف قد يصعب السيطرة عليه.
هل يمكن العلاج من مخدر الشابو، وما هي طرق التعافي؟
وأكد إن هناك حالات لا حصر لها تم علاجهم برغم أنهم كانوا قد وصلوا إلى مراحل حرجة، ولكن الإصرار والعزيمة مع الالتزام بنظام العلاج أنقذهم من الموت المحقق، مناشدا كل مدمني الشادو بالإسراع قبل أن يفوت الأوان، مؤكدًا أن المدمن لا ينقذ نفسه فقط، بل ينقذ مَن حوله معه.
وعن طرق العلاج من “الشابو” قال إن أول شيء لابد من العمل عليه مراعاة جانب تحفيز المريض، وعدم التعامل معه على أنه مدمن ومجبر على العلاج، لافتا إلى أن العلاج المعرفي السلوكي من أهم طرق العلاج، حيث ينبغي على من يتعامل مع المدمن أن يكون على دراية بشخصيته حتى لا يتعرض لأذى من أي نوع، حيث يستطيع أن يتجنبه في أوقات ويتقرب منه في أخرى، مؤكدًا أنها عملية لها أبعاد نفسية وعقلية بشكل كبير.
مكافآت نقدية
وأضاف أن ما ينصح به كثيرا أثناء التعامل مع المدمن تقدم إليه محفزات يحصل إليها إذا امتنع عن التعاطي، حتى لو وصلت إلى أن تكون مكافآت نقدية، هذه الأمور برغم أنها ليس دوائية، إلا أن البُعد النفسي له نصيب الأسد في التعامل مع المدمن حتى آخر مرحلة، لافتا إلى أن المتعاطي مهما كان يريد أن يتخلص مما هو فيه بحاجة إلى الرجوع إليه؛ حيث إن المخدر يعطيه نشوة وسعادة اعتاد عليها بشكل شبه يومي.
ما هي خطة صندوق مكافحة الإدمان لمكافحة تعاطي المخدرات؟
وعن جهود صندوق الإدمان في مكافحة الإدمان قال إنه قد بذل جهود حثيثة للقضاء على الإدمان ومحاربة كل طرق التعاطي حتى تخطى عدد المتعافين مئتي ألف شخص، وذلك بالاعتماد على عدة أهداف، أولها وضع آليات معرفية حول المخدر وما يحدثه من أثر نفسي كبير على الشخص المتعاطي، وهذا ما يجعل المتابعة تكون دقيقة مع كافة الحالات منذ دخوله حتى التعافي ودمجه للمشاركة في أنشطة حتى يتأهل نفسيا للعودة للحياة الطبيعية.
أنشطة رياضية وثقافية
وأضاف أن صندوق الإدمان أتاح العلاج المجاني للمتعاطين، وذلك من خلال بروتوكولات تعاون مع شركات خيرية، لافتا إلى أن المتعاطي حين ينتهي من مرحلة العلاج يوفر له الصندوق أنشطة رياضية تساعده على الاستقرار، كدورات كرة القدم وتنس الطاولة حتى يعود للاندماج بقوة في المجتمع، مؤكدا أنه تم تدريب ما يقرب من 3200 متعاف داخل ورش التدريب بمراكز العزيمة التابعة لصندوق مكافحة الإدمان خلال الثلث الأول من عام 2025.