أستاذ الاقتصاد: أمريكا الخاسر الأكبر من سياسات ترامب الجمركية.. ومصر أمام فرصة ذهبية

حوار – يوستينا أشرف:
يواجه الاقتصاد العالمي تحديات جمّة تتطلب مناقشات معمقة وتحليلات مستنيرة، ومن أبرز هذه التحديات، القرارات الاقتصادية الكبرى التي تتخذها القوى العالمية وتأثيرها على الدول النامية. وفي حوار خاص لجريدة “اليوم” مع الدكتور سعيد عبد العزيز عثمان، أمين محافظة الإسكندرية بحزب مستقبل وطن، وأستاذ الاقتصاد والمالية العامة بكلية الأعمال – جامعة الإسكندرية، نسعى من خلاله لفهم أبعاد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن زيادة التعريفات الجمركية، وكيف يمكن لمصر أن تتعامل مع هذه التحولات العالمية.
إلى نص الحوار:
● كيف اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراته بشأن زيادة التعريفات الجمركية؟
أولًا، بالنسبة لقرار الرئيس ترامب فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية والنظام العالمي، وبناءً على اتفاقية نظام بريتون وودز، كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعمة والحارسة لتطبيق النظام العالمي. هذا النظام يحكمه اتفاق “الجات”، وهي اتفاقية متعددة الأطراف تنظم التجارة بين 153 دولة. وبهذه القرارات التي أصدرها ترامب، غير المنطقية، تقود أمريكا العالم في اتجاه معاكس لهذه الاتفاقيات ومبادئ التجارة الحرة.
● ما هو التأثير العالمي لقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
أولًا، قرارات ترامب أثرت على الصين، وهي من أكبر الدول الاقتصادية. نشهد اليوم حربًا اقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم، وخاصة الصين والاتحاد الأوروبي. وأضاف أن ترامب يقوّض حرية التجارة، بينما الأصل أن أمريكا هي من تتولى تنفيذ حرية التجارة العالمية ومساعدة الدول الصغيرة لئلا تتضرر. لكننا نجد الآن أن قرارات ترامب تهدد مكانة أمريكا كقوة اقتصادية عظمى.
● كيف استقبل الاتحاد الأوروبي والصين قرارات ترامب برفع التعريفات الجمركية؟
لا بد أن يكون هناك رد فعل من الاتحاد الأوروبي والصين. فقرار ترامب أحدث معدلات تضخم جديدة في الصين، وهو ما سيؤدي إلى تزايد حجم المخزون، إلا أن الصين تظل أكبر سوق عالمي، ولن تؤثر الـ 400 مليار دولار التي كانت تُصدّر إلى أمريكا تأثيرًا جوهريًا، لأنها لا تمثل 25% من حجم السوق الصيني، ويمكن استيعابها وتوجيهها إلى أسواق أخرى كالاتحاد الأوروبي. التأثير الأكبر سيكون على الولايات المتحدة الأمريكية، فالدول الخارجية يهمها الحفاظ على قوة الدولار الأمريكي.
تمتلك الصين استثمارات تبلغ 750 مليار دولار في أذونات الخزانة الأمريكية، وكذلك اليابان. وإذا قررت الصين أو اليابان سحب هذه الاستثمارات، يمكن أن يعاقب ترامب هذه الدول، مما يؤدي إلى انهيار في أسعار الدولار، وقد يتسبب في كوارث استثمارية في الصين، وكذلك في دول الخليج التي تمتلك أذونات خزانة أمريكية.
● كيف يمكن لمصر الاستفادة من العلاقات الأمريكية – الإفريقية في ظل سياسات ترامب؟
إن مصر هي بوابة أفريقيا، ويجب أن تقوم الحكومة المصرية بالاستفادة من هذه التغيرات من خلال وضع خطة لجذب المستثمرين من مختلف الدول. الصين تنظر إلى مصر باهتمام كبير، ولديها العديد من المشروعات الصناعية في منطقة قناة السويس. يجب على صانعي القرار في مصر إجراء دراسة علمية دقيقة، ووضع سياسات سريعة للتعامل مع تداعيات قرارات ترامب في حال ألحقت ضررًا بالتجارة العالمية. هذا الضرر سيكون مؤقتًا، لكنه بمثابة درس لجميع الدول، ويؤكد ضرورة عدم الاعتماد على الإدارة الأمريكية الحالية التي تتسم بالتقلب، ومعظم قراراتها لا تتماشى مع النظام العالمي للتجارة.
● من هم الخاسرون الرئيسيون من سياسات ترامب التجارية؟
الخاسر الوحيد هو الولايات المتحدة الأمريكية، فالشعب الأمريكي لا يتحمل هذه السياسات. أدّت الحرب التجارية إلى تفاقم حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، مما أثّر سلبًا على الاستثمار والتجارة.
بشكل عام، يمكن القول إن سياسات ترامب التجارية أدّت إلى خسائر واسعة النطاق، وكان المستهلكون والشركات في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الدول المتضررة من الرسوم الجمركية، من بين أبرز الخاسرين.