
في تطور خطير على الساحة الإقليمية، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن عن بدء العمل على فرض “حظر بحري” على ميناء حيفا، أحد أهم الموانئ الحيوية في إسرائيل، في تصعيد جديد ضمن سلسلة من العمليات التي تستهدف تعطيل البنية التحتية الإسرائيلية دعمًا لغزة.
ميناء حيفا في مرمى النيران
في خطاب متلفز مساء أمس، أكد المتحدث العسكري للجماعة، العميد يحيى سريع، أن ميناء حيفا بات منذ لحظة إعلان البيان “ضمن بنك الأهداف”، محذرًا كافة الشركات الملاحية من الاقتراب منه أو التعامل معه.
وأضاف أن هذا القرار يأتي استكمالًا لنجاح الحصار البحري المفروض على ميناء أم الرشراش (إيلات)، والذي توقف عن العمل كليًا بفعل الضربات الحوثية.
وأشار سريع إلى أن “القوات المسلحة اليمنية بعون الله لن تتردد في اتخاذ إجراءات إضافية دعمًا لشعبنا الفلسطيني المظلوم”، مؤكدًا أن العمليات العسكرية، سواء البحرية أو الجوية، ستتوقف فقط “عند وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها”.
الشريان الحيوي لإسرائيل
ميناء حيفا هو أكبر وأهم ميناء بحري في إسرائيل، ويُوصف بأنه “بوابة التجارة” للاقتصاد الإسرائيلي.
ويشكل منفذًا حيويًا لتصدير الغاز، واستيراد المواد الخام، والبضائع الصناعية، والحبوب، والمنتجات الكيميائية، ويستحوذ على أكثر من 35% من حجم تجارة إسرائيل البحرية.
ويمتد الميناء على مساحة 6.5 كيلومتر مربع في شمال فلسطين المحتلة، ويضم بنى تحتية متطورة، ومحطات متعددة للحاويات واللوجستيات، كما يعد مقرًا لعدد من مصانع البتروكيماويات ومستودعات ضخمة لمادة الأمونيا شديدة السمية.
خطر استهداف مخازن الأمونيا
تشير التقارير الإسرائيلية إلى وجود نحو 12 ألف طن من غاز الأمونيا في منطقة الميناء، ما جعل صحيفة “هآرتس” تصفه بأنه “قنبلة كيميائية موقوتة”.
ويتخوّف السكان في حيفا من أي استهداف مباشر قد يؤدي إلى انفجار هذه الكميات، ما قد يسفر عن مقتل 17 ألف شخص وإصابة أكثر من 70 ألفًا، بحسب التقديرات الإسرائيلية.
هذه المخاوف أعادت للأذهان تهديدات الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، الذي لطالما لوّح بإمكانية استهداف هذه المنشآت دون أن ينفذ ذلك، في حين يبدو أن الحوثيين لا يترددون في اتخاذ خطوات تصعيدية فعلية، ما يُشكّل تهديدًا غير مسبوق.
تعطل الحياة الاقتصادية
رغم وجود أربع طبقات من الدفاع الجوي الإسرائيلي والأمريكي – تشمل “ثاد”، و”حيتس”، و”باتريوت”، و”القبة الحديدية” – إلا أن الصواريخ الفرط صوتية التي استخدمها الحوثيون سابقًا قد تفلت من هذه المنظومات، ما يجعل احتمال إصابة أهداف حيوية مثل ميناء حيفا قائمًا.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن نجح الحوثيون في فرض حظر جوي غير معلن على مطار بن غوريون، مما دفع عشرات شركات الطيران إلى تعليق رحلاتها، وهو ما تسبب في شلل كبير للحركة الجوية في إسرائيل.
هل يغير الحوثيون قواعد اللعبة؟
توسيع الحوثيين لاستهدافهم نحو الشمال الإسرائيلي يمثل نقطة تحول استراتيجية، لا سيما أنه يستهدف شريانًا اقتصاديًا لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عنه.
كما أن فرض حظر فعلي على ميناء حيفا قد يعيد رسم خريطة الملاحة الإقليمية ويضاعف الضغط على تل أبيب، خاصة في ظل الفشل المتكرر في تحييد التهديدات القادمة من اليمن.
وفي ظل الانخراط الأمريكي المباشر في الدفاع عن الأجواء والمياه الإسرائيلية، يبقى السؤال مطروحًا: هل يؤدي استهداف حيفا إلى تغيير قواعد الاشتباك الإقليمي، أم يكون الشرارة التي تنهي الحرب على غزة بتكلفة باهظة لإسرائيل؟