داعية أزهري يوضح الفرق بين القبور والأجداث في القرآن الكريم

تقرير : أحمد فؤاد عثمان
في تأمل علمي وروحي عميق في كلمات الله عز وجل، كشف فضيلة الشيخ محمد أبوراس أبو عمار، العالم الأزهري، عن دلالة قرآنية دقيقة تبيّن الفرق بين موضع دفن الإنسان في الدنيا، وموضع بعثه يوم القيامة، حيث يتجلى الإعجاز اللغوي والتشريعي في استخدام كلمتي “القبور” و”الأجداث” في سياقات مختلفة.
القبور موضع دفن في الدنيا… والأجداث موضع بعث في الآخرة
أوضح الشيخ أن القرآن الكريم عند ذكر دفن الإنسان استخدم مصطلح “القبور”، كما في قوله تعالى: “أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)”، بينما عند وصف لحظة البعث يوم القيامة، استخدم مصطلح “الأجداث”، كما في قوله تعالى: “يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ” (سورة القمر: 7).
هذا التمايز ليس عبثًا؛ بل يحمل دلالات عظيمة تشير إلى اختلاف طبيعة الأرض التي يبعث منها الإنسان عن تلك التي دُفن فيها.
أين القبور لمن مات غريقًا أو حُرق أو أكلته السباع؟
يتساءل الشيخ أبو عمار: “أين القبر لمن ابتلعه البحر، أو لمن أحرقت جثته وتحوّلت إلى رماد؟ أين قبر من نثرته الرياح أو أكلته الطيور؟”، مؤكدًا أن الأرض ستتبدل كما قال تعالى:
“يوم تُبدَّل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار” (سورة إبراهيم: 48)، وهنا لا يمكن الحديث عن القبور بمعناها المادي المعروف، بل تتحول الأرض كلها إلى وعاء للبعث، وتصبح “الأجداث” هي الأصل الذي يُبعث منه الإنسان.
الأجداث.. ليست قبورًا بل ذرات الحياة الأولى
بحسب تفسير الشيخ الأزهري، فإن “الأجداث” هي تلك الذرات الدقيقة من أجساد البشر التي حفظها الله عز وجل في الأرض، وهي التي سينبت منها الإنسان يوم القيامة، كما تنبت الزروع بعد المطر. واستشهد بقوله تعالى: “وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا… كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ” (سورة ق: 9-11).
وأضاف: “كما تنبت النخلة من نواتها، كذلك يبعث الإنسان من تلك الذرة الصغيرة، فلا يعجز الله شيء في الأرض ولا في السماء”، مُشيرًا إلى قول الله: “وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)” (سورة نوح).
نداء ختامي من الشيخ: لا تبخلوا بنشر العلم
وفي ختام بيانه، دعا الشيخ محمد أبوراس أبو عمار كل متابعيه ومحبي العلم إلى نشر هذا التدبر القرآني الجليل، داعيًا الجميع إلى تحريك ألسنتهم بذكر الله قائلين: “استغفر الله العظيم”