مقالات

الإعلامية هيام أحمد: تكتب «ماما أمريكا»

ماما أمريكا بتحبك على طريقتها الخاصة.

المرحلة الحالية في ملعب السياسة العالمية هي مرحلة التوجهات كل توجه وهيكون له ثمنه والتوجه لأمريكا ثمنه هيكون غالي جداً هي كدا لا أنت معانا لا علينا في هذه المرحلة لا مكان للحياد الرمادي ولا للخطابات المائعة عن الحرص والحكمة العالم يسير بسرعة نحو تقسيمات جديدة وكل دولة تدفع دفعًا لاختيار موقعها تمامًا كما يدفع اللاعب في رقعة الشطرنج ليتقدم أو يؤكل.

التوجه نحو أمريكا اليوم ليس مجرد خيار استراتيجي بل مغامرة مكلفة بثمن سياسي وأحيانًا أخلاقي لا يتحمله إلا من فقد القدرة على الحلم بالاستقلال. أمريكا في هذه المرحلة لا تقف معك بل تقف عليك. لا تحميك بل تعريك أمام الآخرين باسم التحالف هي لم تعد “ماما”، بل أقرب لتكون زوجة أب سياسية تبتسم في العلن وتساوم في الخفاء بل أن الدول التي لا تملك رأيًا، لا مكان لها الدول غير الفاعلة والدول الغير مؤثرة أصبحت كظل في خلفية الصورة.

لا ترى ولا تحسب. وفي هذا المشهد تظهر إدارة ترامب أو ما تبقى من أثرها كأنها كانت إستراحة صاخبة في قلب نظام عالمي يبحث عن ترتيب جديد إدارة قامت على الفضيحة وتغذت على الابتذال وأدارت الدولة كما يدار سوبر ماركت عروض تخفيضات وصفارات إنذار.
تصريحات ترامب لم تكن دبلوماسية بل أقرب لصوت “ميكروفون” في مول تجاري ضجيج بلا معنى ضوضاء تغطي على الفراغ. هذه الإدارة كانت عشوائية متحجرة وتفتقر لأي حنكة دولية. وعلى الجانب الآخر كانت الصين تتحرك كجراح بارع ببطء، بدقة، بصمت، لكن بثقة مقلقة.

أمريكا الجديدة… مشروع استثماري لا تحالف سياسي ما لا يقال كثيرًا أن أمريكا لم تعد “دولة” بالمعنى التقليدي، بل تحولت إلى كيان استثماري ضخم. الرئيس هو المدير التنفيذي، والمؤسسات السياسية مجرد أقسام في شركة متعددة الجنسيات. التحالف معها أصبح أشبه بتوقيع عقد شراكة مع عملاق تجاري الشروط مجحفة، والمكاسب تميل لصالح الطرف الأكبر، وأنت تحاسب حتى على نفسك.

حتى “الديمقراطية” التي تتحدث عنها أمريكا، لم تعد سلعة للتصدير، بل أصبحت مثل ضمان المنتج: يُكتب على العلبة، لكن لا أحد يلتزم به بعد الفتح. وأنت، كدولة صغيرة أو متوسطة، إما أن تشتري البضاعة كما هي، أو تخرج من السوق، الخيارات إذًا لم تعد سياسية فقط، بل وجودية إما أن تمتلك قرارك أو تدار من الخارج بفاتورة غير قابلة للتقسيط.
في النهاية، ماما أمريكا بتحبح. فقط على طريقتها الخاصة.

تضمك وهي بتفكك، تسمعك وهي بتسجلك، تدعمك وهي بتحاسبك. السؤال الحقيقي هل تحبها أم لأ ؟ بل هل تقدر تتحمل حبها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights