تقارير-و-تحقيقات

“الرصاصة في الصورة”.. خبراء لـ«اليوم»: الذكاء الاصطناعي حرب نفسية قلبت موازين المواجهة

تقارير مزيفة ومشاهد مفبركة ومعركة وعي تُدار خلف الشاشات

تقرير- محمود عرفات

منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى وما تلاها من أحداث وصراعات، آخرها الحرب الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران من جهة، وبين روسيا وأوكرانيا من جهة أخرى؛ تلعب أدوات الذكاء الاصطناعى دورا محوريا في توجيه الرأي العام، وذلك من خلال عدد من الصور والفيديوهات المفبركة التي سرعان ما تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل فيروسي لم يستطع المشاهد أن يفرق بينه وبين الحقيقة، ما يجعله سريع الانتشار والتصديق.. حرب نفسية تُدار بأقل جهد ممكن.

لم تعد الحروب والمعارك تُخاض فقط بالسلاح والنار، بل أصبحت الكاميرا والبرامج الذكية أخطر من الصواريخ، حيث بات الذكاء الاصطناعي أحد أقوى أسلحة الحرب المعنوية والمعلوماتية، حيث تنتج به جيوش إلكترونية صورًا ومقاطع فيديو مزيفة يصعب تمييزها عن الحقيقة، هذه الأدوات الجديدة قلبت موازين المواجهة، وأثارت مخاوف كبرى بشأن تأثيرها في المجتمعات.

حروب بلا رصاص

في ظل تصاعد الأزمات العالمية، كالحرب في غزة، أو التوتر بين إسرائيل وإيران، انتشرت صور لأحداث لم تقع، وأشخاص لم يظهروا، وتسجيلات تُظهر ما لم يحدث. كل ذلك باستخدام أدوات توليد مرئية صوتية قادرة على اصطناع مشاهد كاملة، وتحقيق تأثير نفسي فوري لدى المتلقي.

انتشار سريع التصديق

من جانبه قال د. سامي النحاس خبير تكنولوجيا المعلومات إن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة الإعلامية، خاصة في سياق الحروب، مشيرًا إلى أننا لا نتحدث فقط عن صور وفيديوهات مزيفة، بل عن محتوى يتم إنتاجه باستخدام نماذج توليدية متطورة يصعب على الإنسان العادي اكتشاف زيفها، لافتا إلى أن هذه التكنولوجيا أصبحت في متناول الجماعات المسلحة، وفرق الدعاية الحربية، بل وحتى الأفراد، مؤكدًا أن الخطر الأكبر هو أن هذه المواد تنتشر بشكل فيروسي على منصات التواصل، ويتم تصديقها فورًا من قبل المستخدمين دون تحقق”.

تأخر ردود المؤسسات الرسمية.. مؤشر خطر

وأضاف في تصريح خاص لجريدة ”اليوم” أن غياب الأدوات السريعة للتحقق، وتأخر ردود المؤسسات الرسمية، يمنح هذه الفيديوهات الزائفة مساحة زمنية كافية لإحداث تأثير فعلي، وتابع قائلًا: نحن بحاجة إلى نظم مراقبة ذكية بنفس كفاءة الأدوات المزيفة لرصدها في الوقت الحقيقي، بالإضافة إلى تثقيف الجمهور بشأن خطورة المحتوى الملفق.”

صدمة نفسية حقيقية

من جهتها قالت د. منى خالد خبيرة علم النفس الحربي إن الصور والفيديوهات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي لا تخلق فقط ارتباكًا معرفيًا، بل تُحدث صدمة نفسية حقيقية. حين يرى الإنسان مشاهد لأشلاء أو ضحايا أو رموز تنهار، ولو كانت غير حقيقية، فإن الدماغ يتعامل معها كأنها واقع. التأثير التراكمي لهذا النوع من المحتوى قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية جماعية، خصوصًا لدى الأطفال، أو من يعيشون في مناطق النزاع.”

قتل الثقة وزرع الشك

وأوضحت في تصريح خاص لجريدة “اليوم” أن “العدو بات يستخدم هذه الفيديوهات كجزء من الحرب النفسية، لترويج الخوف، وبث مشاعر الهزيمة، وتحطيم المعنويات، مؤكدة أن بعض المشاهد المفبركة تُستخدم في تحريض جماعات على أخرى. نحن أمام جيل جديد من الأسلحة الناعمة التي لا تقتل الأجساد، لكنها تقتل الثقة، وتزرع الشك”.

خاتمة

بين الذكاء الاصطناعي والحرب، لم تعد المعركة عسكرية فقط، بل باتت حربًا على الإدراك والوعي. والمطلوب الآن ليس فقط تحصين الجيوش، بل تحصين العقول، لأن المعركة المقبلة قد تبدأ من صورة.. وتنتهي بانقسام وطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights