📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
الرئيسيةتقارير-و-تحقيقات

الصوت الباكي.. في ذكرى رحيل القارئ الخاشع الشيخ محمد صديق المنشاوي

📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن

 

تقرير:مصطفى على

في العشرين من يونيو من كل عام، تتجدد الذكرى وتنبض القلوب بحنين خاشع إلى صوتٍ لم يكن مجرد أداء، بل تجلٍ روحانيّ من نوع فريد.
في هذا اليوم، تحيي وزارة الأوقاف المصرية الذكرى السنوية لرحيل أحد أعلام التلاوة وركائز المدرسة القرآنية المصرية: الشيخ الجليل محمد صديق المنشاوي، الذي غاب عن الدنيا في مثل هذا اليوم من عام 1969م، عن عمر لم يتجاوز 49 عامًا، لكنه خلّد اسمه بين نجوم القرآن، وأرسى مذهبًا خاشعًا مهيبًا ما زال يُنهل منه إلى اليوم.

نشأةٌ قرآنية في بيتٍ من نور

وُلد الشيخ محمد صديق المنشاوي في 20 يناير 1920، في قرية المنشاة بمحافظة سوهاج، في صعيد مصر، وهي القرية التي أنجبت العديد من كبار قرّاء مصر نشأ الشيخ في بيتٍ تتردد فيه آيات الله ليلًا ونهارًا؛ فوالده الشيخ صديق المنشاوي كان من أعلام قراء عصره، وأخوه الشيخ محمود صديق المنشاوي كذلك من الأسماء البارزة في عالم التلاوة.

في هذا البيت، تنفّس الشيخ محمد القرآن قبل أن يتعلّمه. أتمّ حفظ كتاب الله كاملًا في سن مبكرة، ولم يتوقف عند الحفظ، بل غاص في أعماق علوم التلاوة والقراءات، ونهل من ينابيع كبار المشايخ والعلماء، حتى أصبح نجمًا من نجوم الإذاعة المصرية، ومن الأصوات التي تعرفها الأمة الإسلامية شرقًا وغربًا.

“الصوت الباكي”… تلاوة تُبكي القلوب

لم يكن صوت الشيخ المنشاوي مجرد آلة لتجويد الحروف، بل كان مرآة روحٍ تخشع وتبكي وتناجي ربها. سُمّي “الصوت الباكي” ليس فقط لعذوبة صوته وانسياب نبراته، بل لما كان في أدائه من انكسار وخشية تجعل السامع يشعر أن صاحب الصوت يعيش الآية بكل كيانه لم يكن الأداء عنده استعراضًا، بل عبادة، وكان صوته يفيض خشوعًا حتى يلامس أعماق النفوس.

سجّل الشيخ محمد صديق المنشاوي المصحف المرتل كاملًا، وسجّل أيضًا ختمة مجوّدة تُبث حتى اليوم على إذاعة القرآن الكريم. وتعد تلاواته من المراجع الصوتية المعتمدة، التي يتعلم منها القراء فنّ التجويد وأدب الخشوع.

صوت مصر في العالم الإسلامي

لم يبق صوت الشيخ المنشاوي حبيس الأثير المصري، بل كان رسولًا لكتاب الله في مشارق الأرض ومغاربها شارك في بعثات قرآنية لعدد من الدول الإسلامية، منها فلسطين، وسوريا، والمملكة العربية السعودية، وليبيا، وإندونيسيا، وغيرها، وكان دائمًا محل حفاوة وتقدير.

وحيثما حلّ، حمل معه روح الأزهر الشريف، ومدرسة التلاوة المصرية، وترسّخ اسمه في ذاكرة الشعوب كرمزٍ من رموز التلاوة الخاشعة لم تكن زياراته مجرد حضور قارئ، بل كانت محطات نورية تُنعش القلوب وتُعلي من مكانة القرآن في الوجدان العام.

تواضع العلماء… وورع الصالحين

رغم ما بلغه من شهرة ورفعة، عُرف الشيخ محمد صديق المنشاوي بتواضعه الجمّ وابتعاده التام عن الأضواء لم يسعَ يومًا إلى الشهرة أو المجد، بل عاش خادمًا لكتاب الله في السر والعلانية لم يغيّره حب الناس ولا طلبهم له، بل ظلّ على حاله زاهدًا في الدنيا، معتكفًا في محاريب التلاوة، مستغرقًا في تدبر الآيات.

ورُوي عنه أنه كان يرفض إحياء الحفلات التي يغلب عليها الطابع الدنيوي، ويُعرض عن الدعوات التي لا تراعي حرمة القرآن، واضعًا نصب عينيه أن تلاوة كتاب الله عبادة لا تُبتذل ولا تُعرض في غير موضعها.

إرثٌ خاشع… مدرسة لا تُنسى

ورغم أن رحيله جاء مبكرًا، فإن الشيخ المنشاوي ترك أثرًا أكبر من أعمارٍ مديدة. فمدرسته لا تزال قائمة، وتلاميذه يتناقلون صوته كما يتناقلون دروسًا خفية في الخشوع والتقوى لم يكن مجرد قارئ، بل كان مدرسة متكاملة، صقلت أجيالًا ووجهت مسارات كثير من قراء العصر الحديث.

تُعد تلاواته اليوم من الكنوز التي يلجأ إليها الدارسون والقراء والمتذوقون للقرآن، لما فيها من دقة التجويد وصفاء الأداء وعمق التأثر إنّ إرث الشيخ المنشاوي ليس فقط في التسجيلات، بل في الروح التي بثّها في كلماته، وفي الخشوع الذي أرساه منهجًا لا أسلوبًا فقط.

وزارة الأوقاف: دعوة للتأسي والاقتداء

وفي بيانها الرسمي بهذه المناسبة العطرة، دعت وزارة الأوقاف إلى التأمل في سيرة الشيخ محمد صديق المنشاوي، والاقتداء بإخلاصه وتفانيه، مؤكدة أن أمثال هؤلاء العلماء هم قدوة لجيلٍ يبحث عن النور في زمنٍ يضجّ بالضجيج.

وشددت الوزارة على أن التلاوة ليست مجرد ترديد للحروف، بل عبادة ينبغي أن تُؤدى بخشوع وإتقان، وأن التعلّق بالقرآن الكريم يجب أن يكون سلوكًا يوميًا ومنهج حياة، كما كان الحال مع الشيخ المنشاوي، الذي لم يفصل بين التلاوة والسلوك، فكان القرآن كلامه وسَمْته.

في الذكرى… دعاء ووفاء

في ختام بيانها، رفعت وزارة الأوقاف أكفّ الضراعة، سائلة الله أن يرحم الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمة واسعة، وأن يجعل ما قدمه من خدمة للقرآن الكريم في ميزان حسناته، وأن يُلهم أبناء الأمة الاقتداء بخطاه، وأن تظل سيرته وتلاوته شعلة تهدي السالكين إلى طريق الخشوع والطهر.

إنها ذكرى ليست للحزن، بل للامتنان. امتنان لصوتٍ لا يزال يصدح من أعماق الإيمان، ولرجلٍ عاش للقرآن ومات في حبّه، وترك وراءه أثرًا لا يُمحى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights