تقرير: مصطفى على
في أجواء روحانية يغشاها الإيمان والتقرب إلى الله، يستعد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لاستقبال يوم تاسوعاء، الموافق للتاسع من شهر الله المحرم، ذلك اليوم الذي يسبق عاشوراء، ويُعد من الأيام المباركة التي تُستحب فيها العبادة والطاعات، وفي مقدمتها الصيام والدعاء.
يحمل يوم تاسوعاء مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، إذ يُعتبر من أيام الله التي أكرم بها عباده ليتوبوا ويُنيبوا، ويستغفروه ويسألوه حاجاتهم، سائلين رحمته وغفرانه، ورافعين أكفّ الدعاء بما يتناسب مع هذا اليوم الجليل الذي سبقه صيام النبي ﷺ وأوصى به.
فضل الدعاء في يوم تاسوعاء
الدعاء عبادة عظيمة من أجلّ العبادات، بل هو مخّ العبادة، كما جاء في الحديث الشريف ويُستحب في يوم تاسوعاء الإكثار من الدعاء لما له من فضائل عظيمة، لا سيما في يوم يصوم فيه المؤمنون تأسّيًا برسول الله ﷺ، ويغتنمون ساعاته بالتقرب إلى الله تعالى بالدعاء والاستغفار والذكر.
وقد قال النبي ﷺ:
“خيرُ ما قلتُ أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، وهو دعاء جامع للتوحيد والافتقار إلى الله، وتأكيد لمقام العبودية الخالصة.
أدعية مأثورة تُقال في يوم تاسوعاء
حرصًا على إحياء هذا اليوم المبارك، جمع العلماء والمربّون باقة من الأدعية المأثورة التي تتناسب مع روح تاسوعاء وعاشوراء، وتغذي النفس باليقين وتملأ القلب بالطمأنينة. ومن أبرز هذه الأدعية:
أدعية للاستغفار والرحمة:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنّا.
اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي.
اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره.
أدعية لتيسير الأمور وتفريج الكروب
في يوم يتوسل فيه العبد لربه راجيًا الفرج، يتردد على ألسنة الداعين دعاء نبي الله يونس عليه السلام:
“لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”
وقد قال النبي ﷺ عن هذا الدعاء: “ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.”
ومن الأدعية الجامعة لتيسير الحاجات:
اللهم فوضت أمري كله إليك، فجمّله خيرًا بما شئت، واجعلني يا رب ممن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته.
اللهم فرّج كربتي، وآنس وحدتي، واقضِ حاجتي وحوائج أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
أدعية يوم تاسوعاء لقوة الإيمان واليقين
اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي.
اللهم إني أسألك إيمانًا دائمًا، وعلماً نافعًا، ويقينًا صادقًا، ودينًا قيّمًا، وعافية من كل بلية.
اللهم ثبت قلبي على دينك، واهدِ قلبي، وسدّد لساني، واسلل سخيمة صدري.
أدعية شاملة للخير في الدنيا والآخرة
اللهم إني أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبّتني وثقّل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل خير أعمالي وخواتمها.
اللهم اجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
الدعاء باسم الله الأعظم
من الأدعية التي ورد فيها اسم الله الأعظم:
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم.
هذا الدعاء ورد في أحاديث كثيرة أنه من الأدعية التي يُرجى معها الإجابة، إذ يُقال: “من دعا الله بها، استجاب له، ومن سأله بها، أعطاه”.
تاسوعاء وعاشوراء.. نافذتان إلى التوبة والغفران
يأتي تاسوعاء وعاشوراء في بداية العام الهجري ليمنحا المؤمن فرصة جديدة لمراجعة النفس، والتوبة، وتجديد العهد مع الله، والدخول في عام جديد بقلب نقي ونية صادقة، يحدوه الرجاء في عفو الله وفضله.
وقد ورد في الحديث الشريف عن صيام يوم عاشوراء:
“احتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله”، وهو ما يجعل هذا اليوم فرصة ذهبية للتطهير من الذنوب والتقرب إلى الله عز وجل، ولا سيما إذا سبقه صيام تاسوعاء كما كان يفعل النبي ﷺ.
كيف نستقبل يوم تاسوعاء؟
استقبال هذا اليوم لا يقتصر على الصيام فحسب، بل يتطلب:
1. النية الصادقة في العبادة
2. كثرة الذكر والاستغفار
3. إحياء الليل بالصلاة والدعاء
4. الصدقة والبِر وصلة الرحم
5. الدعاء للأمة الإسلامية والمستضعفين
لحظات لا تُفوّت
إن يوم تاسوعاء هو لحظة ثمينة في حياة المسلم، تُفتح فيها أبواب السماء، وتُرجى فيها المغفرة وتُستجلب فيها الرحمات. فاجعل من هذا اليوم موسمًا للطاعة، وسجّل فيه دعواتك الصادقة، فلعلها ساعة إجابة، تُغيّر بها مجرى حياتك وترفع بها قدرك في الدنيا والآخرة.
