مصالح مشتركة بين نتنياهو وترامب.. اللواء عبد الواحد يكشف لـ”اليوم” خفايا الصفقة المرتقبة

وسط جهود مصرية وقطرية متواصلة، وبدعم مباشر من الإدارة الأمريكية، دخلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة منعطفًا حاسمًا، مع توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب. في زيارة تقرأ على نطاق واسع بأنها أكثر من مجرد تنسيق سياسي.
وفي ظل هذا الحراك، يرى اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري ومستشار الأمن القومي، أن ما يطبخ حاليًا ليس اتفاق سلام حقيقي، بل “صفقة مؤقتة” تستهدف تهدئة مدفوعة بمصالح مشتركة بين نتنياهو وترامب، وتمثل نموذجًا لما سماه “السلام بالقوة”.
ويحذر اللواء عبد الواحد، في تصريحات خاصة لموقع “اليوم”، من أن الصفقة المرتقبة قد تحمل في طياتها تهديدات أكبر، أبرزها تكريس تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه، ومحاولة فرض واقع جديد على محور رفح – فيلادلفيا.
وبينما تبدي إسرائيل استعدادا للتفاوض، فإنها تحتفظ بأدواتها العسكرية، وتربط الانسحاب من غزة بإعادة تشكيل واقع سياسي وأمني يخدم أهدافها الإقليمية، لا سيما في ضوء تحالفاتها الجديدة وخططها تجاه إيران وسوريا ولبنان.
ضغوط أمريكية بـ”الريموت كنترول“
يؤكد اللواء عبد الواحد أن الدوافع الإسرائيلية للقبول بهذه الصفقة مرتبطة بشكل أساسي بالضغوط الأمريكية، ولكنها ضغوط موجهة لصالح تل أبيب، وليست تعبيرًا عن رغبة أمريكية في إنهاء الحرب بشكل فعلي.
ويضيف: “الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل لوقف الحرب من أجل حماية المدنيين أو تحقيق العدالة، بل تضغط لتوقيع هدنة تخدم مشروع ترامب الإقليمي لما يسمى بالسلام عبر فرض القوة”.
ويعتبر أن العلاقة “المنفعية” بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنتج هذا النوع من التفاهمات، حيث يحتاج كل منهما الآخر لتحقيق أهداف استراتيجية، سواء على المستوى السياسي أو الأمني.
دمج ملف غزة في مشاريع إقليمية
ويشير اللواء عبد الواحد إلى أن نتنياهو وترامب يسعيان إلى تجاوز حدود غزة الجغرافية وربط ملفها بملفات إقليمية أكبر، مثل:
- البرنامج النووي الإيراني
- ملف حزب الله
- سوريا
- مسار التطبيع مع الدول العربية
ويضيف: “نتنياهو لا ينظر لغزة باعتبارها مجرد جبهة محلية، بل ورقة في مشروعه الإقليمي. وهو يستثمر ما تحقق من عمليات عسكرية بعد وقف إطلاق النار، من أجل تأمين وضعه السياسي داخليًا وتحسين علاقته بالبيت الأبيض”.
التهجير.. خط أحمر لمصر
فيما يتعلق بالموقف المصري، حذر اللواء عبد الواحد من خطورة مخطط التهجير القسري للفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب. وخاصة إلى منطقة رفح الحدودية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستغل المساعدات الإنسانية كغطاء لتحريك السكان وفرض وقائع ميدانية جديدة.
وأوضح أن “إسرائيل ترفض الانسحاب من محور موراج، وتتعامل مع محور فيلادلفيا كمنطقة أمنية استراتيجية، رغم أن ذلك يمثل انتهاكًا واضحًا لمعاهدة السلام مع مصر، التي أعربت مرارًا عن رفضها لأي وجود إسرائيلي على الحدود”.
وأضاف: “أي تواجد عسكري إسرائيلي في رفح أو على محور فيلادلفيا يعد تجاوزًا للخطوط الحمراء المصرية، وقد يؤدي إلى تصعيد دبلوماسي خطير”.
سلام وفق الشروط الإسرائيلية
وحول دور الرئيس ترامب، يرى عبد الواحد أن واشنطن قادرة بالفعل على فرض وقف إطلاق النار خلال 24 ساعة إذا رغبت. لكنه تساءل عن النوايا الحقيقية للإدارة الأمريكية، قائلًا: “إذا كانت أمريكا تريد فعلًا إنهاء الحرب، فلماذا تستخدم الفيتو في مجلس الأمن ضد مشاريع قرارات لوقف إطلاق النار؟”.
وتابع: “ترامب لا يريد سلامًا شاملاً، بل سلامًا يفرض بعد تصفية الخصوم، وتفكيك المقاومة، وتجريد غزة من السلاح”.
صفقة “تخفيف”
وفي ختام تحليله، يرى عبد الواحد أن ما يجري هو مجرد “صفقة إنسانية سياسية” مدتها 60 يومًا، تتيح للطرفين استراحة مؤقتة، تتضمن إطلاق عدد من الأسرى الإسرائيليين، مقابل تخفيف مؤقت للحرب.
ويختم بالتحذير: “إسرائيل قادرة على التراجع عن أي اتفاق في أي لحظة طالما لا يوجد من يحاسبها، والوقائع التاريخية شاهدة على ذلك”.