مفتي الجمهورية ينعى “فقيه الاقتصاد” الدكتور رفعت العوضي

تقرير:مصطفى علي
نعى فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، العالم الجليل والأستاذ البارز الدكتور رفعت السيد العوضي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، والذي وافته المنية عن عمر ناهز 87 عامًا بعد مسيرة علمية وفكرية حافلة بالعطاء، امتدت لعقود من الزمن.
وأكد مفتي الجمهورية في بيان رسمي أن الراحل الكبير كان إحدى القامات الفكرية والعلمية النادرة، ممن جمعوا بين الرسوخ الأكاديمي والانتماء العميق إلى روح الشريعة ومقاصدها، مشيدًا بدوره البارز في بناء مدرسة اقتصادية إسلامية منهجية تُخاطب التحديات المعاصرة بمنطق الشريعة وعدالة الإسلام.
مسيرة علمية راسخة في خدمة الشريعة والوطن والاقتصاد المعرفي
وصف المفتي الدكتور العوضي بأنه عالمٌ لم يكن يكتفي بتدريس مفاهيم الاقتصاد من منظور إسلامي، بل كان يُجسّدها في سلوكه العلمي والدعوي والتربوي، حيث ترك وراءه مكتبة علمية زاخرة بالكتب والأبحاث التي أرست قواعد الاقتصاد الإسلامي، ورسّخت الرؤية الشرعية في التعامل مع المال والعمل والإنتاج.
وقد أشار فضيلته إلى أن الفقيد الراحل لم يكن مجرد أستاذ جامعي في أروقة الأزهر، بل كان مُعلّمًا للأجيال، ومُرشدًا للمفكرين، ومؤثرًا في صياغة خطاب اقتصادي إسلامي معتدل يجمع بين المبدأ والحكمة والواقعية.
منهجية علمية متينة ومواقف فكرية متوازنة
أشاد مفتي الجمهورية بمزايا الدكتور العوضي العلمية والشخصية، مؤكدًا أنه كان من القلائل الذين امتزجت فيهم صفات العالم الراسخ بالباحث الرصين والمفكر المؤمن برسالة إصلاحية متكاملة، حيث أسهم الفقيد في إعداد أجيال من المتخصصين الذين تشربوا من علمه وروحه وفكره المتزن، فحملوا همَّ الإصلاح الاقتصادي من منظور إسلامي منضبط.
وأضاف أن إنتاج الدكتور العوضي العلمي لم يكن فنيًا أو تنظيريًا فقط، بل حمل روحًا إصلاحية واضحة المعالم، جعلته من أبرز المدافعين عن الاقتصاد الأخلاقي في زمن طغى فيه الجشع المادي، وأنه ظل في كتاباته ومحاضراته منحازًا للفقراء، ومناصرًا للعدالة، ومبشرًا بنموذج اقتصادي نقي من شوائب الاستغلال والاحتكار.
أخلاق العلماء وذوق الكبار.. ملامح شخصية فريدة في محراب الفكر
لم يقتصر نعي مفتي الجمهورية للدكتور رفعت العوضي على إنجازاته الأكاديمية، بل ركز كذلك على سيرته الأخلاقية الرفيعة وتواضعه الجم ودماثة خلقه، مؤكدًا أن العالم الراحل كان مثالًا يحتذى في الذوق العالي، والخلق الإسلامي، والرقي في التعامل، وأنه جسّد في حياته معنى العالم الذي يعيش للعلم، ويتنفس القيم، ويؤمن أن التربية لا تقل شأنًا عن التعليم.
وذكر فضيلة المفتي أن العوضي كان لا يكتفي بإعطاء طلابه العلم، بل يمنحهم من نفسه وقلبه وتاريخه وسيرته، ما جعله محبوبًا من طلابه، ومقدَّرًا من زملائه، ومبجَّلًا في الأوساط العلمية داخل مصر وخارجها.
عزاء رسمي وعلمي واسع.. والمفتي ينعى الأمة كلها في رحيله
وفي ختام البيان، تقدّم مفتي الجمهورية بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد الكريمة، وإلى طلابه ومحبيه، وإلى زملائه من العلماء في مجمع البحوث الإسلامية، وإلى كل المهتمين بالفكر الاقتصادي الإسلامي في مصر والعالم، داعيًا الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويجزيه عن علمه وجهوده خير الجزاء، ويسكنه فسيح جناته.
كما دعا الأمة الإسلامية إلى استلهام سيرته العلمية، والاستفادة من إنتاجه الفكري، ومواصلة مسيرته في تقديم الإسلام في أبهى صوره، كدين شامل للروح والعقل والمال والمجتمع.