الأزهر يُطلق حملة سلوكك أمانة.. تحرك وطني لحماية الأرواح والممتلكات

كتب:مصطفى على
أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، صباح اليوم الخميس، حملة توعوية وطنية شاملة بعنوان “سلوكك أمانة”، بالشراكة مع وزارة النقل، في خطوة تعكس التزام المؤسستين بمسؤوليتهما الوطنية والشرعية تجاه حماية الأرواح والممتلكات العامة، والارتقاء بالوعي السلوكي لدى المواطنين في مختلف أرجاء الجمهورية تأتي هذه الحملة استكمالًا لدور الأزهر الشريف في تنمية الحس المجتمعي وتحفيز الضمير الفردي نحو الانضباط والمسؤولية.
أهداف الحملة: حماية الأرواح ووقف النزيف المجتمعي الناتج عن الإهمال
تسعى الحملة، التي تُعد من أكبر المبادرات الدعوية والتوعوية التي يُطلقها الأزهر في السنوات الأخيرة، إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية عند استخدام وسائل ومرافق النقل العام، والحد من السلوكيات العشوائية والخاطئة التي أصبحت تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المواطنين وسلامة الممتلكات.
ومن أبرز هذه السلوكيات التي تستهدفها الحملة:
عبور المزلقانات بطريقة عشوائية وغير قانونية
تجاهل التعليمات والإشارات المرورية
الاستهتار بإجراءات الأمان في محطات القطارات والحافلات
وهي سلوكيات لطالما أفضت إلى كوارث إنسانية متكررة، مما استدعى ضرورة التدخل العاجل بمسارات توعوية تنطلق من القيم الدينية والإنسانية.
الخطاب الدعوي المتوازن: من الوعظ العابر إلى التأثير السلوكي العميق
أكد الأزهر الشريف من خلال هذه الحملة أن التوعية الحقيقية لا يجب أن تظل حبيسة المساجد والمنابر، بل يجب أن تُترجم إلى خطاب دعوي متوازن يخاطب العقل والوجدان معًا، ويُسهم في بناء ضمير مجتمعي حيّ، يجعل من الانضباط سلوكًا دينيًا لا يقل أهمية عن سائر الشعائر التعبدية.
وقد صرّح فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الحملة تأتي استجابةً مباشرةً للمسؤولية الشرعية والوطنية الملقاة على عاتق الأزهر الشريف، والذي وصفه بـ”صوت الضمير الديني للأمة”.
وأوضح الجندي أن الإسلام جعل حفظ النفس في طليعة الضرورات الخمس الكبرى، وأن تعريض النفس أو الآخرين للهلاك بسبب الإهمال أو الاستهتار هو إثم شرعي واضح، محذرًا من أن التساهل في هذا الباب لا يؤثر فقط على الفرد، بل يهدد كيان المجتمع برمّته.
الأزهر: قضايا الناس أولويتنا.. والسلوك اختبار حضاري للمجتمع
في تصريحاته، شدّد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية على أن الأزهر لا ينفصل عن واقع الناس، بل ينخرط بقوة في قضاياهم اليومية، مؤكدًا أن المجمع يستثمر جميع أدواته الدعوية والإعلامية للوصول إلى الناس في أماكنهم:
في المساجد
داخل مراكز الشباب
في النوادي الاجتماعية
وحتى في محطات القطارات ومواقف النقل العام
وأضاف الجندي أن قضية السلوك العام هي اختبار حقيقي لنضج المجتمع ووعيه الحضاري، لافتًا إلى أن الممارسات الخاطئة تعكس غيابًا وجدانيًا عن استشعار خطورة العواقب، داعيًا إلى إحياء الضمير الإنساني من خلال الانتماء الحقيقي للدين والوطن.
فعاليات الحملة: حضور ميداني ورسائل رقمية
من المقرر أن تمتد فعاليات حملة “سلوكك أمانة” لمدة أسبوعين كاملين، تتضمن خلالها مجموعة متنوعة من الأنشطة الميدانية والتثقيفية، أبرزها:
خُطب الجمعة الموحدة في المساجد الكبرى
ندوات ومحاضرات دعوية في المدن والقرى
لقاءات مباشرة مع المواطنين في مراكز التجمعات الحيوية
برامج تثقيفية في مراكز الشباب والنوادي العامة
كما سيواكب المركز الإعلامي لمجمع البحوث الإسلامية هذه الجهود بحملة إعلامية رقمية واسعة، تشمل:
إنتاج مقاطع فيديو قصيرة توعوية برسائل مؤثرة
تصميم منشورات ورسوم توعوية قابلة للمشاركة عبر وسائل التواصل
استخدام المنصات الرسمية للأزهر في فيسبوك وتويتر وإنستغرام لتوسيع دائرة التأثير
دعوة للمشاركة المجتمعية: الجميع مسؤول عن إنجاح الحملة
اختتم فضيلة الدكتور الجندي تصريحاته بدعوة صريحة لكافة فئات المجتمع إلى التفاعل والمشاركة الإيجابية مع فعاليات الحملة، قائلًا:
“الوقاية لا تصنعها اللوائح والقوانين وحدها، وإنما يصنعها الضمير حين يُبنى على الدين والانتماء.”
مؤكدًا أن “سلوكك أمانة” ليست مجرد شعار، بل منهج حياة يجب أن يتبناه كل مواطن، إذ أن بناء الأوطان يبدأ من التزام الأفراد، والوعي السلوكي هو حجر الأساس في أمن الطرق وسلامة الأرواح.
رؤية الأزهر: الدين في خدمة المجتمع.. لا انفصال بين القيم والممارسات
تجسد حملة “سلوكك أمانة” رؤية الأزهر الشريف الثابتة بأن الدين ليس مجرد عبادات شكلية، بل رسالة شاملة تنظم حياة الإنسان في علاقته بخالقه وبالآخرين وبالبيئة من حوله ومن هذا المنطلق، تُعد هذه الحملة نموذجًا حيًا لكيفية تفعيل الخطاب الديني في خدمة المجتمع، بما يجعله أكثر أمانًا وتحضرًا وانضباطًا.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية الأزهر الأوسع في إصلاح السلوك العام وتحصين المجتمع ضد أخطار الفوضى والعشوائية، عبر مقاربات دعوية علمية تراعي الواقع، وتستنهض ضمير المواطن بمرجعية شرعية راسخة.