محمود أبو حبيب يحصل على الماجستير بامتياز: المؤثرون يصنعون وعياً بيئياً في عقول الشباب

تقرير: مصطفى على
في إنجاز أكاديمي متميز يعكس اهتمام الأزهر الشريف برصد التحولات المعرفية والثقافية في المجتمع المصري، حصل الباحث محمود محمد أبو حبيب، عضو المكتب الإعلامي بالأزهر، على درجة الماجستير في الإعلام بتقدير “امتياز مع مرتبة الشرف الأولى”، مع التوصية بطباعة الرسالة وتداولها بين الجامعات.
وقد جاءت الرسالة العلمية تحت عنوان: “تناول المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي لقضايا البيئة وعلاقتهُ بمعارف واتجاهات الشباب نحوها”.
تُعد الرسالة من الدراسات الرائدة في تناول موضوع بالغ الأهمية، يتصل بتقاطع الإعلام الرقمي والقضايا البيئية، في ضوء ما يشهده العالم من تحولات مناخية متسارعة، وتزايد دور الإعلام الجديد في تشكيل وعي الأجيال الشابة.
موضوع الدراسة: المؤثرون والبيئة في ساحة التفاعل الرقمي
ركزت الدراسة على الكيفية التي يتناول بها صانعو المحتوى والمؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي القضايا البيئية، وعلى أثر هذا التناول على معارف واتجاهات الشباب المصري بين 18 و29 عامًا.
وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الإعلام الرقمي بات لاعبًا رئيسًا في صياغة أولويات الشباب، وبخاصة ما يتعلق بالقضايا المصيرية كالمناخ والبيئة.
كما سلطت الدراسة الضوء على الأدوار الجديدة للمؤثرين في تشكيل الوعي البيئي، خاصة في ظل ما أسمته بـ”التحولات الرقمية المتسارعة” التي دفعت الإعلام التقليدي للتراجع لصالح الإعلام البديل.
أدوات البحث: تحليل نوعي ومسح ميداني
اعتمد الباحث في دراسته على منهجين متكاملين:
التحليل الكيفي للمحتوى الرقمي، حيث تناول نماذج مختارة من المؤثرين الأكثر تأثيرًا في مصر، مثل:
“الدحيح” (المعروف بتقديم المحتوى العلمي المبسط)
“زي الكتاب ما بيقول” (الذي يربط الثقافة بالواقع)
“شارع العلوم” (المعني بالشرح التفاعلي للمفاهيم العلمية)
وقد ركز التحليل على نوعية المحتوى البيئي المقدم، والأساليب المستخدمة في عرضه، ومدى اتساقه مع مفاهيم التثقيف البيئي.
المسح الميداني لعينة من الشباب، حيث شملت الدراسة فئة عمرية من 18 إلى 29 عامًا، تمثل مختلف التوجهات والاهتمامات، لتقييم أثر هذا المحتوى البيئي على وعيهم وسلوكهم.
لجنة علمية مرموقة تشيد بجهود الباحث
ضمت لجنة المناقشة والحكم نخبة من أساتذة الإعلام والبيئة والصحة النفسية والتربية، وجاءت على النحو التالي:
د. محمود حسن إسماعيل أستاذ الإعلام بكلية الدراسات العليا للطفولة
د. حنان السيد زيدان أستاذ الصحة النفسية المساعد ورئيس قسم العلوم التربوية والإعلام البيئي
د. هاني محمد شاكر أستاذ مساعد بكلية التربية النوعية
د. أشرف مصطفى أحمد شلبي أستاذ الإعلام وثقافة الأطفال المساعد
د. عبد الجواد محمود عبد الجواد مستشار وزير البيئة السابق
وقد أشادت اللجنة بتميز الرسالة من حيث الموضوع والمنهج والنتائج، وأوصت بتداولها بين الجامعات لما تحمله من قيمة علمية ومجتمعية.
نتائج الدراسة: الشباب يهتمون بالمناخ ويثقون في المؤثرين
كشفت الدراسة عن نتائج ميدانية لافتة، أبرزها أن:
قضية التغيرات المناخية جاءت على رأس الموضوعات البيئية التي يتابعها الشباب عبر حسابات المؤثرين.
دوافع متابعة الشباب لهذه الحسابات تنوعت، وجاء أبرزها:
الرغبة في التعرف على أحدث أخبار القضايا البيئية
الحصول على نصائح لحياة مستدامة
فهم حلول عملية للمشكلات البيئية
دعم القضايا التي يؤمنون بها
وأشارت النتائج إلى أن اتجاهات الشباب نحو المحتوى البيئي الذي يقدمه المؤثرون جاءت إيجابية بشكل ملحوظ، خاصة من حيث:
بساطة عرض المفاهيم البيئية
الإسهام في رفع مستوى الوعي البيئي
تعزيز المعارف والسلوكيات البيئية
توصيات الدراسة: نحو تنظيم فعّال لمحتوى المؤثرين البيئيين
في ضوء ما توصل إليه الباحث، أوصت الدراسة بعدد من التوصيات الاستراتيجية الهامة، أبرزها:
1. تأطير دور المؤثرين ضمن المنظومة الإعلامية الرسمية
دعت الدراسة إلى إنشاء جهة رقابية متخصصة داخل الهيئات الإعلامية تكون معنية بمراقبة محتوى المؤثرين، وضمان التزامهم بمواثيق الشرف الإعلامي وأخلاقيات المهنة، خاصة عند تناول موضوعات ذات حساسية مجتمعية مثل قضايا البيئة.
2. اعتماد المؤثرين على استطلاعات دورية لفهم الجمهور
أوصى الباحث بأن يلتزم المؤثرون بإجراء استطلاعات دورية لقياس توجهات الجمهور واهتماماته، على أن تشمل هذه الاستطلاعات:
أنواع الموضوعات البيئية الأكثر جذبًا
العناصر البصرية أو الأسلوبية المؤثرة
الدوافع التي تحرك الجمهور نحو التفاعل والمشاركة
مؤثرون يصنعون وعياً.. والإعلام الجديد في قلب التحول البيئي
تعد هذه الرسالة العلمية إضافة نوعية في حقل الإعلام البيئي، إذ جمعت بين الدقة الأكاديمية والاستقصاء الميداني، وبين التحليل النظري والمقاربة الواقعية.
كما تسهم الدراسة في وضع اللبنات الأولى نحو إعلام بيئي رقمي مسؤول، يضطلع فيه المؤثرون بدور تربوي وتوعوي، لا يقتصر على الترفيه أو التفاعل اللحظي.
وتفتح الدراسة الباب أمام إعادة التفكير في دور المؤثرين كمصدر للمعلومة البيئية، في وقت تتصاعد فيه الأخطار المناخية ويصبح الوعي الجماهيري أحد أهم أدوات المواجهة.
وفي ظل الإشادة التي حظيت بها هذه الدراسة من قبل اللجنة العلمية، فإنها تمثل نموذجًا يُحتذى به في الربط بين البحث الأكاديمي والواقع المجتمعي المتغير، وتؤكد من جديد أن الأزهر الشريف لا يكتفي بدوره الديني والتقليدي، بل يسهم بفاعلية في دعم البحث العلمي المواكب لتحديات العصر.