الأزهر يفتتح أكاديمية مواهب وقدرات للوافدين: 24 مدرسة مجهزة بأحدث الوسائل

كتب: مصطفى على
في خطوة تؤكد الدور الرائد الذي يضطلع به الأزهر الشريف في رعاية الطلاب الوافدين وتعزيز قدراتهم، شهدت القاهرة صباح الثلاثاء افتتاح المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات»، التابعة لمركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، في حضور رفيع المستوى ضمّ كوكبة من قيادات الأزهر.
وقد ترأس مراسم الافتتاح فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، يرافقه الأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين ورئيسة المركز، إلى جانب الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.
هذا المبنى الحديث، الذي يُعرف باسم “مبنى التعليم المستمر والتطوير المهني”، بات اليوم يشكّل المقر الرسمي للأكاديمية، ويضم تحت مظلته 24 مدرسة معدة بأحدث الإمكانات التعليمية والتربوية، وتستوعب ما يزيد عن ألف طالب من شتى دول العالم.
الضويني: الأكاديمية تُجسِّد رؤية الأزهر لبناء الإنسان المسلم الشامل
في كلمته خلال الافتتاح، شدد وكيل الأزهر الشريف على أن هذا المشروع يأتي ترجمة مباشرة لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي يولي اهتمامًا بالغًا بالطلاب الوافدين، ويحرص على توفير بيئة تعليمية متكاملة تُمكِّنهم من التفوق العلمي والشخصي.
وأوضح الضويني أن الأكاديمية الجديدة تمثل أكثر من مجرد منشأة تعليمية، بل هي مركز تطوير متكامل يسعى إلى صقل المهارات، واكتشاف المواهب، وتوجيهها نحو خدمة رسالة الأزهر والإسلام، مشيرًا إلى أن أهداف الأكاديمية لا تقتصر على الجانب التعليمي فقط، بل تمتد لتشمل الرعاية النفسية والروحية والتربوية.
وأضاف قائلاً: “رؤية الأزهر تقوم على إعداد المسلم الصالح في كل مناحي الحياة، وفق منهج متكامل يجمع بين العلم والإيمان، وبين القيم الإنسانية والانفتاح على العالم”، مؤكدًا أن الإسلام وضع قواعد راسخة تسهم في سعادة المسلم في علاقته بخالقه، وبنفسه، وبمجتمعه.
الصعيدي: الأكاديمية منصة لاكتشاف القيادات والمواهب في صفوف الطلاب الوافدين
من جانبها، عبّرت الأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي عن فخرها بافتتاح هذا المشروع النوعي، الذي اعتبرته نقلة كبيرة في مسار تعليم الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف، مشيرة إلى أن “مواهب وقدرات” ستتيح للطلبة فرصًا فريدة لتطوير الذات، سواء من خلال البرامج العلمية، أو الأنشطة الفنية، أو ورش القيادة والتنمية البشرية.
وأكدت الصعيدي أن هذا المركز يُعد حاضنة تعليمية رائدة، تهدف إلى إطلاق طاقات الطلاب الوافدين، وتنمية شعورهم بالانتماء إلى رسالة الأزهر العالمية، التي تجمع بين الثوابت الدينية والانفتاح الثقافي، مضيفة: “نعمل على بناء شخصية متوازنة للطالب الوافد، يكون فيها قائدًا في بلده، وسفيرًا لقيم الأزهر في مجتمعه”.
بنية تعليمية متقدمة وبرامج شاملة
ويتميّز المقر الجديد بمواصفات بنيوية متطورة، حيث جُهّز بوسائل تعليمية حديثة، ومعامل مجهزة، وقاعات متعددة الأغراض، ومساحات لممارسة الأنشطة، بما يضمن تجربة تعليمية متكاملة للطلبة.
كما تتنوع البرامج التعليمية والتكوينية المقدَّمة في الأكاديمية، لتشمل اللغة العربية، والعلوم الإسلامية، والتدريب على المهارات القيادية، بالإضافة إلى الأنشطة الفنية والثقافية، مما يخلق بيئة تربوية ثرية ومتكاملة.
وتقوم الأكاديمية أيضًا بتنظيم دورات تدريبية مستمرة للمعلمين والمشرفين، في إطار سياسة التطوير المهني المستدام، بما يضمن رفع جودة التعليم المقدم، وتحقيق أعلى معايير الأداء التربوي.
إشادة واسعة من القيادات الأزهرية
وفي ختام الافتتاح، عبّر المسؤولون الحاضرون عن اعتزازهم الكبير بهذا الإنجاز، الذي يمثل خطوة إضافية في مشروع الأزهر العالمي لخدمة أبناء الأمة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم.
وأكد الحضور أن الأكاديمية تشكل لبنة مهمة في بناء شخصية “الطالب الأزهري العالمي”، الذي يجمع بين الرسوخ العلمي، والأخلاق الحميدة، والانفتاح على العصر، بما يجعله نموذجًا يُحتذى به في بيئته ومجتمعه.
كما أثنوا على جهود القائمين على مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، وعلى رأسهم الدكتورة نهلة الصعيدي، التي تقود مسيرة تطوير شاملة، تشمل المناهج والأنشطة والإدارة التربوية، بما يواكب تطلعات الأزهر الشريف في القرن الحادي والعشرين.
رسالة الأزهر للعالم: التعليم رسالة ورحمة
بهذا المشروع المتكامل، يُجدد الأزهر تأكيده على أن الوافدين هم في قلب مشروعه التربوي والنهضوي، وأنه يواصل أداء رسالته العالمية عبر توفير التعليم، والتكوين، والرعاية الشاملة لكل من يلتحق برحابه، انطلاقًا من رسالته الأصيلة في نشر الوسطية والاعتدال، وتعزيز الحوار، وخدمة الإنسانية.
وهكذا تُضاف “أكاديمية مواهب وقدرات” إلى سجل الإنجازات التي تُترجم رؤية الأزهر، بوصفه منارة علمية وروحية لا تنطفئ، وبيتًا جامعًا لطلاب العلم من شتى بقاع الأرض.