الشيخ الأصلي يوضح.. كيف تفتح السماء أبوابها بكلمات يسيرة؟
لقاء خاص مع عضو دار الإفتاء المصرية

تقرير : أحمد فؤاد عثمان
في لقاء روحاني مميز أجرته جريدة وموقع اليوم مع الشيخ أحمد الأصلي، عضو دار الإفتاء المصرية، جاءت كلمة “بيدك الخير” لتكون المحور الأساسي للحديث، إذ تحدث الشيخ بشفافية وإحساس عن قوة الدعاء، وكيف يتحول إلى سفينة نجاة حين تضيق السبل وتنقطع الأسباب، ولا يبقى إلا باب الله مفتوحًا.
بيدك الخير.. فلماذا نطلب من الناس؟
حين يعلم الإنسان أن المال بيد الله، وأن الرزق من عنده، وأن العزة لا تكون إلا بمن شاء الله له، وأن القوة ليست في الجسد أو السلطة بل في التوكل عليه، يُدرك أنه لا حاجة له بأبواب البشر.
قال الشيخ: “تسأل فلانًا، فيخذلك. تطلب من آخر، فيعتذر. تشكو إلى صديق، فيقول: ماذا أفعل؟ الكل يتخلى، الكل يهرب، إلا الله، لا يغيب ولا يتخلى، بل يدعوك ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}”.
قلب الآية.. مفتاح للرضا
الشيخ أحمد الأصلي شرح كيف أن الدعاء العظيم الذي جاء في سورة آل عمران هو مفتاح للطمأنينة، حيث يقول الله تعالى:
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ، وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26]
ثم تتبعها الآية التي تفيض إعجازًا:
{تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ، وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 27]
هذه الآيات ليست فقط أدعية، بل حقائق كونية ومفاتيح إيمانية. من يدير الكون بهذا الإحكام، ألا يقدر على أن يُغير حالك في لحظة؟
من الجبل إلى الرحمة الإلهية
في موقف نبوي مؤثر، روى الشيخ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل:
“يا معاذ، لو كان عليك دَينٌ مثل الجبل، لقضاه الله عنك إن دعوت بصدق”
هل تخيلت جبلًا يتحول إلى دَين؟ كم مليارات يمكن أن يُمثّل هذا الجبل؟ كم حسابًا بنكيًا قد يعجز عنه؟ ومع ذلك، فإن الله يقضيها كلها بكن، ويبدّل الحال من عسرٍ إلى يُسر.
اللجوء الحقيقي لا يكون إلا إلى الله
الشيخ أحمد الأصلي شدد على أن الإنسان لا يجد الراحة الحقيقية إلا إذا ألقى همه على باب الله، وترك قلبه معلقًا بالسماء.
وقال: “الناس أدوات، والله هو الفاعل، فاطلب من الأصل ولا تتعلق بالوسائط”.
دعاء “مالك الملك” سر التغيير
توقف الشيخ طويلًا أمام دعاء عظيم يُستحب أن يردده المسلم، خاصة إذا ضاقت به الدنيا:
اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير، تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، وتُخرج الحي من الميت، وتُخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب، اللهم اقضِ ديني، واغنني بفضلك عن من سواك، وبارك لي في رزقي، واصرف عني الهم والحزن، إنك على كل شيء قدير.
لا تيأس ما دام لك رب كريم
تكررت على لسان الشيخ كلمات اليقين والثقة بالله. وقال: “كلما أحبك الله، ألهمك أن تدعوه، وكلما دعوت بيقين، استجاب لك ولو بعد حين. وقد لا تستشعر الإجابة فورًا، لكنها تعمل في حياتك بصمت، وتُغير الأقدار بلا أن تدري”.
لا تكن عبدًا للناس.. كن عبدًا لله وحده
أنهى الشيخ حديثه بنداء صادق: “لا تكن ذليلًا لباب عبد، بل ارفع يدك إلى الله. الناس يغلقون الأبواب، لكن باب الله مفتوح لا يُغلق أبدًا. والله أكرم الأكرمين، يستحي أن يرد يديك خائبتين”.
في ختام اللقاء
“اللهم بيدك الخير، وأنت على كل شيء قدير، فاجعلنا من عبادك المتوكلين، واغننا بحلالك عن حرامك، وبك عمن سواك، ولا تجعل حاجتنا إلا إليك، فأنت رحمن الدنيا والآخرة، ترزق من تشاء بلا حساب.”
كان هذا ملخصًا صادقًا للقاء ممتلئ بالإيمان واليقين، مع الشيخ أحمد الأصلي، الذي أعاد للدعاء معناه، ولليقين نبضه، وللرجاء في الله طريقه الواسع.
