الرئيسيةتقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

عملية باريري.. هل تقطع شريان تنظيم “القاعدة” بالصومال؟

تقرير: سمر صفي الدين

أطلق الجيش الصومالي، مدعومًا بقوات مشتركة تابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي (أوسوم)، عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت مدينة باريري الإستراتيجية في إقليم شبيلي السفلى جنوبي البلاد. في محاولة لقطع خطوط إمداد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.

العملية التي بدأت في الأول من أغسطس الجاري، وصفت بأنها واحدة من أكثر العمليات العسكرية جرأة منذ شهور. وجاءت وسط تكثيف الهجمات ضد معاقل الحركة المسلحة في الجنوب.

أهمية استراتيجية

الباحث الصومالي محمد ابتدون، الباحث بمركز الصومال للدراسات، يرى أن السيطرة على باريري تحمل بعدًا استراتيجيًا واضحًا. ويقول إن باريري ليست مجرد بلدة ريفية، بل شريان لوجستي مهم في جنوب الصومال.

ويضيف أن السيطرة عليها تقطع خطوط إمداد حيوية لحركة الشباب، وتفتح المجال للجيش للتقدم نحو مناطق أكثر خطورة مثل سبلالي وجنوب شبيلي.

كما شدد على أن أهمية المدينة لا تتعلق بالموقع فقط، بل بتاريخها العسكري. حيث كانت قاعدة رئيسية للجيش الصومالي قبل أن تسقط في يد الحركة المسلحة في مارس الماضي بعد انسحاب القوات الحكومية وتدمير جسر رئيسي أدى إلى عزلها ميدانيًا.

تحول في الأداء الميداني

منذ بدء العملية، أفادت بيانات رسمية بأن أكثر من 50 مقاتلاً من حركة الشباب قتلوا في المعارك، في حين نفت بعثة الاتحاد الأفريقي الأنباء عن تكبدها خسائر كبيرة.

السفير الحاج إبراهيم ديني، الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الصومال، أكد أن العملية “حققت أهدافًا نوعية رغم التضاريس الصعبة والمقاومة الشرسة من المسلحين”. مشددًا على أن القوات المشاركة “عازمة على ضمان سلام دائم وأمن مستقر للشعب الصومالي”.

وبحسب الباحث ابتدون، فإن هذه العملية تعكس تحسنًا ملحوظًا في مستوى التنسيق الميداني بين الجيش الصومالي و”أوسوم”.

ويوضح أن صحيح أن الهجمات المشتركة ليست جديدة، لكن التركيز على عقد استراتيجية مثل باريري قد يشير إلى بداية تحول نوعي إن استثمر جيدًا بالتمكين المحلي وتثبيت السيطرة.

إمكانية الحد من قدرات الشباب

حركة الشباب، التي تخوض تمردًا مسلحًا منذ أكثر من 15 عامًا، ما زالت تنفذ هجمات دامية ضد أهداف عسكرية ومدنية، بما في ذلك العاصمة مقديشو.

لكن ابتدون يرى أن السيطرة على باريري يمكن أن تحدث فارقًا إذا تلتها خطوات عملية، مضيفًا أن النجاح مرهون بالثبات بعد التحرير.

وبحسب الباحث إذا تمت السيطرة الفعلية وتبعها عمل استخباراتي قوي، يمكن تقليص قدرة الشباب على شن هجمات نوعية، خاصة في الجنوب. كما رجَّح أن تبقى العاصمة هدفًا معقدًا بسبب الخلايا النائمة التي يصعب رصدها بسرعة.

تحديات ميدانية ومجتمعية

رغم المكاسب الأولية، تواجه القوات المشتركة تحديات معقدة، بحسب أبتدون، موضحًا أنها تحديات متعددة المستويات:

  • لوجستيًا: ما زالت هناك مشاكل في التموين واعتماد الجيش على آليات قديمة.
  • ميدانيًا: تشكل الألغام الأرضية والكمائن تهديدًا مباشرًا لكل تقدم.
  • اجتماعيًا: فلا تزال بعض المجتمعات الريفية تفتقر إلى الثقة بالقوات الحكومية. ما يمنح حركة الشباب مساحة لاستغلال ذلك وتجنيد الشباب المحليين أو الحصول على معلومات ميدانية حساسة.

حرب طويلة الأمد

ويشير مراقبون إلى أن عملية باريري تأتي في إطار سلسلة هجمات مكثفة خلال الأشهر الأخيرة، حيث تحاول الحكومة الفيدرالية بدعم من الاتحاد الأفريقي استعادة زمام المبادرة في الجنوب.

مع ذلك، لا يزال الخبراء يرون أن الطريق طويل نحو إنهاء خطر الحركة بشكل كامل. فالحركة، رغم خسائرها، ما زالت قادرة على التحرك وتنفيذ هجمات نوعية، بل وتهديد العاصمة في أحيان متكررة.

ويرى ابتدون أن أي تقدم عسكري يجب أن يتزامن مع برامج تمكين محلي وإعادة بناء الثقة مع المجتمعات الريفية. كما أن مواجهة الشباب ليست فقط معركة ميدانية، وفق قوله.

كما أشار إلى كونها صراعًا على ولاء المجتمعات التي طالما استغلتها الحركة لتعويض خسائرها البشرية والميدانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights