
على جناح الخيال والمعرفة، حلقت أجيال عبر صفحات مجلة «علاء الدين»؛ التي لم تكن مجرد مطبوعة للأطفال، بل نافذة تطل على عالم من القصص والمغامرات والمعلومات.
رغم زحف التكنولوجيا وتراجع حضور الورق في حياة الأطفال، بقيت «علاء الدين» محافظة على مكانتها وسحرها الخاص، تواكب العصر دون أن تفقد روحها، فهي شريانًا مهمًا في مؤسسة «الأهرام» العريقة، استطعنا أن نربطها بالأجيال الجديدة في زمن تحكمت فيه الشاشات.
داخل أروقة صاحبة المقام الرفيع كان لنا لقاء مع الكاتب الصحفي حسين الزناتي، رئيس تحرير مجلة «علاء الدين»؛ الذي يواصل حمل الرسالة، نسأله عن التحديات والأحلام وخطط البقاء.
أجرت الحوار- مرثا مرجان
ما دور مجلة «علاء الدين» في تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الأطفال؟
مجلة «علاء الدين» هي جزء من صحافة الطفل في مصر، وتخاطب الأطفال من سن 6 إلى 17 عامًا، وهو أخطر سن لقارئ أو متلقٍ توجه له الرسالة الإعلامية، ومن يقدم أو يدير مجلة للطفل يجب أن يتعامل من هذا المنطلق.
فأنا على قناعة أن المجلة تخاطب الطفل والمراهق أيضًا؛ لتكوين شخصية الشاب وهو أمر يساعد في بناء إنسان مصري عربي موجود في هذه البلد بظروفها الحالية.. وبالتالي فقضية الوعي مهمة جدًا؛ لبناء فكر وشخصية واتجاهات ستتحول بعد ذلك إلى سلوك، وإذا تم ذلك بشكل جيد سيكون البناء ناجحًا.
فالأطفال يعيشون ظروفًا صعبة للغاية وسط سطوة كبيرة من السوشيال ميديا.
تكوين الوعي يتم من خلال توليفة من المحتوى شاملة تقدم ثقافة وفن وقصة ورياضة ومسابقات، مع الحرص على مشاركة الطفل في فعاليات داخل المجلة والمؤسسة؛ لتنمية الوعي الثقافي، وإذا نجحت في الوصول له سوف يقبل كل ما تقدمه له من معلومات يتأثر بها.
أما تنمية الوعي الاجتماعي لا يكون للطفل فقط، بل للوالدين وكذلك لكل المؤسسات التي تتعامل معه فالوصول لهؤلاء يسهم في تكوين شخصية الطفل.
ما الموضوعات التي تعتقد أنها الأكثر أهمية لتناولها في المجلة؟
الموضوعات دائمًا متغيره حسب الظرف، والجيل الذي نشأ منذ ثورة 2011 بعضهم شباب الآن، عاصروا أمورًا غير تقليدية، كذلك نلاحظ أن «السوشيال ميديا» تأخذ الكثير من وقت الأطفال من انتماءاتهم، فنعمل على تعزيز الانتماء للوطن والأسرة وتعريف الأطفال بدور جيشهم وهي قضايا مهمة جدًا؛ حتى لا يتم اقتلاعهم من جذورهم.
أيضًا تعليم قيمة الخير في هذه الظروف الصعبة وتوصيل معناه للأطفال مهمًا، بشرط أن يتم ذلك بطريقة تحترم عقولهم وسط التغير الكبير الذي طرأ عليهم، وليس طريقة الحكي التقليدية.
ما رأيك في الوضع الحالي لصحافة الأطفال؟
صحافة الأطفال مظلومة بشكل كبير؛ لأسباب مادية (التكلفة)، وأيضًا مفهوم القائمين على تقديمها، فالحفاظ على قوام مجلة طفل بشكل جيد معركة كبيرة تواجه تحديات منها تكلفة الورق وإيجاد مبدعين؛ لتقديم رسومًا جذابة.
كذلك عدم وجود كُتاب متخصصين في الوقت الحالي؛ بسبب النظر لصحافة الطفل كأنها صغيرة وباقي المجالات أهم منها، بالرغم من أن البناء يبدأ من الأطفال، والكتابة لهم هي أهم أنواع الصحافة لا بد أن يجمع هذا الكاتب بين الصحفي والأديب ويملك الدراسة أو على الأقل الخبرة بنفسية الطفل والقدرة على مواكبة التغيرات؛ التي تحدث في المجتمع والمناخ الثقافي ومعها يتغير الطفل وتفكيره.
ولذلك حرصت في المجلة على وجود «English Corner» فأنا مؤمن أن الطفل يملك عقلًا كبيرًا، يستطيع أن يترجم ما هو مكتوب ويبحث عنه، أرغب في أن أدخل معه في تحدٍ وهو ما يناسب عقل الأجيال الحالية.
كيف استطاعت مجلة «علاء الدين» أن تحافظ على مكانتها؟
«علاء الدين» مرت بفترات صعود وهبوط مثل أي إصدار؛ لكن حافظت على مكانتها؛ لأنها استطاعت أن يكون لديها المرونة الكافية للتغيير مع الطفل ومواكبة عقليته ومزاجه كمتلقٍ ومخاطبته بالطريقة التي يريدها وتقديم الرسالة بشكل جذاب ومحتوى يواكب مجرايات العصر كمناقشة قضية الذكاء الاصطناعي بطريقة إيجابية لإحداث نوع من التوازن، حتى (علاء الدين) نفسه تغير في شكله تطور بتطور المناخ العام للطفل لاستمرار التأثير، وهو جانب فني مهم.
ومنذ أن توليت رئاسة تحرير مجلة «علاء الدين» لا أتعامل على أنها مجرد مجلة تصدر كل شهر؛ لكن أتعامل أنها أقرب لمؤسسة الطفولة، ننظم فعاليات مختلفة منها: استقبال قيادة قوات الدفاع الشعبي العسكري وسط حضور كبير من الأطفال في حالة من التلاحم، أيضًا نظمنا يومًا رياضيًا ترفيهيًا في النادي الأهلي وآخر في نادي الزهور وزيارة متحف القوات الجوية، وفي معرض الكتاب لدينا أكثر من 20 مراسلًا من أصدقاء المجلة يقومون بالتغطية والكتابة، تم تكريم عدد منهم منذ أيام قليلة بعد الحصول على جوائز المبدع الصغير.
حدثنا عن شراكات المجلة مع المؤسسات الأخرى.. وكيف يسهم ذلك في نشر الثقافة والمعرفة بين الأطفال؟
لدينا بروتوكول رسمي مع وزارة الشباب والرياضة، ونحن لا نعتمد على الشراكات الرسمية؛ لكن نفضل الحركة على الأرض مثل: زيارة المكتبات والنوادي ومستشفيات الأطفال، ونحرص على التواجد في المدارس وندعوهم لحضور الفعاليات، وسط إقبال كبير منهم؛ لأن اسم مجلة «علاء الدين» له ثِقَل.
أيضًا نتعاون مع وزارة الثقافة والمجلس القومي لثقافة الطفل، وأنا عضو لجنة الطفل بمجلس الثقافة وعضو لجنة تحكيم المبدع الصغير.
وأرى أن صحافة الطفل سلعة رائجة؛ لكن إذا تم التعامل معها بشكل صحيح؛ لأن في النهاية الطفل هو من يوجه الأسرة لتلبية رغباته.
ما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على قراءة مجلات الأطفال؟
الجميع يرى الأثر السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الإيجابي، ويشعرون أن هناك أزمة بين المطبوعة والإلكتروني لكني أرى العكس، استخدمنا وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة المطبوعة في فترة تراجع مجلة «علاء الدين» ذهبنا إليهم في المكان الذي يجذبهم لها لنقول لهم «علاء الدين» موجودة فعادوا إلى المطبوعة ووجدوا حينها ما يحترم عقولهم ويربطهم بها، ويجب أن نعترف أن هناك أدوات ووسائل جديدة للوصول إلى الأطفال.
هناك منافسة كبيرة جدًا من المنصات الخاصة بالأطفال من الخارج، وهدفها غزوًا ثقافيًا وغزو عقلية ونفسية الطفل المصري وهو أمر مفروغ منه، ومواجهة ذلك بإمكانات ضعيفة هو الجانب السلبي في هذا الأمر، ويجب أن يكون هناك دعمًا وإيمانًا بهذه القضية؛ لأن الاهتمام والعمل على هذا السن يوازي مستقبل بلدنا.
لدي الكثير من الأشياء التي أرغب في عملها؛ لكن الإمكانات تقف عائقًا أمامي، وأحاول توصيل الرسالة قدر المستطاع بما هو ممكن بتأهيل الموجودين بالتدريب، هناك عددًا من المبادرات تسهم في ذلك منها: حياة كريمة والمبدع الصغير ومبادرة بداية جديدة؛ لكن يجب أن تكون هناك مظلة ورؤية لمشروع قومي عن الطفل المصري، توحد فيها الجهود والمؤسسات والكوادر الجاهزة كل منهم يعرف دوره حتى يكون مشروعًا متكاملًا.
كيف تواكب مجلة «علاء الدين» التكنولوجيا الحديثة؟
من يرغب في تقديم مطبوعة للطفل، يجب أن يملك عددًا من الإمكانات منها استخدام «السوشيال ميديا» بكل وسائطها يوتيوب وفيسبوك وإنستجرام» وتيك توك.
ونحرص على استخدام كل ذلك في مجلة «علاء الدين»؛ لكن ليس بالكفاءة التي يجب أن تكون؛ لأن ذلك يحتاج لتكلفة كبيرة وصحافة الطفل تكلفتها أعلى من أي صحافة أخرى.
نتواجد بشكل يومي على الصفحات الخاصة بالمجلة، ونستقبل مشاركات الأصدقاء وننشر رسوماتهم وأخبارهم لأن فكرة التفاعل مهمة جدًا، ويشعر الأطفال بسعادة كبيرة بهذا الأمر.
كما نحرص على التفاعل بشكل واسع مع أجيال مختلفة من أبناء المجلة.. يشارك أصدقاء المجلة في حفل تأسيسها السنوي وشهد الاحتفال الـ32 حضور كبير وسط سعادة حقيقة لأنهم يشعرون بالانتماء لها.
أيضًا فتاتين من أصدقاء المجلة كان حلمهما منذ سنوات أن يصبحن إعلاميات، واحدة منهن أصبحت سفيرة الطفولة في الاتحاد الأوروبي والأخرى سفيرة بالمجلس القومي للأمومة والطفولة.
نحرص على مساعدة الأطفال في تنمية مواهبهم ونتفاعل معهم؛ ليشعروا بالانتماء للمكان، فنحن داخل المجلة لا نؤدي مهام التحرير بشكل تقليدي.
بل متواجدون على الأرض وهذا الأمر أعاد الأطفال للمجلة، وحينها وجدونا أيضا على كل مواقع السوشيال ليرتبطوا بها أكثر.. «علاء الدين» أكثر مجلة في مؤسسة الأهرام تطبع أعدادًا والعائد (صفر)!
ما رؤية رئيس التحرير لمستقبل مجلة «علاء الدين».. والتحديات التي يتوقع مواجهتها في السنوات القادمة؟
التحديات لوجستية وفنية؛ لكن أهمها مواكبة تطور عقلية الأطفال؛ لأن هناك سرعة في التطورات التي تطرأ على الطفل في الوقت الحالي ونحن لا نملك رفاهية تقديم مجلات لكل مرحلة عمرية بعينها، كذلك عدم وجود كوادر تقدم محتوى متخصص وهو تحدٍ آخر.
أيضًا يجب أن تتوفر سمات شخصية خاصة لرئيس تحرير مجلة الأطفال، حين يستطيع التفاعل معهم والوصول لهم يثقوا في المجلة، فكيف تحدثهم عن الرياضة والنشاط ثم يجدون نموذجًا لا يظهر ذلك؟! أو عند الحديث عن الخير وحسن المعاملة، إن لم يلاحظوا هذه السمات ضعف توصيل الرسالة.