هند رستم.. أيقونة السينما المصرية التي كسرت قوالب الأنوثة وصنعت مساراً فنياً لا يُنسى

كتب_جوهر الجمل
تمر اليوم ذكرى رحيل الفنانة هند رستم، واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في القرن العشرين، التي لم تكن مجرد وجه جميل أو رمزًا للجاذبية، بل فنانة استطاعت أن تعيد تعريف دور المرأة على الشاشة الكبيرة من خلال تنوع أدوارها بين الأنوثة الساحرة والتمثيل العميق، صنعت هند لنفسها مسارًا فنيًا متميزًا أبقى اسمها محفورًا في ذاكرة المشاهدين، بعيدًا عن الجدل والصور النمطية.
نستعرض في هذا التقرير رحلة فنية وإنسانية مليئة بالتحديات والنجاحات التي جعلت من هند رستم علامة لا تُمحى في تاريخ السينما المصرية.
رحلة فنية حافلة
ولدت هند رستم عام 1931، وبدأت مشوارها الفني في خمسينيات القرن الماضي، وسرعان ما تميزت بجمالها الأخّاذ وحضورها القوي على الشاشة، لُقبت بـ”مارلين مونرو الشرق” نظرًا لما حملته من أنوثة وجاذبية ملفتة، لكنها لم تكتفِ بهذه الصورة السطحية، بل نجحت في اختيارات أدوارها التي أظهرت بُعدها الدرامي والإنساني العميق.
قدمت هند مجموعة متنوعة من الأدوار التي تتراوح بين “شفيقة القبطية” في فيلم يحمل نفس الاسم، إلى أدوار أكثر عمقًا وإنسانية مثل “توحة” بائعة الخبز و”هنومة” بائعة المياه الغازية في فيلم “باب الحديد” للمخرج يوسف شاهين، هذه الأدوار أكدت قدرتها على لعب أدوار مركبة تتناول الواقع الاجتماعي بموضوعية وحساسية.
كسر القوالب النمطية
في زمن كانت فيه الأدوار النسائية غالبًا محصورة في إطار معين، كسرت هند رستم هذه القوالب الجاهزة بجرأتها الفنية وتنوع أدوارها، مما جعلها تُعتبر واحدة من أولى الممثلات اللواتي تحدين الصورة النمطية للمرأة في السينما المصرية، لم تكن هند تكتفي بأدوار “الجميلة المثيرة” فقط، بل استطاعت أن تجسد المرأة البسيطة، القوية، والمتمردة أحيانًا.
الاعتزال والحياة الشخصية
قررت هند رستم اعتزال التمثيل في أواخر السبعينيات، تحديدًا عام 1979 بعد فيلم “حياتي عذاب”، تقديرًا لرغبة زوجها الدكتور محمد فياض، بعد حياة فنية حافلة امتدت لأكثر من 25 عامًا وأثمرت عن عدد كبير من الأفلام الخالدة، وخلال حياتها الشخصية تزوجت مرتين وأنجبت ابنتها بسنت من زواجها الأول.
إرث فني خالد وتكريمات مستحقة
على مدار مسيرتها، حصلت هند رستم على العديد من الجوائز والتكريمات، منها جائزة النقاد عن فيلم “الجبان والحب”، كما تم تكريمها في مهرجان البندقية السينمائي عام 1957 عن فيلم “نساء في حياتي”، وفي عام 2018 أحيى محرك البحث جوجل ذكرى ميلادها الـ87 بتصميم احتفالي خاص.
إرث هند رستم الفني لم يقتصر على جمالها، بل كان تمثيلاً حيًا لتطور دور المرأة في السينما المصرية، حيث ساهمت في تغيير النظرة إلى المرأة وتقديمها بأبعاد متعددة.
نهاية لا تُنسى
رغم رحيلها في أغسطس 2011، تظل هند رستم أيقونة لا تتكرر، فهي فنانة جمعت بين الجمال والموهبة، صنعت اسمها بقوة وأثبتت أن للمرأة دورًا فنيًا يجاوز المظهر الخارجي ليصل إلى عمق الشخصية والتعبير الفني الراقي.