نقلة نوعية في التعليم الفني.. ارتفاع الإقبال ومكانة دولية متقدمة

كتبت: فاطمة الزناتي
في إطار الجهود المستمرة لتطوير منظومة التعليم الفني في مصر، كشف الدكتور عمرو بصيلة، رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفني، عن تحولات جذرية يشهدها هذا القطاع، مشيرًا إلى أن 58% من خريجي المرحلة الإعدادية باتوا يتجهون إلى التعليم التكنولوجي، بعدما كانت النسبة لا تتجاوز 43%.
وأوضح بصيلة، خلال لقائه في برنامج “مساء dmc” مع الإعلامي أسامة كمال، أن الصورة السلبية القديمة للتعليم الفني كانت ناتجة عن اعتقاد خاطئ بأن من لا يحصل على مجموع مرتفع في الإعدادية هو فقط من يلتحق به، مما أدى إلى شعور بعض الأسر بأن أبناءهم قد فشلوا لمجرد دخولهم هذا المسار.
وأضاف أن هذه النظرة السائدة، رغم كونها واقعية في وقت سابق، إلا أنها لم تكن عادلة، حيث إن انخفاض الدرجات لا يعني بالضرورة ضعفًا في القدرات، بل قد يشير إلى ميل الطالب للمجال العملي أكثر من النظري، وهو ما يتسق مع فلسفة التعليم التكنولوجي في دول رائدة مثل ألمانيا واليابان وإنجلترا.
وأشار بصيلة إلى أن الوزارة بدأت بتطبيق اختبارات لقياس المهارات واكتشاف ميول الطلاب، بهدف توجيههم إلى المسار الأنسب لهم، وليس فقط بناءً على نتائجهم الدراسية، مؤكدًا أن هذا التوجه يهدف لإيجاد بيئة تعليمية تُنمي الكفاءات الفعلية وتتماشى مع احتياجات سوق العمل.
كما أوضح أن هناك تعاونًا دوليًا متزايدًا في هذا المجال، حيث تم توقيع شراكات مع مؤسسات تعليمية عالمية مثل المعهد العالي للتكنولوجيا الدوائية في روما ومدارس الصناعات الكهربائية، ما يسمح بمنح الطلاب شهادات مزدوجة معترف بها دوليًا، تؤهلهم للعمل أو استكمال التعليم خارج مصر.
وأكد بصيلة أن هذه الشهادات تخضع لتقييمات صارمة من جانب الشركاء الأجانب، وهو ما تحقق بالفعل من خلال زيارات متبادلة وتقييم مباشر للطلاب ومشروعاتهم، وقد أبدى الخبراء الأجانب إعجابهم الشديد بالمستوى الفني للطلاب المصريين.
وعن واقع القبول في المدارس الفنية، أوضح بصيلة أن بعض مدارس التكنولوجيا التطبيقية لا تقبل إلا الحاصلين على مجموع يتجاوز 90%، بل ويصل إلى 97% في بعض الأحيان، ما يعكس التحول الكبير في النظرة لهذا النوع من التعليم.
وأضاف أن العقبة الحقيقية لا تكمن في الطلاب بل في بعض أولياء الأمور الذين يفرضون على أبنائهم مسارات لا تتناسب مع قدراتهم، طمعًا في تحقيق أحلامهم الشخصية، داعيًا إلى التركيز على اكتشاف مهارات الأبناء وتوجيههم لما يبرعون فيه، لاسيما في ظل ما يشهده سوق العمل من طلب متزايد على المهنيين المهرة، الذين قد تتجاوز رواتبهم أحيانًا رواتب الأطباء والمهندسين الجدد.
وأكد أن تطوير التعليم الفني لا ينفصل عن تطور الصناعة، إذ إن غالبية الابتكارات الحديثة تنبع من خطوط الإنتاج، وليس فقط من مراكز الأبحاث، وهو ما يدفع الوزارة إلى التعاون مع القطاع الخاص في تصميم المناهج وتحديث المهارات المطلوبة.
واختتم بصيلة تصريحاته بالإشارة إلى التحسن الكبير في تصنيف مصر العالمي في التعليم التقني، حيث قفزت من المركز 113 في عام 2018 إلى المركز 43 في نهاية 2024، في إنجاز يُعد شهادة دولية على نجاح جهود التطوير، خاصة مع الاعتراف الأوروبي المتزايد بمستوى الخريجين المصريين في هذا القطاع.