عرب-وعالم

شنغهاي: محور شرقي يهز عرش الغرب ويعيد رسم خريطة العالم

التحالف الشرقي يتوسع.. مستجدات قمة شنغهاي تعيد خلط الأوراق

تقرير: هالة عبد الهادي

جاءت قمة منظمة شنغهاي للتعاون الأخيرة لتشعل من جديد النقاش حول مستقبل النظام الدولي، خاصة بعد إعلان الصين عن تسريع إنشاء بنك تنموي للمنظمة وتقديم حزم مساعدات ومنح وقروض بمليارات اليوان، في خطوة وُصفت بأنها تحدٍ مباشر للهيمنة المالية الغربية. وفي الوقت نفسه، برزت القمة كمنبر لتأكيد التحالف الشرقي المتنامي، مع مشاركة روسيا والهند وإيران وانضمام لاوس كشريك جديد، ما أضفى على الاجتماعات بُعدًا استراتيجياً يعكس أن الشرق ماضٍ في تشكيل محور قادر على إعادة رسم خريطة العالم السياسية والاقتصادية.

فقد شهدت قمة شنغهاي للتعاون خطوات نحو إنشاء تحالف شرقي، يشكل تحديًا ملموسًا وتوازنًا استراتيجيًا ينافس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتكون القمة منعطفًا استراتيجيًا جديدًا، في وقت تتزايد فيه التوترات بين الشرق والغرب، إذ تحولت القمة إلى كيان جيوسياسي ضخم، يضم قوى عسكرية واقتصادية كبرى، مثل: الصين وروسيا والهند ومؤخرًا إيران، يسعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والعسكري بينهم وهو ما يعكس رغبة هذه الدول في إعادة رسم موازين القوى الدولية.

وبذلك تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم مضطرين لإعادة النظر في سياستهم تجاه آسيا الوسطى والشرق الأوسط، فمع سعي دول أخرى للانضمام، ستتحول منظمة شنغهاي إلى كتلة عالمية منافسة للغرب، يسير العالم بفعلها نحو مرحلة جديدة من التعددية القطبية، لا يكون الغرب وحده المتحكم فيها، خاصة أن دول المنظمة تمثل نحو نصف سكان العالم، وتملك احتياطيات هائلة من الطاقة، وقدرات عسكرية متنامية.

كما تسعى المنظمة إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والأمن السيبراني، والبنية التحتية، وربط الدول الأعضاء بممرات تجارية عملاقة، تمثل تحديًا مباشرًا للهيمنة الغربية على طرق التجارة العالمية.

عالم متعدد الأقطاب

ألقى “شي جين بينج”- الرئيس الصيني- خطابًا خلال القمة دعا فيه إلى: “عالم متعدد الأقطاب”، داعمًا فكرة “حوكمة عالمية أكثر عدلاً وإنصافًا”. كما أعلن عن: تقديم بكين مساعدات بقيمة 2 مليار يوان، ومنح وقروض بقيمة 10 مليار يوان، لتمويل مشاريع تنموية داخل المنظمة.

وظهر الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بصحبة رئيسا الصين والهند ومعهم زعيم كوريا الشمالية، فيما وصفه الإعلام الغربي بأنّه تحالف “محور الزلزال”، ويؤكد الخبراء أن توسع المنظمة سيجعلها قادرة على صياغة سياسات اقتصادية وأمنية تقلل من اعتماد أعضائها على الدولار والنظام المالي الغربي، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للنظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد اليمني- خبير العلاقات الدولية- في تصريح خاص لجريدة “اليوم”: ” فكرة العالم متعدد الأقطاب، قابلة للتطبيق والتنفيذ، فالصين قادرة على ذلك بسياساتها، وروسيا- على الرغم مما تمر به من حروب- تعطي الأولوية لقدراتها ومصالحها”. مشيراً إلي: أنه “خلال هذه القمة، شهدنا العديد من التحركات المهمة للصين وروسيا والهند وكوريا الشمالية، وحتى كوريا الجنوبية، جميعها تسعى لتحقيق الاستقرار”.

كما أشار إلى: أن “القمة تثير تساؤلات حول ما إذا كان العالم مقبلًا على حقبة متعددة الأقطاب قوية؟ أم مجرد مناورة سياسية؟ مشيرًا إلى أن تصريحات القادة تبرز رغبة الصين في غزو العالم، وتعزيز نفوذها، لتصبح القوة الأولى عالميًا واقتصادياً وعسكرياً، واحتمال تصدي الولايات المتحدة والناتو لهذا التوجه، وسط تنافس محتدم بين القوى الكبرى، كبير بما يؤكد دخول حقبة جديدة”.

إنهاء سيطرة الدولار

“الولايات المتحدة الأمريكية تحارب بكل ما تملك أي تحالف حتى الرمق الأخير، ومن هذا المنطلق، يجب محاربة ومواجهة سيطرة الدولار الأمريكي، و استخدام عملات أخرى غيره، لأن الاقتصاد يمثل شريانًا حيويًا للولايات المتحدة، و سببًا رئيسيًا في تحقيق هيمنتها على العالم بلا استثناء، عبر إشراك الدولار في معظم الشركات والاتفاقيات، سواء التجارية أو غير التجارية، على مستوى العالم”… هكذا وصف “اليمني” أهمية التصدي للهيمنة الاقتصادية الأمريكية.

وأضاف مؤكدارؤيته: “ما زال اعتماد الدول الأعضاء على الدولار والنظام المالي الغربي قائمًا بكل وضوح، وهذا يعني أن الناتو والأنظمة الغربية تحت نفوذ الولايات المتحدة، وتحت تأثير السياسات الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، بحيث لا يمكن لأي دولة أن تتخذ قرارًا أو تحرك أي خطوة دون الضوء الأخضر من أمريكا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights