الرئيسيةعرب-وعالم

فرنسا تدخل دوامة الاضطرابات بإضراب 18 سبتمبر

تقرير: مروة محي الدين

في تطور لافت للأحداث المضطربة في فرنسا، أعلنت عدد من النقابات والاتحادات المهنية بالتعاون مع الأحزاب السياسية والتنظيمات المستقلة إضراب عام، في 18 سبتمبر، الذي اعتبره متخصصون أكبر التحركات الاجتماعية في فرنسا منذ سنوات.

إقرأ: 10 سبتمبر… حراك شعبي يدفع فرنسا صوب اللا استقرار

وهو جزء من موجة احتجاجات شعبية ونقابية، ضد سياسات الحكومة الفرنسية، التي فجرتها خطة “فرانسوا بايرو”- رئيس الوزراء الفرنسي السابق- للتقشف، بهدف توفير 44 مليار يورو من الميزانية العامة، عبر إلغاء عطلتين رسميتين، وتجميد الإعانات الاجتماعية، وتخفيضات كبيرة في قطاعي الصحة والنقل.

كما اقترن ذلك بحالة الغضب الشعبي، مما يرتكبه الاحتلال في غزة، وانطلقت الدعوات الدولية للتضامن مع الفلسطينيين، ما أضاف بُعدًا دوليًا للإضراب، يجعله تحديًا كبيرًا للحكومة الفرنسية، بسبب مشاركة قطاعات متعددة والدعم الشعبي الواسع له.

تنظيم الإضراب

أعلنت عدة مؤسسات مشاركتها في تنظيم الإضراب، جاءت على رأسها: أ)  النقابات والاتحادات المهنية، ممثلة في: الاتحادات النقابية الثمانية الكبرى، ونقابات قطاع النقل ونقابات قطاع الصحة، ونقابات الطيران؛

ب) الأحزاب السياسية: ومثلتها أحزاب اليسار واليسار المتشدد، بما يشمل أحزاب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي، بالإضافة إلى الحركات الاجتماعية مثل: السترات الصفراء؛

جـ) بعض الجهات الدولية: ثمة تنسيق مع حركات التضامن مع فلسطين، مثل: الحراك الشعبي لنصرة غزة، وشبكة “كلنا من أجل غزة.. كلنا من أجل فلسطين”، وكان قد سبق ودعت الحركة إلى إضراب عالمي عن الطعام في 100 مدينة، يومي 16 و23 سبتمبر الجاري.

وهو ما ينذر بحالة من الشلل التام في عموم البلاد، لاسيما وقد حددت الجهات المنظمة مواقع لتجمع المحتجين في المدن الكبرى، مثل: باريس: ساحة الجمهورية، ساحة الباستيل، ومحيط مقر الحكومة والقصر الرئاسي؛ ومدن إقليم إيل دو فرانس: مثل نانتير وكراتي وفيرساي؛ كما سينظمون مسيرات أمام المباني الحكومية ومحطات النقل الرئيسية، في مدن: ليون، مارسيليا، تولوز، وبوردو.

إضراب يزلزل فرنسا

تتصاعد احتمالات حدوث شلل تام في فرنسا يوم الإضراب، حيث تكون القطاعات الحيوية الأكثر تأثرا، لاسيما في قطاع النقل، فقد تلغى إلغاء 70-80% من رحلات القطارات والطيران، وتتعطل شبكة المترو والحافلات في باريس بشدة؛ وكذلك قطاع الصحة، حيث تغلق معظم الصيدليات، ويتم تقليل الخدمات في المستشفيات إلى الحد الأدنى؛ ويمتد التعطيل إلى المدارس والخدمات البريدية والإدارات الحكومية، وكافة الخدمات العامة.

كما يرى الدكتور “محمد الألفي”- خبير الاقتصاد السياسي المقيم في باريس- في تصريحات خاصة لموقع اليوم: أن “الإضراب يحمل الكثير من التهديدات السياسية والاقتصادية والأمنية، فعلى المستوى السياسي: يزيد الضغط على الحكومة الجديدة، لتعديل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وحال فشلت في التعامل مع المطالب، قد يؤدي ذلك إلى تفكك التحالفات السياسية الداعمة لها”.

وعلى الجانب الاقتصادي، قال: إن “الإضراب قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة، بسبب تعطيل حركة النقل: (المطارات، القطارات، المترو)، وتأثيرها على السياحة والتجارة؛ كما يحتمل أن يتكبد قطاعي الصحة والتجارة خسائر، بسبب إغلاق الصيدليات والمستشفيات جزئيًا”.

ومع اقتران الإضراب بحراك غاضب في الشارع، لفت خبير الاقتصاد السياسي إلى تهديدات أمنية يحملها، فقال: ثمة “خطر من ارتكاب متظاهرين متشددين، أو جماعات غير منظمة أعمال شغب أو عنف؛ كما قد تتعطل حركة النقل والخدمات الأساسية، مما قد يؤدي إلى مواجهات مع قوات الأمن”.

تحركات الدولة

لمواجهة الإضراب والغضب، نشرت الحكومة تحذيرات رسمية للمواطنين، بتجنب التنقل غير الضروري يوم الخميس، ونسقت وزارتي الداخلية مع النقل، لإدارة حركة النقل والخدمات الأساسية.

وعلى جانب آخر، تقرر نشر أكثر من 80,000 شرطي وفرد درك في جميع أنحاء فرنسا، مع التركيز الشديد على باريس، وكذلك استخدام قوات خاصة: مثل وحدات التدخل السريع- RAID، والدرك الوطني- Gendarmerie Nationale، للتعامل مع أي أعمال عنف أو شغب.

 

كما تم اتخاذ قرار بإغلاق الميادين المركزية، ومباني الحكومة، ومحطات النقل الكبرى بشكل وقائي، وكذلك جرى التعاون مع جهاز الاستخبارات، لمراقبة الجماعات المتطرفة، ومنع أي تحركات عنيفة.

وبنهاية المطاف، تكون فرنسا قد دخلت دوامة الاضطرابات السياسية، لتتزايد مخاوف الغرق، حيث أشار “الألفي”- في نهاية حديثه إلى أن: “الإضرابات قد تستمر طوال الخريف، حال لم تلبي الحكومة مطالب المحتجين، لاسيما مع إشعار الإضراب الصادر من نقابة Force Ouvrière، الذي يغطي الفترة من 1 سبتمبر إلى 30 نوفمبر؛ وعلى ذات المنوال قد تصعد النقابات حراكها، وخير مثال على ذلك: إضراب المطارات المقرر موعده في 7-9 أكتوبر، كما أعلنت النقابات الزراعية عن إضراب يوم 26 سبتمبر الجاري، لتكون أهم فاعلياته إغلاق كافة الطرق بالمحاريث الزراعية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights