صحة الإنسان في خطر.. تحقيق يكشف أسرار الزراعة الملوّثة بالمبيدات

أستاذ الزراعة الحيوية: السماد العضوي ينقذ التربة ويعيد الحياة للإنتاج
أستاذ بالمركز القومي للبحوث: المكافحة البيولوجية بديل آمن وفعّال
استشاري تغذية: تصيب الإنسان بالأورام.. والغذاء الملوّث قنبلة موقوتة
تحقيق – مصطفى كمال
في الوقت الذي يسابق فيه العالم الزمن لتحقيق الأمن الغذائي ومضاعفة الإنتاج الزراعي، تقف المبيدات الكيميائية كحلّ سريع وخطير في آنٍ واحد؛ فبينما يراها المزارعون وسيلة فعالة لمكافحة الآفات وزيادة الإنتاجية، تحذّر الأبحاث العلمية والأطباء والخبراء من الثمن الباهظ الذي يدفعه الإنسان والبيئة مقابل هذا الاستخدام المفرط.
فما هو أثر المبيدات على التربة وصحة الإنسان والأجيال القادمة؟ وما دور القوانين في تنظيم هذا المجال؟ وهل هناك حل لزراعة خالية من السموم؟
تأثير المبيدات على خصوبة الأرض والزراعة المستدامة
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ الزراعة الحيوية بمعهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة مدينة السادات، إن استخدام المبيدات والكيماويات يؤثر على التربة وخصوبتها وصحة الإنسان، وأن الغذاء الناتج عن تلك التربة يحتوي على متبقيات مبيدات ومسرطنات.
وأوضح أن الحل هو الزراعة الحيوية، حيث نعتمد فيها على زيادة البكتيريا النافعة، ونسمد التربة بأسمدة عضوية مثل منتجات شركاتنا “نوفا بلس”، ما يساعد على تقليل نسبة استخدام المياه.

متبقيات المبيدات في المحاصيل تهدد موائد المصريين
وأضاف سالم، في تصريح خاص لـ “اليوم”، أن الدولة شرعت قانونًا يُعرف بـ (قانون الزراعة الحيوية) في يناير 2020، وتم إصدار اللائحة التنفيذية له في 21 أغسطس من العام نفسه. وأكد أن وجود هذا القانون يسهم في حل أزمة الكيماويات التي تتجدد باستمرار، ومن خلاله يمكن التوسع في استخدام الأسمدة الحيوية والاستغناء عن الكيماوية، وبالتالي نُنقذ التربة من السموم ونحصل على غذاء صحي يصلح للتصدير.
هل تحمي القوانين صحة المواطن؟
وأوضح أستاذ الزراعة الحيوية أن قانون الزراعة العضوية الصادر عن الاتحاد الأوروبي ينص على منع استخدام المواد الكيميائية، سواء كانت مصنّعة أو مخلّقة، في تسميد الأراضي الزراعية.
وتنص المادة رقم 194 من القانون صراحةً على أن مادتي اليوريا والنترات تُعدّان من المواد السامة التي تضر بالتربة، وتتسبب في تلوث المحاصيل، وتشكل خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان.
الفرق بين الاستخدام العلمي والإفراط القاتل
من جانبه، قال الدكتور محمد عبد الرحيم، أستاذ المكافحة البيولوجية بالمركز القومي للبحوث، إن خطر المبيدات كبير جدًا على الإنسان والحيوان والنبات والتربة والبيئة، إذا لم تُستخدم بالقدر والنسب الموصى بها.
وشدد على أن المبيدات تحتاج إلى رقابة صارمة، لأن بعض المزارعين يستخدمونها دون اتباع التعليمات المدوّنة على العبوة، ويعتقدون أن زيادة الكمية تؤدي إلى القضاء السريع على الآفات.

المكافحة البيولوجية مستقبل الزراعة الآمنة
وأشار عبد الرحيم، في تصريح خاص لـ “اليوم”، إلى وجود طرق بديلة كثيرة بعيدًا عن المبيدات، مع تطور العلم. فهناك مزارع عضوية بالكامل تعتمد على الزراعة الحيوية والذكية، كما يتم استخدام عناصر المكافحة البيولوجية مثل:
الفطريات الممرضة للحشرات، البكتيريا الممرضة، النيماتودا، الفيروسات الممرضة للحشرات، وكل هذه عناصر واعدة تُستخدم في المزارع الكبرى التي تصدّر للخارج.
وأوضح أن المبيدات لا يمكن إغفال أهميتها، لكنها تُستخدم فقط عند الضرورة، كوقت زيادة تعداد الحشرات بشكل كبير، وحينها لا تجدي المكافحة البيولوجية، ويُصبح من الضروري التدخل بالمبيدات وفق النسب الموصى بها.
علاقة مباشرة بين المبيدات والسرطان والفشل الكلوي
وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد منيسي، استشاري التغذية والمناعة والجهاز الهضمي والكبد، إن الإفراط في استخدام المبيدات الزراعية يهدد صحة الإنسان بأمراض خطيرة نتيجة استهلاك محاصيل الخضروات والفاكهة المحتوية على متبقيات المبيدات.
وأكد أن هذه المواد تؤدي إلى أمراض خطيرة، أبرزها: الفشل الكلوي والكبدي، أمراض الجهاز العصبي، والأورام السرطانية، كما أن بعض أنواع المبيدات تؤثر سلبًا على الأجنة، وتُضعف الخصوبة لدى الرجال والنساء، وتشكل تهديدًا للصحة الإنجابية.