تقرير: أحمد فؤاد
في زمنٍ تشتد فيه الحاجة إلى استعادة العلاقة الروحية العميقة بين الإنسان وربه، تبرز حقيقة قرآنية خالدة:
“إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” [فاطر: 28]
تجسيدٌ رباني لعلاقة العلم بالخوف من الله، خشية تنبع لا من الجهل، بل من الإدراك والمعرفة، من التعمق في فهم عظمة الخالق ودقة سننه.
العلم لا يقود إلى الغرور بل إلى التواضع والخشوع
في لقاء خاص مع الدكتور محمد حرز، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أشار إلى أن كثيرًا من الناس يظنون أن ازدياد العلم قد يُفضي إلى الغرور أو الاستعلاء، ولكن الحقيقة القرآنية والواقع يشهدان بعكس ذلك تمامًا.
فالذي يعرف أسرار الخلق، ويطّلع على آيات الله في الأنفس والآفاق، لا يملك إلا أن يخشع قلبه ويخشاه، إذ يتيقن بعقله وعلمه أن الكون لم يُخلق عبثًا، وأن كل ذرة فيه تنطق بقدرة الله الواحد القهار.
علماء الأمة.. قناديل هداية في زمن التيه
استشهد الدكتور حرز بما قاله الإمام أحمد بن حنبل: “العلم لا يعدله شيء إذا صلحت النية”.
فالعلماء الربانيون هم أهل الخشية، لأنهم يعرفون حكم الله ويعلمون عدله ورحمته، فلا يُفتون إلا بعلم، ولا يتكلمون إلا بحساب، وهم أشد الناس تحذيرًا من معصية الله، لأنهم يعرفون أبعادها.
جهود متواصلة لتجديد الخطاب الديني بالعلم والخشية
تواصل وزارة الأوقاف المصرية جهودها في دعم العلم الديني الرصين، من خلال تطوير برامج إعداد الأئمة والدعاة، وتقديم نماذج علمية واعية ترتبط بالواقع دون أن تنفصل عن الأصول والثوابت.
في تصريحات للوزارة، أكدت أن التكوين العلمي العميق للإمام ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة لحماية المجتمع من الأفكار المتطرفة والفتاوى المنحرفة.
الخشية.. ليست خوفًا سطحيًا بل وعيٌ بالعظمة
من الفروق المهمة التي أشار إليها علماء الأزهر الشريف أن “الخشية” غير “الخوف”، فالخوف قد يكون من المجهول أو من الضرر، أما الخشية فهي شعور نابع من العلم والهيبة، من إدراك عظمة الله وكماله وعدله.
ومن هنا جاء قول السلف: “كلما ازداد العبد علمًا بربه، ازداد له خشية وخضوعًا”.
دعوة متجددة لطلب العلم.. بوعي وصدق
ختامًا، فإن الآية الكريمة تدعونا جميعًا أفرادًا ومؤسسات إلى إعادة ترتيب أولوياتنا؛ فالعلم هو طريق الخشية، والخشية هي أساس التقوى، والتقوى هي ما يُنجّي في الدنيا والآخرة.
وليكن شعارنا قول الإمام مالك: “العلم إن لم يُثمر خشية، فهو وبال على صاحبه”.
