التغيرات المناخية وأثرها على الكون.. أستاذ المكافحة البيولوجية – بالمركز القومي للبحوث يتحدث لـ اليوم

كتبت /نجوى إبراهيم
قال أ. د/ محمد عبد الرحيم علي – أستاذ المكافحة البيولوجية – بالمركز القومي للبحوث في حديثه لليوم أن المركز يهتم اهتماماً كبيراً بدراسة آثار التغيرات المناخية على الكون في مختلف المجالات وكيفية علاجها أو التأقلم معها.
قمة المناخ
في البداية أكد عبدالرحيم أنه كل عام تجتمع دول العالم في موتمر قمة المناخ أو مؤتمر التغيرات المناخية، حيث عقد المؤتمر العام قبل الماضي في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية2022COP 27) ) وسمي بمؤتمر التعهدات، حيث تعهدت دول العالم المشاركة بالمؤتمر بأن كل دولة توفى بتعهداتها المختلفة لمجابهة الآثار السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية، وذلك بتمويل المشروعات التى تؤدى إلى تقليل الآثار الضارة عن الدول المتضررة.
وفي العام الماضى 2023 (COP28) عقد المؤتمر بدولة الإمارات العربية المتحدة وسمى مؤتمر البناء وكذلك اتفاق الامارات وخاصة فيما يتعلق بالتقييم العالمي للمناخ والتخفيف والتكيف وآليات التمويل والتمهيد لتعزير رابطة التنوع البيولوجي والمناخ وانطلاقاً من يوم التنوع البيولوجي في 27 COP إلى يوم الطبيعة في COP28.
مؤتمر المناخ في أذربيجان
يقول عبدالرحيم: فى هذا العام تحديدا فى يوم٢٠٢٤/١١/١١ إلى يوم ٢٠٢٤/١١/٢٢ انعقد مؤتمر المناخ COP29 في دولة أذربيجان، وفى اليوم الأول تحدثت دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها المضيفة ل 28 COP العام الماضى 2023وقد سلطت الضوء على التزامها بخفض انبعاثات الكربون وتعزيز حلول الطاقة النظيفة وتقديم مثال قوى للعمل المناخي في الشرق الأوسط حيث يستثمرون فى مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية وقد تم جمع ما يزيد عن خمسة مليارات دولار لصندوق التعويضات.
التعويضات
وكانت دولة الإمارات أول دولة تعلن مساهمتها، وبالطبع معظم التمويل يذهب للدول النامية ذات الاقتصاديات المزدهرة، والبلدان متوسطة الدخل تستحوذ على نصيب الأسد من ( 100) مليار دولار بنحو 57 في المائة والباقى يذهب للدول الجزرية الصغيرة النامية في هذا العام 29 COP المفاوضون قرابة (200) دولة، وفي مؤتمر التمويل حاولت دول الأطراف وضع خطة لجذب تريليونات الدولارات المحتملة للدول النامية التي تعاني من آثار التغيرات المناخية.
حضور قوي لمصر برئاسة الدكتورة ياسمين فؤاد
في COP29 كان لمصر حضور قوي برئاسة معالى الوزيرة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة حيث قادت مشاورات الدعم والتمويل مع نظيرها الأسترالي حيث كان هناك 100مليار تنتهي في 2025 وتطمح لوصول التمويل لتريليون دولار، وفي 27 COP انشأت مصر صندوق “الخسائر والأضرار”.
نستثمر فى كوكب صالح للاستثمار
وأشار الدكتور محمد عبد الرحيم أستاذ المكافحة البيولوجية بالمركز القومي للبحوث، إلى أن المشاركة المصرية فى COP29 كانت للحد من انبعاثات الكربون وفتح سوق الكربون بحيث الدول الأكثر فى انبعاثات الكربون تدفع للدول المتضررة لمجابهة هذه الاثار الضارة..
كما شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة في المؤتمر تحت شعار (الاستثمار فى كوكب صالح للعيش للجميع) بمشاركة السيد كريس بون وزير البيئة الأسترالي في تسيير مفاوضات الهدف الجمعى الجديد لتمويل المناخ ممثلة عن الدول النامية بهدف تمويل المناخ، وقامت مصر بتفعيل خلال COP29 صندوق تحت شعار ( تضامناً من أجل عالم أخضر ) وهي فرصة محورية من أجل معالجة أزمة المناخ.
وكان من أدوات التمويل في مؤتمر المناخ أسواق الكربون والتي تصب في مصلحة تلك الدول النامية المتضررة فلا تدفع فاتورة المناخ نيابة عن تلك الدول الكبرى.
وأضاف عبدالرحيم قائلا: ناقش المؤتمر قضية التمويل عن طريق المنح والقروض و قضية التمويل كي تتكيف الدول مع التغيرات المناخية مثل:
1. – الاستثمار في البيئة الخضراء
2. – سوق الكربون
3. – التكيف
4. وفى مصر مبادرة -١- تحضر للاخضر
5. – المشروعات الخضراء الذكية
6. – مشروع 50/50 لتدوير المخلفات مع أفريقيا
مشيرا إلى أن هناك براءات تكنولوجية مصرية تهدف للحد من ( انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، مقاومة التصحر، تنقية وتحلية المياه، وجمعيها تهدف لمعالجة قضايا الفقر المائي والتصحر والتغيرات المناخية ، مما يساعد فى خفض البصمة الكربونية وزيادة الصادرات.
تأليف كتب عن التغيرات المناخية
من خلال الدراسات قمت بتأليف عدة كتب عن التغيرات المناخية وآثارها في جميع مناحي الحياه بالاشتراك مع العديد من العلماء من مختلف أنحاء العالم أيضاً بصدد نشر كتاب عن التغيرات المناخية وآثارها على الكون بالاشتراك مع زملاء من مختلف دول العالم.
وحول التغيرات المناخية أردف قائلا: ومن هنا يمكنني القول أنا كزراعي التغيرات المناخية تؤثر على كل المكونات ونبدأ ب:
التربة بالطبع يعتبر تغير المناخ تهديدا خطيراً للأمن الغذائي العالمي ، تحويل الأراضى العشبية وأراضى الغابات إلى أراض زراعية لزراعة المحاصيل قد أدى إلى خسائر تاريخية في كربون التربة على نطاق العالم وهو مسؤل عن ١٠ % من انبعاثات الغازات الدفيئة، ومن هنا يمكن للتربة أن تدار بطريقة مستدامة و بالتالي تقوم بدورها في تخفيف آثار تغير المناخ عن طريق احتجاز الكربون و تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
التغيرات المناخية تؤدي إلى تصحر الأراضي
غالبا ما نجد أيضا أن التغيرات المناخية قد تؤدى لتصحر الأراضي و من خلال السيول إلى انجراف الأراضي والمنازل واقتلاع الأشجار والنباتات كذلك فإن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها له دور كبيرفي نمو المحاصيل الزراعية وإنبات البذور بالتربة حيث أن كل جنين داخل البذرة له درجات حراره معينة كى ينمو النبات ولذلك نجد أن هناك محاصيل زراعية صيفية وأخرى شتوية او نيلية وهكذا كذلك درجات الحرارة تؤثر على مدة بقاء المحصول بالأرض الزراعية، فقد تطول و تقصر وكذلك على مكونات التربة من كائنات حية دقيقة مهمة لنمو النبات وكعناصر غذائية وغيرها.
النبات :
تؤدي التغيرات المناخية إلى :-
١-انخفاض الإنتاجية.
٢- نمو الأنواع السامة من النباتات .
٣- انخفاض العناصر الغذائية .
٤ – الاجهاد المائي
فترات الجفاف تؤدي لانخفاض إنتاجية النبات أيضا واختلاف نمط نمو بعض النباتات نتيجة لارتفاع درجات الحرارة إلى محاولة التكيف مع هذه التغيرات للبقاء على قيد الحياة، حيث لا يمكن للنبات أن يهاجر من مكان لآخر مثل باقي الكائنات فيحدث أن تصبح سيقان هذا النبات طويلة ويتقلص حجم الأوراق وتنمو النباتات بعيدة عن بعضها البعض ايضا نمو الأنواع السامة من النباتات نتيجة لارتفاع درجات الحرارة مثل نبات اللبلاب السام فى البيئات الدفيئة والغنية بثاني أكسيد الكربون ونجد أن حوالي ٨٠ % من الأفراد يعانون من حساسية تجاه هذا النبات.
وعن انخفاض العناصر الغذائية قال: نجد أن ارتفاع ثاني أكسيد الكربون يؤدى لخفض أكثر العناصر الغذائية المهمة في المحاصيل حيث يؤدى إلى انخفاض مستويات البروتين في حبوب القمح والارز والشعير ودرنات البطاطس بنسبة تتراوح من ١٠ – ١٥ % وكذلك تفقد معادن مهمة مثل الكالسيوم والماغنسيوم والفوسفور والحديد والزنك وأيضا في دراسة زادت نسبة فيتامين E في الأرز وانخفاض فيتامينات B1,B2,B5,B9.
الحشرات
من خلال ما سبق من تأثير التغيرات المناخية على البيئة وعلى التربة والنبات فكل هذه التغيرات بدورها لها دور كبير في تواجد وعدم تواجد الآفات الزراعية على المحاصيل و طرق مكافحة هذه الآفات.
أولا نتيجة لزيادة ثاني أكسيد الكربون يقل البروتين في النبات والحشرات تحتاج كميه معينة من البروتين لغذائها فتزداد كمية الغذاء المطلوبة من النبات لهذه الحشرات فيتم تدمير المحصول وقلة الانتاج.
كذلك ارتفاع درجات الحرارة تزيد من تعداد الآفات الحشرية وتؤدى لسرعة دورة الحياة وبالتالي زياده عدد الأجيال على المحصول وبالتالي زيادة تكاليف المكافحة وقلة الإنتاج وتدمير المحصول.
كذلك ارتفاع درجات الحرارة والسيول وشده الرياح تؤثر على الحشرات النافعة مثل النحل والحشرات الملقحة للمحاصيل .
وهناك بعض الأمثلة نتيجة التغيرات المناخية مثلا نجد أن ذباب الفاكهة مثل ( Bactrocera oleae التي تتغذى على أشجار الزيتون، وذباب فاكهة البحر الأبيض المتوسط Ceratitis capitata تمكنت من استعمار أماكن أخرى غير موطنها الأصلى والمناطق المجاورة لها بسبب التوسع في زراعة عواملها البنائية والتجارة الدولية، وبسبب التغير المناخي والذى سمح ببقائها الشتوى وتكاثرها في عوائل غير مناسبة لانواعها فمثلا ذبابة الزيتون موطنها الاصلى فى أفريقيا وآسيا وأوروبا فقد غزت كاليفورنيا والمكسيك مؤخراً.
سوسة النخيل الحمراء
تنتشر في الشرق الأدنى وأفريقيا وأوروبا من أكثر الآفات خطورة تصيب أشجار النخيل وتسبب أضرار اقتصادية.
تتغذى اليرقات داخل منطقة النمو القمي للشجرة فتؤدى لموت الشجرة حيث تصيب أنواع مختلفة من النخيل مثل نخيل جوز الهند ونخيل التمر قد يتوسع انتشارها بسبب التغيرات المناخية مما يؤدي لتوسع تواجدها في شمال الصين وتم الإبلاغ عن تواجدها في ٤٥ دوله ويتوقع انتشارها بشكل أكبر وهى التحدى الأكبر لمزارعي النخيل.
دودة الحشد الخريفية
لديها مدي عائلي من مئات الأنواع البنانية فتلحق اضرارا بالغة بالذره الرفيعة والشامية وهما المفضلان لها بجانب المحاصيل الأخرى مثل الأرز والقطن وفول الصويا موطنها الأصلى المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في الأمريكيتين وخلال الصيف تهاجر إلى الأماكن المعتدلة الجنوبية والشمالية الأمريكية تم تسجيلها في غرب أفريقيا في ٢٠١٦ وفي جميع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومصر عام ٢٠١٩، وفي ٢٠١٨ بالهند وفي عام ٢٠٢٠ تم اكتشافها في الأردن والإمارات العربية المتحدة على الذرة الرفيعة، وفى بعض مناطق قارة إستراليا.
وتتكيف دودة الحشد الخريفية مع المناخات الدفيئة والحشرات الكاملة لها القدرة على الطيران إلى عدة كيلو مترات في ليله واحدة .
كذلك تتوقع الاختفاء جزئيا في نصف الكرة الجنوبي الأمريكي حسب الظروف الأكثر دفئاً وجفافاً.
الجراد الصحراوي
بشكل رئيسي في أفريقيا عبر شبه الجزيرة العربية و غرب آسيا، حيث يتغذى بشراهة على المحاصيل الرئيسية وأی نباتات خضراء في طريقه ويهدد سبل العيش في أكثر من 65 دولة .
و يجب من عمل تدابير وقائية وفعاله من حيث التكلفة وفي الوقت المناسب قبل أن تلحق الآفة أضرار كبيرة .
لوحظ في عام ٢٠١٩ – ٢٠٢٠ تكاثر غير مسبوق للجراد في إريتريا والصومال واليمين بسبب هطول الأمطار العزيزة بشكل غير عادي، وتتمثل الاستراتيجية الحالية على إدارة اسراب الجراد بالرش الجوي بالمبيدات الكيماوية والتى لها آثار سلبية كبيرة على البشر و الماشية والبيئة والتنوع البيولوجي.
ومع التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة وهطول الأمطار في المناطق الصحراوية والرياح القوية المرتبطة بالاعاصير المدارية توفر بيئة مواتية جديدة لتكاثر الجراد وتطورها وهجرتها.
الاحتباس الحرارى لعب دورهام فى بقائه على قيد الحياه والتغير المناخي له أثر على طرق الهجرة المستقبلية للجراد الصحراوي وبالتالي قد يحتاج التنبؤ بالمخاطر في ظل سيناريوهات مختلفة لتغير المناخ الى التمييز بين تحت الأنواع المختلفة لتغير المناخ لأن كل منها قد يكون له متطلبات متخصصة مختلفة في طرق مكافحة الآفات في النهاية يجب إتباع توصيات الوزارة الجديدة تبعاً للتغيرات المناخية.
الحشرات القشرية
من الآفات التى تؤثر بشكل كبير، على أشجار الفاكهة فى مصر مثل أشجار المانجو و الموالح مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة أصبحت الظروف اكثر ملائمة لنمو وانتشار هذه الحشرات مما زاد من صعوبة السيطرة عليها
الحلول اللازمة لمواجهة التغيرات المناخية
وأضاف “عبد الرحيم ” إن تعزيز البحث العلمى لتطوير أصناف نباتية مقاومة للآفات والأمراض وتحمل الظروف المناخية المتغيرة.
وهذا يشمل الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية واستخدام تقنيات الهندسة الوراثية لتحسين المحاصيل .
تطوير نظم الإنذار المبكر لرصد انتشار الآفات والأمراض في الوقت المناسب تعتمد على تقنيات الاستشعار عن بعد واستخدام البيانات الضخمة لتحليل الأنماط المناخية وتوقع انتشار الآفات ممايسمح بالتدخل السريع قبل أن تتسبب هذه الآفات فى أضرار جسيمة.
تعزيز وعي المزارعين بأهمية التكيف مع تغير المناخ من خلال برامج تدريبية تركز على أفضل الممارسات الزراعية التي تساعد في تقليل تأثير الآفات والأمراض مما يجب تعزيز التعاون الدولي للحصول على الدعم الفني والمالي لتطوير تقنيات مكافحة أكثر فاعلية ومستدامة .
وأخيراً كان تغير المناخ هو تحد كبير للقطاع الزراعي في مصرحيث ساهم في انتشار الآفات والأمراض التى تهدد المحاصيل الغذائية الأساسية الا أن مواجهة هذه التحديات ممكنه من خلال تطویر حلول مبتكرة ومستدامة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتعاون الدولي.