الإفتاء: قراءة القرآن من الهاتف جائزة وثوابها لا يختلف عن المصحف الورقي

تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا من أحد المتابعين حول مدى جواز قراءة القرآن الكريم من الهاتف المحمول، وهل يختلف ثواب القراءة من المصحف الإلكتروني عن المصحف الورقي؟
وفي رد واضح، أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ومدير إدارة التدريب، أنه لا يوجد أي مانع شرعي من قراءة القرآن عبر الهاتف المحمول، وأن ثواب التلاوة لا ينقص سواء تمت القراءة من المصحف الورقي أو من تطبيق إلكتروني.
وأوضح الورداني أن المصحف الموجود على الهاتف المحمول هو مجرد تعبير رقمي عن المصحف الورقي، والكلمات هي نفسها كلمات القرآن الكريم، ولا يوجد اختلاف جوهري بينهما سوى الوسيلة التي يتم من خلالها عرض النص القرآني.
وأشار إلى أن الصحابة الكرام في بداية الإسلام كانوا يقرؤون القرآن من رقاع الجلد وجذوع النخل قبل أن يُجمع المصحف بين دفتي كتاب، ومع ذلك كانوا يحصلون على الثواب ذاته، مما يؤكد أن القراءة من الموبايل تُعد قراءة صحيحة ومعتبرة شرعًا.
هل تقلل سرعة القراءة من الأجر؟
وفي سياق متصل، طرح أحد المتابعين سؤالًا آخر حول حكم قراءة القرآن بسرعة، وما إذا كان ذلك يؤثر على الثواب.
أجاب الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحًا أن قراءة القرآن بسرعة جائزة، بشرط أن يكون القارئ محافظًا على نطق الحروف بشكل صحيح، وألا تكون قراءته مجرد تلاوة سريعة دون تدبر.
وأشار ممدوح إلى أن القراءة بسرعة تُعرف في علم التجويد باسم “الحدر”، وهي واحدة من مراتب التلاوة الثلاث، التي تشمل أيضًا “التحقيق” وهو القراءة ببطء شديد مع تدبر وتأمل، و”التدوير” الذي يمثل حلاً وسطًا بين الحدر والتحقيق.
وأكد أن الهدف الأساسي من التلاوة هو فهم المعاني وتدبر الآيات، وبالتالي فإن السرعة التي تؤثر على وضوح النطق أو تمنع التدبر قد تؤثر على الأجر، أما إذا كانت القراءة سليمة فلا حرج فيها.
حكم قراءة القرآن من الهاتف بدون وضوء
أحد الأسئلة الشائعة التي تطرقت إليها دار الإفتاء هو مدى جواز قراءة القرآن من الهاتف المحمول دون وضوء.
أكد الدكتور أحمد ممدوح أن ذلك جائز شرعًا، لأن الهاتف لا يُعد مصحفًا ورقيًا حقيقيًا، ومن ثم لا ينطبق عليه الحكم الشرعي الذي يمنع غير المتوضئ من لمس المصحف.
وأوضح أن الأحكام الفقهية المتعلقة بضرورة الطهارة عند لمس المصحف الورقي تستند إلى أن المصحف في صورته التقليدية له حرمة خاصة، أما المصحف الإلكتروني فهو مجرد نصوص معروضة على الشاشة وليست في صورة أوراق ملموسة، مما يجعل الحكم مختلفًا.
هل يجوز قراءة القرآن على جنابة؟
وحول مسألة قراءة القرآن على جنابة، أكدت دار الإفتاء المصرية أن هناك آدابًا لتلاوة القرآن الكريم تشمل الطهارة والنظافة، والجلوس في مكان طاهر، واستقبال القبلة بخشوع، مع مراعاة أحكام التلاوة والتجويد.
لكن فيما يخص الأحكام الفقهية، أوضحت دار الإفتاء أن الفقهاء أجمعوا على أنه يجوز للمسلم قراءة شيء من القرآن الكريم في جميع الأحوال، بشرط ألا يكون القارئ ينوي بذلك التلاوة التعبدية، وإنما لمطلق الذكر أو الدعاء أو الرقية الشرعية.
كما فرّقت الفتاوى بين حالتين فيما يتعلق بقراءة المحدث للقرآن الكريم:
1. إذا كان الحدث أصغر (أي فقدان الوضوء العادي)، فيجوز للمسلم قراءة القرآن من غير وضوء، وذلك باتفاق الفقهاء. واستندوا في ذلك إلى حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي جاء فيه: “أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه”، مما يدل على جواز الذكر وقراءة القرآن في كل الأوقات.
2. إذا كان الحدث أكبر (أي الجنابة)، فقد أجمع الفقهاء على عدم جواز قراءة القرآن بصيغة التلاوة العادية، ولكن يجوز للمسلم أن يردد آيات من القرآن على سبيل الذكر أو الدعاء أو الرقية، دون الإمساك بالمصحف أو التلاوة الكاملة.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن قراءة القرآن من الهاتف المحمول جائزة تمامًا، ولا فرق في الثواب بين المصحف الورقي والمصحف الإلكتروني، كما أن قراءة القرآن بسرعة جائزة بشرط عدم الإخلال بالنطق الصحيح أو فقدان التدبر. كما يجوز قراءة القرآن من الهاتف المحمول بدون وضوء، نظرًا لعدم اعتباره مصحفًا ملموسًا، أما بالنسبة للقراءة على جنابة، فلا تجوز بصيغة التلاوة العادية، ولكن يمكن ترديد الآيات في سياق الذكر والدعاء.