
في خطوة تصعيدية جديدة، دخلت العقوبات الأمريكية على السودان حيّز التنفيذ، مساء الجمعة، بعد اتهامات وصفتها واشنطن بأنها “موثقة وخطيرة”. بشأن استخدام الجيش السوداني أسلحة كيماوية وبيولوجية في الحرب المستمرة ضد قوات الدعم السريع ومدنيين. فما طبيعة تلك العقوبات؟ وما الأدلة التي استندت عليها واشنطن في اتهامها للجيش السوداني؟
مضمون العقوبات الجديدة
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن العقوبات تستند إلى قانون مراقبة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والقضاء عليها لعام 1991. الذي ينص على حزم عقوبات فورية وأخرى لاحقة في حال استمرار الانتهاكات.
وتشمل العقوبات الحالية:
- وقف جميع أنواع المساعدات الأميركية إلى السودان، باستثناء الإنسانية العاجلة.
- حظر بيع أو تمويل أي خدمات دفاعية أو تكنولوجية ذات صلة بالأمن القومي.
- منع السودان من الاستفادة من أي دعم مالي أو ائتماني من مؤسسات أميركية، بما فيها بنك التصدير والاستيراد.
- وقف تراخيص التصدير المرتبطة بقطاعي الدفاع والطيران، باستثناء الشركات المدنية الأميركية العاملة في السودان.
ووفق القانون الأمريكي، فإن العقوبات قابلة للتصعيد بعد 90 يومًا إذا لم يمتثل السودان لشروط واشنطن. وهو ما قد يؤدي إلى فرض عزلة اقتصادية أوسع، تشمل قطع المساعدات الدولية، ومنع الطيران السوداني من استخدام الأجواء الأميركية. وتقليص التمثيل الدبلوماسي.
واشنطن: “أدلة دامغة“
وفي بيانها الرسمي، أكدت الخارجية الأمريكية امتلاكها “أدلة موثوقة” على استخدام الجيش السوداني أسلحة كيماوية في الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. قائلة إن هذه الانتهاكات تشكّل خرقًا سافرًا للقانون الدولي واتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، التي وقّع عليها السودان.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق عن أربعة مسؤولين أمريكيين تأكيدهم استخدام الجيش السوداني لغاز الكلور مرتين على الأقل. ما تسبب بإصابات بشرية خطيرة ونفوق حيوانات، فضلًا عن تلوث المياه في بعض المناطق النائية شمال دارفور.
وفي شهادات محلية حصلت عليها مواقع إخبارية، أفاد سكان بمنطقتي مليط والكومة بظهور أعراض مروعة بعد الغارات الجوية، من بينها احتراق الجثامين وانتفاخها، ونفوق جماعي للحيوانات، وتحول لون المياه والتربة.
رد الخرطوم: “مزاعم بلا دليل“
من جانبها، رفضت الحكومة السودانية الاتهامات، الشهر الماضي، ووصفتها بأنها “محض افتراء سياسي”، واعتبرتها محاولة لابتزاز سياسي لا تستند إلى وقائع.
وقالت وزارة الإعلام السودانية إن “القرارات الأمريكية أحادية ومجحفة، وتفتقر إلى الأساس القانوني والأخلاقي، وستفاقم الأزمة بدلًا من حلّها”.
وفي وقت سابق من هذا العام، فرضت واشنطن أيضًا عقوبات على قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، واتهمته بـ”عرقلة الانتقال الديمقراطي”، كما اتهمت قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بارتكاب أعمال إبادة جماعية.
كارثة إنسانية
ويأتي هذا التطور في وقت يعيش فيه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث نزح نحو 12 مليون شخص داخليًا وخارجيًا، ويحتاج أكثر من 25 مليون شخص إلى مساعدات غذائية وصحية عاجلة.
ودعت وزارة الخارجية الأمريكية حكومة السودان إلى “الامتثال لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية فورًا، ووقف أي استخدام لهذه الأسلحة الفتاكة”. مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية “ستُواصل العمل على محاسبة كل من يساهم في انتشار هذه الأسلحة”.
ويُذكر أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، الموقعة عام 1993، تُلزم الدول الأعضاء بتدمير مخزوناتها، وقد وقعت عليها معظم دول العالم، بما فيها السودان. بينما لم تُصادق عليها إسرائيل، ورفضت كل من مصر وكوريا الشمالية وجنوب السودان التوقيع.