حكم قول.. أعوذ بالله من كلمة أنا في الإسلام

أجري الحوار: أحمد فؤاد عثمان
في هذا الحوار الخاص لجريدة اليوم مع الدكتور علاء فتحي الغريزي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، وأحد المتخصصين في علوم الشريعة الإسلامية، لمناقشة مسألة شائعة تتعلق باستخدام كلمة “أنا” وما يرافقها من عبارات مثل “وأعوذ بالله من كلمة أنا”.
أوضح الدكتور علاء الأبعاد الشرعية لهذه العبارة من حيث متى تكون جائزة ومتى تكون مذمومة، مستندًا إلى الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ليضع الأمور في نصابها الصحيح.
دكتور علاء، نسمع كثيرا مقولة: “أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا”، فهل لهذه العبارة أصل في الشرع؟
أولا بسم الله الرحمن الرحيم، استخدام كلمة “أنا” جائز في الإسلام إذا استُخدمت في سياق صحيح ومناسب، ولم يُقصد بها الكبر أو التعالي على الآخرين، فهي تعبير طبيعي عن الذات، وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا حرج في قولها طالما كانت خالية من الرياء أو التفاخر.
هل يمكن أن تعطينا أمثلة من النصوص الشرعية على استخدام كلمة “أنا”؟
بالطبع هناك أمثلة عديدة، وعلى سبيل المثال، ورد في القرآن الكريم قول جبريل عليه السلام لمريم عليها السلام: (قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا).
كذلك، النبي ﷺ قال في صحيح مسلم: “أنا سيد ولد آدم ولا فخر”، وهذا بيان لفضل منحه الله له دون أي تعال، وأيضا، في حديث عن أبي هريرة في صحيح مسلم، سأل النبي ﷺ الصحابة: “من أصبح منكم اليوم صائما؟” فقال أبو بكر: “أنا”، وهكذا استُخدمت كلمة “أنا” للتعبير عن الذات دون أي مذمة.
متى تكون كلمة “أنا” مذمومة أو مكروهة؟
تكون مذمومة إذا قيلت على سبيل الكبر، أو الغرور أو تعظيم النفس، ومثال ذلك، ما ورد عن إبليس عندما قال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، فهذا استخدام مذموم لأنها اقترنت بالكبر والتعالي،
كما تُكره الكلمة عند طرق الباب دون توضيح الهوية، فقد ورد عن النبي ﷺ عندما طرق عليه جابر بن عبد الله الباب وقال: “أنا”، فكرهها النبي وقال: “أنا انا”، كأنه كرهها، والسبب في ذلك أن “أنا” لا تعرّف السائل، وقد تؤدي إلى لبس.
ما هو الضابط الشرعي إذن لاستخدام كلمة “أنا”؟
الضابط الشرعي هو أن تُقال للتعبير عن النفس دون كبر أو غرور، وهي جائزة عندما تُستخدم بتواضع، أو لتوضيح موقف أو إجابة سؤال، أما إذا اقترنت بالكبرياء أو الاستعلاء، فهي مذمومة.
ما هي نصيحتكم لمن يردد عبارة “وأعوذ بالله من كلمة أنا”؟
أقول لهم: لا داعي للمبالغة، فكلمة “أنا” في ذاتها ليست مذمومة، بل هي تعبير طبيعي عن الذات، والمهم هو نية القائل والسياق الذي تُستخدم فيه، والإسلام دين التوازن، فلا نبالغ في التحسس من الكلمات ما دامت تُستخدم بشكل مشروع.
وفي ختام هذا الحوار، يتضح لنا أن الإسلام دين توازن واعتدال، يوجهنا إلى استخدام الكلمات بوعي ونية صادقة بعيدًا عن الكبر والرياء، ونشكر الدكتور علاء فتحي الغريزي على هذا التوضيح القيم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه.