حوارات

الفوسفات المصرى الخامس عالميًا من حيث الجودة  

الكنز الذى يحقق استغلاله أعلي عائد اقتصادي ..

حوار :أميرة عماره

 مصر مليئة بالخيرات، ومع التطور والطفرة التكنولوجية الغير مسبوقة، وتوجيه قيادة سياسية واعية، جعلتنا نبحث في كل حبة رمل من أرض مصر وما تحويه من خيرات؛ لتحقق لبلدنا مصر رفعة اقتصادية وعلمية وجاء حديثنا عن الفوسفات مع  دكتور على بركات رئيس شركة السكري الأسبق خبير الثروة المعدنية.

 

في البداية ما هي رواسب الفوسفات وما هي استخداماتها ؟

 

  أوضح د. علي بركات أن رواسب الفوسفات تعتبر من الثروات المعدنية ذات القيمة الاقتصادية العالية، وتسهم أسهامًا مباشرًا في زيادة الدخل القومي للعديد من البلدان، وترجع أهمية رواسب الفوسفات الاقتصادية، لاحتوائها على عنصر الفسفور بتركيزات عالية نسبيًا، ونظرًا لوجود رواسب الفوسفات بكميات كبيرة، وسهولة استخراجها ومعالجتها فإنها تعتبر المصدر المناسب لهذا العنصر المهم الذى يدخل فى عدد كبير من الأغراض من أهمها صناعة الأسمدة الزراعية، وصناعة حمض الفوسفوريك الذي يستخدم بدوره في العديد من الأغراض الصناعية الكيميائية وغيرها.

 

هل مصر تمتلك خام الفوسفات ومتى تم اكتشافه ؟

 

أكد د.بركات أن مصر تعد من بين أهم الدول المنتجة والمصدرة للفوسفات، وقد اكتشفت أول دلائل على وجود رواسب الفوسفات فى مصر فى نهاية القرن التاسع عشرعندما كشف “المستر بارون” فى عام 1897 عن وجود رواسب فوسفات فى المنطقة الواقعة إلى الشرق من مدينة قفط بالقرب من نهر النيل، وذلك فى معرض دراساته الجيولوجية والطبوغرافية للمنطقة

 

وبعد فترة وجيزة من ذلك التاريخ ظهرت دلائل وجود الفوسفات فى الدراسة التى قام بها جون بول” و “بيدنيل” فى واجهة الحافة المحيطة بمنخفض الداخلة-الخارجة بالصحراء الغربية.

 

 ثم توالت اكتشافات رواسب الفوسفات بعد ذلك فى أماكن عديدة من بينها شبه جزيرة سيناء  كان أهمها مواقع بالقرب من القصير، وسفاجا، ووادى النيل؛ مما شجع على تكوين شركات أغلبها برأس مال أجنبى لاستخراج الفوسفات من عدد من المناطق فى مصر أهمها وادى النيل، والبحر الأحمر.

 

وماذا عن استخراج الفوسفات وهل يوجد مصانع لصناعته  في مصر”السوبر فوسفات” ؟

 

 أشار د. بركات أن عملية استخراج الفوسفات من منطقة السباعية أقدم عملية على طريق استخراج الفوسفات فى مصر، قام بها بعض المعدنين الأفراد فى عام 1908

 

وفى عام 1913 منحت شركة إيطالية امتياز استغلال منطقة السباعية، وكونت هذه الشركة بمساعدة بنك روما”الشركة المصرية لاستخراج وتجارة الفوسفات“.

 

 واستمر نشاط الشركة فى تصدير الفوسفات حتى عام 1925 حيث توقف النشاط؛ نظرًا لعدم مقدرة الشركة على تصدير الفوسفات بأسعار مناسبة بحيث يمكنها التغلب على منافسة أسعار الفوسفات المصدرة من شمال غرب أفريقيا في السوق الأوربي.

 

لكن تغير الحال نسبيًا فى مصر بعد ذلك حيث بدأ التفكير فى إنشاء وتوسيع صناعة السوبر فوسفات فى مصر خاصة مصنع كفر الزيات الذى أقيم فى عام 1937؛ مما جعل بعض الشركات الصغيرة تعيد فتح مناجم فوسفات السباعية فى عام 1937 لمد صناعة السوبر فوسفات بما تحتاجه من خام، وفى نفس الوقت تصدير الفائض إلى بلاد اليونان.

 

 وفى أثناء الحرب العالمية الثانية تم تطوير الطاقة الإنتاجية للمصنع، وإنشىء مصنع آخر فى أبى زعبل عام 1946 مما شجع على استمرار النشاط التعدينى بمنطقة السباعية.

 

كيف يتم استغلال رواسب الفوسفات في البحر الأحمر و متى تم إنشاء شركة سفاجا للفوسفات؟ 

 

 

أوضح د.بركات أن استغلال رواسب فوسفات البحر الأحمر بدأ تاليًا باستغلال فوسفات السباعية مباشرة حيث تكونت شركة بريطانية سميت”الشركة المصرية للفوسفات” فى عام 1910 ومنحت حق استغلال الفوسفات من منطقة سفاجا فى عام 1911، وأقامت الشركة خط سكة حديد يربط بين المناجم وميناء التصدير، وبالفعل بدأ فى أواخر عام 1911 تصدير الفوسفات الصخرى للخارج واستمر نشاط الشركة حتى أزمة السويس عام 1956.

 

حيث تم دفع تعويض مناسب للشركة التى أشترتها المؤسسة الاقتصادية، وكونت بدلاً عنها شركة مساهمة مصرية باسم “شركة سفاجا للفوسفات“.

 

 واستمرت فى عمليات استخراج وتصدير الفوسفات، بدلا من الشركة البريطانية

 

متى تم اكتشاف الفسفور ؟

 

أضاف د. بركات أن اكتشف الفسفور فى عام 1669 بواسطة الكيميائى الألمانى “براند واسمه مشتق من الكلمة اليونانية “فوسفورس” (أى حامل النور) وهذه التسمية تعبر عن خاصية من خصائص العنصر الذى يشتعل تلقائيًا فى الهواء، ويتألق فى الظلام، ولم يكن فى بداية الأمر معدودًا من العناصر الكيميائية حتى أثبت ذلك “لافوازييه” فى عام 1772 .

 

 والفسفور أحد العناصر الكيميائية التى  تمتاز بخاصية التآصل  فيوجد منه الفسفور الأصفر، والأحمر والأسود .

 

والفسفور عنصر نشط ولا يوجد فى الطبيعة بصورة منفردة فهو يتحد بالعناصر الأخرى مكونًا مركبات الفوسفور، وعند ملامسته للهواء يتفجر مشتعلًا على الفور؛ لذا فهو يحفظ تحت سطح الماء أو الزيت.

 

 ويوجد الفسفور فى الطبيعة متحدًا بالعناصر الأخرى على هيئة معادن أو مركبات كيميائية مختلفة من أهمها معدن الأباتيت، ويختلف تركيز الفسفور فى الصخور المختلفة فعلى سبيل المثال تحتوى الصخور النارية على أعلى تركيز من الفسفور من بين أنواع الصخور الأخرى، وتحتوى الصخور الرسوبية ذات الأصل العضوى على أعلى نسبة من الفسفور من بين أنواع الصخور الرسوبية الأخرى فالفسفور مكون أساسى للمادة الحية فالنباتات تمتصه من التربة فى صورة فوسفات الكالسيوم ،وتحصل عليه الحيوانات آكلة العشب أو آكلة اللحوم، ويستخدم بعض الفسفور الذى تحصل عليه الحيوانات فى تكوين العظام (تحتوى على حوالى 58 % من فوسفات الكالسيوم)، والباقى يفرز مع المخرجات بعد أن يشترك فى عملية التغير الغذائى داخل جسم الحيوان (الميتابوليزم).

 

كيف نجد رواسب الفوسفات في الطبيعة ؟

 

أشار د.بركات إلي أن رواسب الفوسفات توجد في  الطبيعية التي تعد المصدر الرئيسي لعنصر الفسفور فى عدد من الصور كلها ذات قيمة اقتصادية، كما يوجد أيضًا الفوسفات على شكل مخلفات صناعية فيما يعرف “الخبث القاعدى”، وهو الذى يتخلف عن عملية تحضير الصلب من خامات الحديد الفوسفاتية .

 

وتعتبر المادة المهمة فى رواسب الفوسفات هى ثالث كالسيك الفوسفات، وهذه المادة هى التى تحدد القيمة الاقتصادية للخام، وينبغى أن لا يقل محتوى الراسب الاقتصادى من الفوسفات على أقل من 66 % من هذه المادة  لكن فى كثير من الحالات تنخفض إلى معدلات أدنى وذلك مع تقدم تكنولوجيا التنقية

 

ويتكون الفوسفات الرسوبى من 

عدد كبير من المعادن الحاملة للفوسفور أغلبها يكون عديم التبلور أو خفى التبلور ويمثلها فى الغالب معدن الأباتيت الفلورى أو الهيدروكسيدى أو الفلورى-هيدروكسيدى وغالبًا ما يحل الكلور أو الهيدروكسيد أو الكربونات محل الفلور فى الأباتيت، وغالبًا ما يحتوى خام الفوسفات على نسبة تتراوح بين 3-4 % من الفلور.

 

 

هل الفسفور يمكن أن يستخدم كسماد للتربة؟

 

أضاف د. بركات أن الفسفور لا يعوض بصورة طبيعية فى التربة الزراعية مثل النيتروجين؛ ومن ثم فقد أتضح أن إمداد التربة الزراعية بهذا العنصر أمر ضرورى لاستمرار خصوبتها

 

ويعود الفضل فى تلك المعرفة إلى أبحاث “جوستن فون ليبج” الألمانى (1803-1873)، حيث بين فى كتابه الذى يحمل عنوان “الكيمياء وعلاقتها بالزراعة والأغراض الطبية”: أن النباتات تتناول عناصر معينة من التربة فتنهكها ولوقف إنهاك وتدهور التربة الزراعية وللمحافظة على استمرار خصوبتها،

يجب تزويد التربة أو تسميدها بالأسمدة التى تحتوى على العناصر الكيميائية الضرورية وبين أن فوسفات الجير، وأملاح النوشادر مفيدة كأسمدة، وانتشرت آراؤه مع انتشار كتابه وإنشىء فى إنجلترا أول مركز زراعى للقيام بتجارب تتعلق بالتربة والأسمدة.

 

 وفى عام 1843 بدأ مدير المركز فى صنع “سماد السوبر فوسفات”. ومن هنا بدأ الاهتمام برواسب الفوسفات كمصدر أساسى لهذا السماد.

 

ما هي استخدامات الفسفور؟

 

أوضح د.بركات أن  الفسفور يستخدم  فى صناعة الثقاب حيث يحتوى رأس أو طرف عود الثقاب على الفسفور متحدًا مع الكبريت ،والغراء ومادة كيميائية أخرى غنية بالأكسجين تعرف بالعامل المؤكسد (مثل كلورات البوتاسيوم) ، وفى الأغراض العسكرية يستعمل الفسفور فى صنع قذائف المدافع والقنابل اليدوية وفى الأغراض الطبية، وفى صناعة السبائك، خاصة مع النحاس والزنك والحديد..إلخ.

 

 حيث إضافته بنسب محددة إلي هذه الفلزات تسهم بشكل كبير فى تحسين خواصها بدرجة جيدة وفى صناعة حمض الفسفوريك الذى يستعمل بدوره فى العديد من الأغراض، وفى صناعة مركبات الفسفور العضوية التى تستعمل كمبيدات حشرية، وفى تحضير خامس أكسيد الفسفور الذى يستخدم كمادة مجففه.

 

 

أين توجد رواسب خام الفوسفات في مصر؟

 

 

أشار د. بركات أن غالبية الرواسب الاقتصادية لخام الفوسفات الموجودة فى مصر تتركز فى حزام عريض نسبيًا (حوالى 200 كم)، ويمتد لمسافة تقارب 400 كم من الداخلة فى الغرب إلى سفاجا ،والقصير فى الشرق

 

وهذا الحزام يمثل الطرف الشرقي من حزام الفوسفات الكبير في شمال أفريقيا، والذي يمتد من المحيط الأطلنطي غربًا حتى مصر شرقًا، ويمتد شرقًا فيظهر في الأردن وفلسطين

 

هل تكاليف استخراج رواسب خام الفوسفات في مصر مرتفعة ؟

 

أوضح د.بركات أن رواسب خام الفوسفات في مصر تتميز  بوجودها بالقرب من سطح الأرض أو على أعماق غير كبيرة تحت سطح الأرض (عدا رواسب فوسفات هضبة أبو طرطور)، الأمر الذي يقلل من تكاليف استخراجها ويجعلها رواسب ذات قيمة اقتصادية، ولم يتم تقييم رواسب خام الفوسفات في سيناء ومن ثم فإن الاحتياطيات المعروفة من خام الفوسفات في سيناء لا تعتبر اقتصادية، وتستغل رواسب الفوسفات ذات العائد الاقتصادي في مصر من ثلاث مناطق أساسية هي:

1) الصحراء الشرقية بالقرب من ساحل البحر الأحمر:

في المنطقة الممتدة من مدينة سفاجا شمالًا، وحتى مدينة القصير جنوبًا، وقد نضبت الكثير من المناجم التحت سطحية بهذه المنطقة والإنتاج السنوي الحالي منها صغير نسبيًا.

 ويتوقع  وجود رواسب اقتصادية في مناطق جديدة لاستغلالها بطريق المنجم المكشوف.

 

 

2) منطقة وادى النيل:

وتعتبر حاليًا المنتج الرئيسي لخام الفوسفات في مصر وتنحصر في مناطق السباعية، والمحاميد، وما حولهما شرق وغرب نهر النيل.

 

 

3) منطقة أبوطرطور (الوادى الجديد) يعود إكتشاف الفوسفات في الصحراء الغربية لأوائل القرن العشرين، وخلال فترة الستينات من ذلك القرن تم الاهتمام برواسب الفوسفات في هضبة أبو طرطور.

 

 ويتكون خام فوسفات أبو طرطور من خليط من معادن ومواد فوسفاتية، كالأباتيت الكربوناتى، والكلوفين، والفرانكوليت، والدهليت والويفليت، والمانجان أباتيت، ومعادن غير فوسفاتية كالدولوميت، والأنكريت، والمونتمورلونيت والكالسيت والجبسمانهدريت وأكاسيد الحديد والبيريت – ميلنيكوفيت والمركزيت والجلوكونيت والكوارتز وبعض المواد الكربونية.

 

ويعتبر وجود معدن البيريت فى راسب فوسفات أبو طرطور، من العوامل التى تقلل من جودة الخام وتتراوح نسبة خامس أكسيد الفسفور فى الخام بين 4, 23 إلى 28 %، وقد ترتفع إلى حوالى 30 % ، وقد توصلت الأبحاث التى تمت على منطقة مساحتها 6,108 كم مربع إلى أن كمية الخام تبلغ حوالى مليار طن، لكن النسبة الأكبر من خام فوسفات أبو طرطور تتواجد على أعماق كبيرة من سطح هضبة أبو طرطور الأمر الذي أدى إلى زيادة تكلفة الاستخراج بدرجة تقلل كثيرًا من العائد الاقتصادي من وراء عمليات استغلال الخام وفى غالبية رواسب الفوسفات المصرى تتراوح نسبة ثالث كالسيك الفوسفات بين 30 إلى 75 %.

 

 

في النهاية هل الفوسفات المصرى ذات جودة عالمية وكيف يتم صناعة “السوبر فوسفات”؟

 

 

 أضاف د.بركات  كانت صناعة “السوبر فوسفات” تحتاج إلى أن يكون الخام غنى بثالث كالسيك الفوسفات فإن النسبة الغالبة من الفوسفات المصرى تعتبر مقبولة فى هذه الصناعة، وقد نال خام الفوسفات المصرى شهرة عالمية كبيرة حيث صنف الخامس من حيث الجودة على مستوى العالم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى