بوادر أزمة دبلوماسية.. ماذا يحدث بين السودان وإثيوبيا وما علاقته بسد النهضة؟

تثير تصريحات وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، التي وجه فيها انتقادات حادة للنظام الإثيوبي، وهو ما رد عليه الأخير باستدعاء سفير الخرطوم لدى أديس أبابا، تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكذا قضية سد النهضة التي كانت محور تصريحات الوزير السوداني تجاه إثيوبيا.
مؤخرًا، قال وزير الخارجية السوداني في تصريحات متلفزة إن السودان يقف إلى جانب مصر إذا فشل الحوار بشأن سد النهضة الإثيوبي، وإن خيار الحرب سيظل مفتوحاً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يضمن حقوق الدول الثلاث في مياه النيل
هذه التصريحات ردت عليها إثيوبيا باستدعاء السفير السوداني ، الزين إبراهيم، وأبلغته رفضها لتصريحات وزير الخارجية السوداني.
وفي ضوء هذه التصريحات والإجراءات المتبادلة بين الطرفين، يسعى موقع “اليوم” إلى رصد ما يحدث بين البلدين وهل يمثل حقًا بوادر أزمة أم أنه مجرد ذوبعة في فنجان، وما علاقة ذلك بملف السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق وترفض إجراءات إثيوبيا الأحادية كلا من القاهرة والخرطوم، إلى جانب رصد تداعيات ذلك على الحرب الأهلية السودانية ومستقبل العلاقات بين إثيوبيا والسودان.
تفسير خاطئ
قالت الكاتبة الصحفية المتخصصة في الشأن الإفريقي، صباح موسى، إن تصريحات وزير الخارجية السوداني الأخيرة حول ملف “سد النهضة” تم تفسيرها بشكل خاطئ.
وأوضحت في تصريحات لموقع “اليوم” أن الوزير لم يكن يقصد الدعوة إلى الحرب ضد إثيوبيا، بل أكد على أن السودان ومصر يواجهان ضررًا مشتركًا بسبب السياسات الإثيوبية المتعنتة في المفاوضات المتعلقة بالسد، والتي استمرت لأكثر من عقد دون نتائج ملموسة.
وأشارت موسى إلى أن وزير الخارجية السوداني كان يتحدث عن التنسيق الدبلوماسي بين السودان ومصر في حال استمرار التعنت الإثيوبي، خاصة أن تأثيرات سد النهضة تشمل الجوانب الفنية، مثل تأثيره المباشر على سد “الروصيرص” السوداني، بالإضافة إلى تأثيره على الزراعة والري في شرق السودان نتيجة التحكم الإثيوبي في عمليات الملء والتفريغ.
وفيما يتعلق بموقف إثيوبيا، ذكرت موسى أن استدعاء أديس أبابا للسفير السوداني جاء على خلفية سوء فهم للتصريحات، مشيرة إلى أن الوزير السوداني أوضح لاحقًا أنه يدعو إلى الحوار لحل الأزمة وليس الحرب.
وأضافت أن سياسات إثيوبيا الأحادية في التعامل مع ملف السد تُفاقم الأزمات في المنطقة.
حالة فتور
وأشارت الكاتبة الصحفية إلى أن العلاقات بين السودان وإثيوبيا تشهد حالة من الفتور منذ اندلاع الحرب في السودان.
وأوضحت أن إثيوبيا، على الرغم من عدم قطع العلاقات مع السودان، تتبنى أجندة واضحة في الصراع السوداني تميل إلى دعم قوات الدعم السريع، وهو ما أدى إلى حالة من التوتر بينها وبين الدولة السودانية.
وتابعت موسى أن الأزمة بين السودان وإثيوبيا ليست وليدة تصريحات وزير الخارجية السوداني الأخيرة، بل هي أزمة ممتدة تفاقمت بسبب مواقف إثيوبيا في ملفات متعددة، أبرزها:
-
التعامل مع ملف سد النهضة، الذي اتسم بالتعنت والانفراد بالقرارات دون مراعاة لمصالح السودان.
-
الدور الإثيوبي في الحرب السودانية، والذي كشف، وفقًا لموسى، عن انحياز واضح ضد الدولة السودانية.
وأضافت موسى أن السودان منشغل حاليًا بأزمته الداخلية وحربه الدائرة، مما يجعله غير قادر على التصعيد السياسي أو التحدث بوضوح عن هذه الخلافات.
ومع ذلك، أصبح واضحًا للسودانيين أن إثيوبيا لم تكن تقف موقف الجار والصديق خلال هذه الأزمات.
السودان وإثيوبيا
وعن العلاقات بين السودان وإثيوبيا، وصفت موسى الموقف الإثيوبي تجاه الحرب السودانية بـ”غير العادل”، حيث دعمت إثيوبيا بعض الميليشيات المتمردة، ما زاد من التوترات بين البلدين.
كما أكدت أن إثيوبيا تواجه أزمات داخلية كبيرة، أبرزها النزاعات العرقية والحروب مع جماعات مثل تيغراي والأمهرة وميليشيات “فانو”، مما يُضعف استقرارها الداخلي.
ووصفت موسى إثيوبيا بأنها “دولة مارقة” تسعى لتحقيق مصالحها الإقليمية بشكل أحادي، دون مراعاة لمصالح الدول المجاورة، مؤكدة على أهمية التنسيق المصري السوداني للتعامل مع هذه التحديات.
واختتمت تصريحها بقولها إن العلاقات بين البلدين متوترة على خلفية سياسات إثيوبيا في الإقليم، مما يدفع السودان إلى إعادة تقييم مواقفه تجاهها، خاصة بعد أن أدرك أن إثيوبيا لم تكن داعمة له في أزماته الكبرى.