واشنطن تعيد تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية”

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، تصنيف جماعة الحوثي، المعروفة بـ”أنصار الله”، منظمة إرهابية أجنبية، تنفيذًا لأحد الوعود الأولى التي قطعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه منصبه.
وجاء في بيان الخارجية الأمريكية أن “أنشطة الحوثيين تشكل تهديدًا لأمن المدنيين والموظفين الأمريكيين في الشرق الأوسط، كما تعرض سلامة أقرب شركائنا الإقليميين واستقرار التجارة البحرية العالمية للخطر”، وذلك وفقًا للأمر التنفيذي رقم 14175 الصادر عن الرئيس ترامب.
خلفية النزاع وتصعيد الهجمات
اندلع النزاع في اليمن عام 2014 مع سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة في شمال البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
ومنذ نوفمبر 2023، نفذت الجماعة مئات الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، واستهدفت القوات الأمريكية التي تؤمن حرية الملاحة في المنطقة وتحمي الشركاء الإقليميين.
وقد ركز الحوثيون هجماتهم على سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل، كما استهدفوا الداخل الإسرائيلي، في إطار تضامنهم مع قطاع غزة الذي تعرض لعدوان وإبادة جماعية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بغطاء أمريكي.
وردًّا على هذه الهجمات، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع الحوثيين في اليمن منذ مطلع 2024.
وفي المقابل، أعلنت الجماعة أنها تعتبر السفن الأمريكية والبريطانية أهدافًا عسكرية، متعهدة بتوسيع هجماتها لتشمل البحر العربي والمحيط الهندي وأي منطقة تصل إليها أسلحتها.
ولم تقتصر الضربات على واشنطن ولندن، بل قصفت إسرائيل أيضًا مواقع للحوثيين داخل اليمن، خصوصًا في صنعاء، مهددة بـ”ملاحقة” قادة الجماعة، في محاولة لكبح قدراتهم العسكرية المتزايدة وتأثيرهم في الصراع الإقليمي.قرار إدارة ترامب وإعادة التصنيف
قرار إدارة ترامب وإعادة التصنيف
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يعيد تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية”، وهو تصنيف كانت إدارته قد فرضته لأول مرة في يناير 2021.
وعند استلام الرئيس جو بايدن منصبه، قام برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، لكنه عاد لاحقًا لإدراجهم كمنظمة إرهابية عالمية (SDGT) في يناير من هذا العام، استجابةً لمطالب الأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية.
وأوضحت الخارجية الأمريكية أن واشنطن “لن تتسامح مع أي دولة تتعامل مع منظمات إرهابية مثل الحوثيين تحت غطاء الأنشطة التجارية المشروعة”، مؤكدة أن هذه الخطوة تعكس التزام إدارة ترامب بحماية المصالح الأمنية الأمريكية وسلامة المواطنين، كما تساهم في الحد من الدعم الذي تتلقاه الجماعات الإرهابية.
الفرق بين التصنيفات الإرهابية
عندما أدرجت إدارة ترامب الحوثيين على قائمة الإرهاب لأول مرة، تم تصنيفهم ضمن فئتين:
- منظمة إرهابية أجنبية (FTO)
- منظمة إرهابية عالمية (SDGT)
يُعتبر تصنيف SDGT أكثر تأثيرًا على المستوى الدولي، حيث يستهدف الأصول المالية العالمية للجماعة ويوسع نطاق العقوبات على الأفراد والجهات التي تتعامل معها.
لكنه، في المقابل، أكثر مرونة من FTO، حيث يسمح باستثناءات للمساعدات الإنسانية.
ورفع الرئيس السابق بايدن هذا التصنيف عند توليه منصبه لمنع كارثة إنسانية في اليمن، لكنه عاد لإدراج الحوثيين كـمنظمة إرهابية عالمية SDGT هذا العام، مراعيًا ضرورة استمرار المساعدات الإنسانية وفقًا لنداءات الأمم المتحدة.
موقف الخارجية الأمريكية
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن هذا القرار يمثل تنفيذًا لأحد تعهدات الرئيس ترامب، مشددًا على أن “أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأمريكيين، وتعرض استقرار التجارة البحرية العالمية للخطر”.
وأضاف أن الولايات المتحدة “لن تتهاون مع أي جهة تتعامل مع الحوثيين تحت مسمى الأعمال التجارية المشروعة”.
وأكد روبيو أن تصنيفات الإرهاب تلعب دورًا أساسيًا في مكافحة التهديدات الإرهابية، حيث تسهم في الحد من الدعم المالي والسياسي الذي تتلقاه الجماعة، مما يزيد من الضغط عليها إقليميًا ودوليًا.
تحركات دبلوماسية وردود فعل
تواصلت الإدارة الأمريكية مع شركائها الإقليميين لبحث تداعيات القرار، وأجرى وزير الخارجية الأمريكي اتصالًا بنظيره العماني بدر البوسعيدي، حيث شدد على ضرورة وقف “الهجمات غير المشروعة” التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر والممرات البحرية المجاورة.
وفي سياق متصل، قال مسؤولان أمريكيان إن جماعة الحوثي أطلقت مؤخرًا صواريخ سطح-جو على طائرة مقاتلة أمريكية وطائرة مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، لكنها لم تصب أيًا منهما.
من جهة أخرى، أعربت واشنطن عن تقديرها لجهود سلطنة عمان في تسهيل الإفراج عن طاقم السفينة MV Galaxy Leader، التي احتجزها الحوثيون لأكثر من عام.
تداعيات القرار
يُتوقع أن يؤدي هذا التصنيف إلى فرض عقوبات مشددة على الجماعة، مما يعزلها ماليًا وسياسيًا على المستوى الدولي، كما سيؤثر على تعاملاتها مع أطراف خارجية.
ومع ذلك، أكدت واشنطن أن العقوبات ستُطبق بشكل لا يعيق جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية لليمنيين.